في اليوم المئة من الغزو الروسي لأوكرانيا، تعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"النصر" في الحرب التي اعتبرت موسكو أنها حققت "بعض الأهداف"، مؤكدة أنها ستستمرّ حتى تتحقق كل أهدافها.
وتقدّمت القوات الروسية في عمق مدينة سيفيرودونتسك شرقاً، لكن القوات الأوكرانية ما زالت صامدة الجمعة، علماً أن سيطرة موسكو عليها تحقق هدفها المعلن، المتمثل في السيطرة على مقاطعة لوغانسك بأكملها. ويتكبّد الطرفان خسائر ضخمة في المدينة، في معارك شوارع يمكن أن تحدد مسار حرب استنزاف طويلة، كما أفادت وكالة "رويترز".
ونقلت عن حاكم لوغانسك، سيرجي جايداي، قوله: "يؤسفني أن أقول إن الجيش الروسي نجح في شق طريقه إلى عمق المدينة.. يسيطرون على معظم المدينة". وأضاف أن نحو خُمس المدينة باتت الآن "منطقة رمادية" متنازعاً عليها، لافتاً إلى أن المقاتلين الأوكرانيين صامدون في منطقة واحدة، وأخرجوا الروس من بعض الشوارع، كما أسروا 6 جنود روس. وتابع: "أودّ أن أقول للمشككين بوجوب عدم شطب سيفيرودونتسك. من السابق لأوانه فعل ذلك. المدينة صامدة".
"حرب طويلة الأمد"
وزير الدفاع الأوكراني أوليسكي ريزنيكوف، ذكر أن القوات الأوكرانية حققت بعض النجاح في سيفيرودونتسك ليل الخميس - الجمعة. وأضاف ريزنيكوف، الذي كان يتحدث افتراضياً أمام مؤتمر أمني في براتيسلافا، أن أطقم المدفعية الأوكرانية تتدرّب في أوروبا لتشغيل أنظمة صواريخ "هيمارس" HIMARS ونظام الصواريخ متعدّد الإطلاق MLRS التي تعهدت الولايات المتحدة وبريطانيا بتقديمها قبل أيام.
وسُئل متى ستكون أوكرانيا قادرة على عكس مكاسب موسكو وطرد القوات الروسية من شرق أوكرانيا، فأجاب: "لا أستطيع أن أتوقع بالتأكيد الشهر الذي سنطردهم فيه. لكنني آمل بأن يكون فعل ذلك هذا العام خطة واقعية جداً".
ورجّح ريزنيكوف أن يحاول الكرملين "نقل الحرب إلى مرحلة طويلة الأمد"، مضيفاً: "بدلاً من التقدّم، تبني الجيوش الروسية دفاعات متعددة المستويات" في المناطق الجنوبية المحتلة، لا سيّما في خيرسون.
وحضّ ريزنيكوف حلف شمال الأطلسي "الناتو" على أن يدرس، عندما يناقش استراتيجيته للسنوات العشر المقبلة خلال قمة مرتقبة في مدريد أواخر الشهر الجاري، منح أوكرانيا عضوية الحلف "بحكم الأمر الواقع" لا "بحكم القانون". وتابع: "ستكون أوكرانيا أيضاً جزءاً من الاستراتيجية، لأننا أيضاً جزء من الجناح الشرقي لأوروبا، والجانب الشرقي لدول الناتو، والجانب الشرقي من الاتحاد الأوروبي. وأعتقد بأنه سيكون وضعاً مربحاً لكل البلدان".
زيلينسكي: النصر سيكون حليفنا
أما زيلينسكي فشدد على أن "النصر سيكون حليفنا". وقال في تسجيل مصوّر نُشر على تطبيق إنستجرام، في اليوم المئة للغزو الروسي، من أمام مبنى الرئاسة في كييف، وإلى جانبه رئيس الحكومة دينيس شميجال وزعيم الأغلبية البرلمانية ديفيد أراخاميا ورئيس مكتب الرئاسة أندري يرماك والمستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك: "جميعنا هنا، جنودنا هنا، المواطنون، المجتمع، جميعنا هنا للدفاع عن استقلالنا وعن دولتنا منذ مئة يوم".
بودولياك أكد أن كييف لا تخطط لاستخدام قاذفات صواريخ متعددة تتلقاها من الولايات المتحدة، لمهاجمة منشآت في روسيا. وكتب على تويتر: "تشنّ أوكرانيا حرباً دفاعية ولا تخطط لاستخدام منظومة إم إل آر إس لمهاجمة منشآت في روسيا. يعلم شركاؤنا أين تُستخدم أسلحتهم".
وزارة الدفاع البريطانية اعتبرت أن موسكو "لم تحقق أياً من أهدافها الاستراتيجية، قياساً إلى الخطة الأصلية لروسيا"، مستدركة أنها تسيطر على أكثر من 90% من لوغانسك، التي رجّحت سقوطها خلال أسبوعين.
وكتبت الوزارة على تويتر: "بعد فشل الخطة الأولية، من خلال افتراضات تخطيط خاطئة وتنفيذ تكتيكي سيء، كيّفت روسيا تصميمها العملاني للتركيز على دونباس".
موسكو حققت "بعض النتائج"
في المقابل، اعتبر الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، أن قوات بلاده "حققت بعض النتائج" بعد 100 يوم على بدء غزو أوكرانيا، مشيراً إلى "تحرير العديد من القرى (في دونباس) من قوات مسلحة مؤيّدة للنازية في أوكرانيا وأفراد قوميين".
وأضاف: "أحد الأهداف الرئيسة للعملية، هو حماية الناس في جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية... أُعطيت فرصة للناس للبدء بتأسيس حياة هادئة. سيتواصل هذا العمل، حتى تحقيق كل أهداف العملية العسكرية الخاصة".
إلى ذلك، قال الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، بعد لقائه وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو في موسكو، إن الأخير "حدد مهمات جديدة تستهدف تحسين التكتيكات العسكرية". وأضاف: "ستزيد الإجراءات المتخذة بشكل كبير من فعالية المناورات الهجومية، ما يساهم في إجراء العملية الخاصة بوتيرة أسرع".
"ترحيل أطفال" إلى روسيا
في لاهاي، قالت المدعية العامة الأوكرانية إيرينا فِنيديكتوفا إن محققين في قضايا جرائم الحرب في بلادها، يتحرّون صحة مزاعم بترحيل أطفال قسراً إلى روسيا خلال الغزو، في إطار مسعى لإعداد لائحة اتهام بإبادة جماعية.
وأشارت إلى "أكثر من 20 قضية حول نقل أشخاص قسراً" إلى روسيا، وتابعت في حديث لـ"رويترز": "منذ الأيام الأولى للحرب، بدأنا هذه القضية المتعلقة بالإبادة الجماعية... إن هذا النقل القسري للأطفال مهم جداً بالنسبة إلينا".
وكانت سكرتيرة حقوق الإنسان في أوكرانيا، ليودميلا دنيسوفا، ذكرت في منتصف أيار الماضي أن روسيا نقلت أكثر من 210 آلاف طفل خلال الحرب، من بين أكثر من 1.2 مليون أوكراني أعلنت كييف ترحيلهم رغماً عنهم.
بيلاروس وحبوب أوكرانيا
أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أن بلاده مستعدة لبحث إمكانية نقل الحبوب الأوكرانية عبر أراضيها. وقال لصحيفة "بيلاروس توداي": "الآن الجميع يبحث عن لوجستيات... يمكننا التحدث. لا مانع لدينا: إحضار (الحبوب) عبر بيلاروس، ولكن يجب أن تكون هناك تسويات".
في السياق ذاته، قال السفير الأوكراني لدى أنقرة فاسيل بودنار، إن تركيا من بين دول تشتري الحبوب التي سرقتها روسيا من أوكرانيا. وزاد أنه طلب المساعدة من السلطات التركية والشرطة الدولية (الإنتربول)، للتحقيق بشأن الضالعين في شحن الحبوب التي تمرّ عبر المياه التركية.
وذكر أمين عوض، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومنسّق الأمم المتحدة لشؤون أوكرانيا، أن المنظمة الدولية تعمل على الحدّ من "التداعيات المدمّرة (للحرب) على الأمن الغذائي، عبر السعي لإطلاق تجارة الحبوب والسلع الأساسية".
وأضاف: "كانت لهذه الحرب تداعيات غير مقبولة على الناس وأثرت في حياة المدنيين بكل جوانبها. في غضون أكثر بقليل من 3 أشهر، أُرغم حوالى 14 مليون أوكراني على مغادرة منازلهم، معظمهم نساء وأطفال".
وتابع: "لا يوجد منتصر ولن يكون هناك أي طرف منتصر في هذه الحرب. بدلاً من ذلك، شهدنا على مدى مئة يوم ما تمّت خسارته: حياة أشخاص ومنازل ووظائف وفرص"، بحسب وكالة "فرانس برس".
اقرأ أيضاً: