
أصبحت أوروبا أكبر مشترٍ في سوق الغاز الطبيعي المُسال عام 2022، بعد أن استوردت المنطقة كميات أكبر بكثير من مشترين منافسين، في إطار سعيها لإيجاد بدائل لإمدادات الغاز المتناقصة من روسيا التي تخضع لعقوبات غربية.
وقال صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، الأحد، إن واردات الغاز الطبيعي المُسال إلى الاتحاد الأوروبي كانت أقل من واردات اليابان والصين في السنوات السابقة، ولكن استخدام روسيا للطاقة "كسلاح" منذ بداية غزو أوكرانيا أجبر التكتل على البحث عن إمدادات وقود بديلة.
وتوقعت استمرار النقص في سوق الغاز الطبيعي المُسال العالمية مع حاجة أوروبا إلى استيراد كميات أكبر لملء خزاناتها في عام 2023، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على مستهلكي الغاز في جميع أنحاء العالم.
ونقلت الصحيفة عن أولوميد أجايي، محلل بيانات الغاز الطبيعي المُسال لدى شركة "ريفينيتيف" الأميركية-البريطانية لبيانات الأسواق المالية، قوله: "عندما ترتفع الأسعار في أوروبا، يتعين على آسيا (زيادة المبالغ التي تدفعها) بناء على ذلك، لتتمكن من المنافسة على جذب شحنات الغاز الطبيعي المسال. أوروبا أصبحت السوق المتميزة".
وارتفعت واردات الغاز الطبيعي المُسال إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2022 بنسبة 58% إلى 101 مليون طن، واستحوذت الكتلة على 24% من واردات الغاز الطبيعي العالمية خلال هذه الفترة، بحسب بيانات شركة "ريفينيتيف".
تراجع الطلب في الصين
من جانبه، يعتقد ناميت شارما، من شركة الاستشارات الأميركية "ماكنزي"، أن انخفاض الطلب في الصين ساعد المساعي الأوروبية، مُوضحاً أن سياسة "صفر كوفيد" الصارمة في بكين أدت إلى تباطؤ الاقتصاد، وانخفاض الطلب على الطاقة في عام 2022.
وأضاف شارما أن أوروبا كانت ستواجه صعوبات في الحصول على الغاز إذا اشترت الصين كميات أكبر من الغاز الطبيعي.
وكانت الصين أكبر مستورد للغاز الطبيعي المُسال في العالم عام 2021 بإجمالي 79 مليون طن، وتراجعت الواردات في عام 2022 إلى 64.5 مليون طن.
وأعادت الصين تصدير جزءاً من الغاز الطبيعي المُسال الفائض إلى أوروبا في 2022، ما ساعد على زيادة مخزون الغاز لدى الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، يحذر محللون من أن أوروبا ستحتاج إلى استيراد المزيد من الغاز الطبيعي المُسال في عام 2023، مع توقف الإمدادات الروسية.
كما يرى المحللون أن تراجع الصين عن سياسة "صفر كوفيد" سيؤدي إلى إحياء الطلب على الغاز الطبيعي المُسال، ولكن ليس بالمستوى الذي كان عليه في عام 2021، إذ نشرت بكين كميات هائلة من الطاقة المتجددة، وتعمل على بناء إمداداتها المحلية من الغاز.
ويمثل الغاز الطبيعي المُسال نحو 35% من إمدادات الغاز في أوروبا الآن، مقارنة بـ20% في العام الماضي، وفقاً لبيانات مؤسسة "بريجل" البحثية.
أدنى مستوى للصادرات الروسية
وفي ديسمبر الماضي، سجلت صادرات الغاز لشركة "غازبروم" الروسية إلى أوروبا أدنى مستوياتها على الإطلاق خلال العقدين الأخيرين.
وفي الوقت الراهن، يتدفق الغاز إلى أوروبا عبر نقطة واحدة فقط من نقاط روسيا العابرة للحدود مع أوكرانيا، ومن خلال إحدى مراحل خط أنابيب "ترك ستريم" عبر تركيا إلى المجر وصربيا.
وانخفضت الصادرات إلى البلدان خارج رابطة الدول المستقلة (التي تضم عدة دول من الاتحاد السوفيتي السابق) بنسبة 44.5%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، لتصل إلى 95.2 مليار متر مكعب.
واتفقت دول الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من شهر ديسمبر الماضي على وضع حد أقصى لأسعار الغاز، بعد أن ناقشت لأشهر مدى جدوى الإجراء في دعم أو تثبيط جهود أوروبا للتعامل مع أزمة الطاقة.
والهدف من وضع سقف لسعر الغاز، مثلما يقول التكتل الأوروبي، هو حماية الأسر والشركات من ارتفاع أسعار الغاز الذي عانت منه أوروبا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وتسبب ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا في رفع التضخم إلى أعلى مستوياته منذ عقود.
اقرأ أيضاً: