بعدما ذاع صيتها في معظم قارات العالم وعملت في أكثر من 30 دولة من أوروبا وإفريقيا وأوروبا وآسيا، كشف مسؤولون أميركيون وبريطانيون، أن عناصر يعملون لحساب مجموعة "فاجنر" الروسية المسلحة حملوا السلاح في أوكرانيا، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وأوضحت الصحيفة أن المجموعة الروسية عملت للمرة الأولى في أوكرانيا عام 2014، أثناء ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ومنذ ذلك الحين، ظهر مقاتلوها في ساحات القتال المختلفة من سوريا مروراً بليبيا إلى مالي، وفقاً لبيان الاتحاد الأوروبي ديسمبر الماضي.
ويتركز حوالي 1000 من عناصر "فاجنر" في شرق أوكرانيا في إطار الغزو الروسي المستمر للبلاد، بحسب الصحيفة، إذ قال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، إن موسكو أعادت تركيز جهودها الحربية بعد فشلها في الاستيلاء على العاصمة كييف. كما زعمت المخابرات الألمانية، الأسبوع الجاري، أنها اعترض اتصالات تربط "فاجنر" بعمليات القتل العشوائي للمدنيين الأوكرانيين.
في المقابل، نفى المسؤولون الروس صلاتهم بالمجموعة التي لا تزال مصادر تمويلها غير واضحة، ولكن الخبراء يقولون إن لها علاقات عميقة مع الكرملين، وتعمل كأداة تكتيكية لموسكو في المناطق الساخنة التي لدى روسيا مصالح سياسية ومالية فيها.
وفي ما يلي بعض الحقائق حول مجموعة "فاجنر" وما تفعله في أوكرانيا، حسب "واشنطن بوست".
مَن هي "فاجنر"؟
هي مجموعة من المنظمات التي توفر مقاتلين للعمل كمرتزقة، ويقول الخبراء إن لديها ما يقدر بنحو 5 آلاف مقاتل.
ونقلت الصحيفة عن الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، صمويل راماني، قوله إن صفوف المجموعة تتكون في الأساس من الروس من ذوي الخبرات العسكرية، ولكنها في السنوات الأخيرة جندت مقاتلين من أماكن أخرى، بما في ذلك سوريا.
ووفقاً لبحث أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، فإنه يُشتبه في أن "فاجنر" عملت في حوالي 30 دولة ولديها معسكرين للتدريب في روسيا. ورغم أنها ظاهرياً تبدو مجموعة تابعة للقطاع الخاص، فإن "إدارتها وعملياتها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع العسكري والاستخباراتي الروسي في عهد الرئيس فلاديمير بوتين" وذلك وفقاً للمركز.
وربطت وكالات الاستخبارات الغربية والتقارير الإخبارية "فاجنر" بالأوليجارشي الروسي يفجيني بريغوجين، حليف بوتين الذي اتهمه المستشار الخاص للولايات المتحدة روبرت مولر، بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، والذي يعتقد المحللون إنه وسيط الكرملين في تمويل المجموعة.
ومن غير الواضح أيضاً مَن يقود "فاجنر"، ولكن وفقاً لمسؤولين أميركيين وأوروبيين، فإن قائدها ديمتري أوتكين، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات العسكرية الأجنبية الروسية، إذ يعتقد راماني أن أوتكين من المتعاطفين مع النازية، وأنه ربما اختار لها هذا الاسم نسبة للموسيقار الألماني ريتشارد فاجنر الذي كان أدولف هتلر من المعجبين بموسيقاه.
وفرض الاتحاد الأوروبي في ديسمبر الماضي عقوبات جديدة على "فاجنر" في محاولة منه لردع بوتين عن غزو أوكرانيا، بحجة أن "المجموعة جنّدت ودرّبت وأرسلت عملاء عسكريين إلى مناطق النزاع حول العالم، لتأجيج العنف ونهب الموارد الطبيعية وترهيب المدنيين، في انتهاك للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان".
كما اتهمت الأمم المتحدة المجموعة بارتكاب جرائم قد يتم وصفها بأنها جرائم حرب.
ماذا تفعل في أوكرانيا؟
أفاد مركز الدراسات الاستراتيجية، بأن "فاجنر" ساعدت في 2014، بتدريب وتنظيم وتسليح الجماعات المسلحة المدعومة من روسيا التي تقاتل للسيطرة على منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا، كما شارك عملاء المجموعة أيضاً في القتال وفي جمع المعلومات الاستخباراتية.
وأضاف المركز أن "فاجنر" كانت جزء من استيلاء روسيا وضمها غير القانوني لشبه جزيرة القرم في أوكرانيا، ويقول المسؤولون الأميركيون إن عناصر المجموعة قد عادوا الآن إلى البلاد من جديد.
ويتابع راماني: "بدأت فاجنر، في يناير الماضي، وسط تهديدات الحرب الروسية، في نقل بعض عناصرها من جمهورية إفريقيا الوسطى إلى شرق أوكرانيا".
بينما قال المتحدث باسم البنتاجون جون كيربي، إن المجموعة لديها حوالي ألف مقاتل في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، وإنه "تم استخدام مقاولي المجموعة في دونباس على مدى السنوات الـ8 الماضية، ولذا فهي تتمتع بخبرة في هذه المنطقة".
ويقول مسؤول، لم تكشف الصحيفة عن هويته، أنه تم اعتقال جواسيس روس في ليبيا يعملون أيضاً لصالح "فاجنر".
ولا يزال عدد مرتزقة "فاجنر" في أوكرانيا ومن أين أتوا أمراً مجهولاً، ورغم وجود مؤشرات على قيام المجموعة بتجنيد مقاتلين من أماكن مثل ليبيا وسوريا، إلا أن كيربي يقول إنه لا يعرف عدد المجندين الذين يعملون في كييف.
أين تعمل؟
وفي السنوات الثماني الماضية، تم الإبلاغ عن وجود قوات "فاجنر" في سوريا وليبيا والسودان ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى ومدغشقر وموزمبيق وفنزويلا، وذلك وفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وفي كثير من الأحيان يتم تجنيدهم لتأمين الأصول الروسية أو الحكومات المضيفة، كما أنهم في أوقات أخرى ينخرطون في ساحات القتال.
ورصد عملاء لـ"فاجنر" يقاتلون في ليبيا وسوريا، بحسب الصحيفة، وقد أشار وجود مقاتلي فاجنر هناك إلى أن روسيا تسعى للحصول على يد أقوى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتعمل "فاجنر" وروسيا أيضاً على توسيع نطاق وصولهما السياسي والمالي في إفريقيا، وحتى الآن، كان للمجموعة شبه العسكرية وجود في 18 دولة إفريقية.
ويقول رئيس قيادة العمليات الخاصة الأميركية في إفريقيا الجنرال ميلتون ساندز لـ"واشنطن بوست": "في كل مرة تدخل المجموعة في أي دولة فإن هذه الدولة تصبح أضعف وأكثر فقراً وأقل أمناً".
وفي مالي التي لديها علاقات منخفضة مع الغرب، قامت "فاجنر" في الأشهر الأخيرة بحراسة القصر الرئاسي كما ساعدوا في تعقب المتطرفين، أما في جمهورية إفريقيا الوسطى، ساعدت المجموعة في دعم حكومة البلاد المحاصرة، وفي المقابل، مُنحت شركة أخرى مرتبطة ببريجوزين تراخيصاً لاستخراج الذهب والماس.
وقال راماني إنه بسبب الغموض الذي يحيط بالمجموعة، فإن العقوبات الغربية ضد الأفراد المرتبطين بها قد يكون لها تأثير ضئيل فقط، مشيراً إلى أنه على عكس الهدف من العقوبات، فإنه يمكن أن يزداد اعتماد موسكو على أرباح "فاجنر" في ظل انخفاض قيمة الأصول الروسية.
اقرأ أيضاً: