أزمة بورتسودان.. مطالب سياسية أم ولاءات عسكرية؟

time reading iconدقائق القراءة - 4
سفينة في ميناء بورتسودان  - Getty
سفينة في ميناء بورتسودان - Getty
دبي-الشرق

للأسبوع الثاني على التوالي، تجددت الاحتجاجات في منطقة بورتسودان (شرق)، وقام متظاهرون مرة أخرى بتعطيل منشآت حيوية، حيث أغلقوا المطار والميناء الرئيسيين، إلى جانب الطريق الذي يربط المدينة ببقية ولايات البلاد، وذلك تعبيراً عن رفض اتفاق جوبا للسلام الذي وقعته الحكومة العام الماضي في ظل اعتراضات القبائل شرق البلاد.

حلقة برنامج "دائرة الشرق"، ناقشت الأسباب التي تقف وراء هذه الأزمة التي عصفت بمنطقة بورتسودان، وناقشت مع ضيوفها ما إذا كانت التوتر الحاصل يرتبط فعلاً بمطالب سياسية واقتصادية أم أنه يعود لولاءات قبلية وعسكرية.

"احتكار العسكريين للقرار"

عضو التنسيقية المركزية في تحالف قوى الحرية والتغيير فيصل شبو، أشار لـ"الشرق" إلى إن ما يجري في بورتسودان سيكون له تداعيات كبيرة على البلاد، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية، موضحاً أن المنطقة تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة، وتُعد مركز صراع ومطامع سياسية واقتصادية بالنسبة لدول عديدة في المنطقة، ولا سيما تلك التي ليس لديها منافذ بحرية، وذلك في إشارة مبطنة لإثيوبيا التي تقع جنوب شرق السودان.

واعتبر شبو أن "الاتفاق الذي أبرمه شرق السودان يشمل الكثير من النواقص"، وأضاف "نحن في تحالف الحرية والتغيير أشرنا إلى تلك النواقص أثناء التفاوض، وهي إحدى الملفات الخلافية، إذ تنص الوثيقة الدستورية الموقعة في يناير 2019، على أن يكون ملف السلام جزء من مهام الحكومة التنفيذية، لا القوى العسكرية التي استحوذت على الجزء الفاعل في المجلس السيادي".

وتشكّل المجلس السيادي السوداني في أغسطس عام 2019، ويضم 11 عضواً، 5 مدنيين ومثلهم عسكريين، إضافة إلى عضو عسكري متقاعد، ويترأسه الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.

وقال شبو إن "ملف السلام تعرض للاختطاف من قبل العسكريين، حيث أشرف عليه تحديداً قائد قوة الدعم السريع، وهو أحد الأعضاء العسكريين الستة الموجودين في المجلس السيادي، في حين تم تهميش دور الحرية والتغيير والكثير من أهل المناطق السودانية، بما في ذلك الوسط والشمال".

"الحل بالحوار الجاد"

من جانبه، اعتبر العميد الركن متقاعد الدكتور خالد عبيد الله أن مشكلة "شرق السودان" بشكل رئيسي هي بين الحكومة المركزية من جهة، والمكونات السياسية لهذه المنطقة من جهة أخرى.

وأضاف في حديثه لـ"الشرق"، أن "التنافس السلبي بين المكونين المدني والعسكري في المجلس السيادي أدى إلى تفاقم هذه الأزمة، إلى جانب المشكلات الاقتصادية شرق السودان، ولذلك يجب وضع أولويات للتنمية ومواجهة تحديات الصحة والتعليم".

ويرى عبيد الله وهو خبير أمني واستراتيجي أيضاً، أن الحل يكمن في الحوار الجاد الوطني الذي يحقق مطالب أهالي شرق السودان. وقال: "هناك صعوبات تعاني منها تلك المنطقة مثل الفقر والجهل والمرض، لكنها تفاقمت جراء مشكلة (مسار الشرق) وهي أول المطالب الشعبية هناك".

وأضاف: "يجب إلغاء هذا المسار ومن ثم الجلوس والتفاوض. مكونات شرق السودان تضم قبائل البجا والهدندوة وبني عامر والجعليين والهوسا. لا يمكن أن نجعل من اتفاقية جوبا للسلام مشكلة وفتنة جديدة".

ويضم شرق السودان ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف، وهو من أفقر أجزاء البلاد. وفي أكتوبر وقعت الحكومة الانتقالية السودانية في مدينة جوبا اتفاق سلام تاريخي مع عدد من الحركات التي حملت السلاح في عهد الرئيس السابق عمر البشير، بسبب التهميش الاقتصادي والسياسي لهذه المناطق.

وفي الشهر نفسه بعد التوقيع، قامت قبائل البجا في شرق السودان بالاحتجاج وإغلاق ميناء بورتسودان العام الماضي لمدة أيام، اعتراضاً على عدم تمثيلهم في الاتفاق.