ديفيد برنيع.. مسؤول تجنيد الجواسيس على رأس الموساد الإسرائيلي

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برفقة ديفيد برنيع الرئيس الجديد لجهاز الاستخبارات "الموساد" - Twitter/Israelipm_ar
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برفقة ديفيد برنيع الرئيس الجديد لجهاز الاستخبارات "الموساد" - Twitter/Israelipm_ar
دبي -الشرق

يأتي تعيين الرئيس الجديد لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد ديفيد برنيع في سياق جديد تضع فيه تل أبيب عينها على منع إيران من امتلاك السلاح النووي، فمن هو ديفيد برنيع الذي ائتمنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هذه المهمة الحساسة.

خدم برنيع البالغ من العمر 56 عاماً، والحاصل على شهادة الماجستير من جامعة نيويورك في وحدة الاستطلاع في هيئة الأركان العامة المعروفة باسم "سايرت ماتكال"، قبل أن ينضم إلى الموساد في عام 1996.

كما خدم برنيع الملقب أيضاً بـ"ديدي" في أقسام مختلفة بالجهاز، بما في ذلك رئاسته لقسم "تيسوميت" المسؤول عن تجنيد الجواسيس بين عامي 2013 و2019.

وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن برنيع كان معنياً خلال تلك الفترة بتجنيد العملاء للعمل ضد الأهداف ذات الأولوية القصوى بالنسبة للموساد، إيران وحزب الله، فيما أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى أن وحدة تيسوميت فازت بأربع جوائز للأمن القومي خلال رئاسة برنيع لها.

وعمل ديفيد برنيع نائباً لرئيس قسم "كيشيت" للتنصت الإلكتروني، ثم في 2019 تم تعيينه نائباً لرئيس الموساد.

وفي ديسمبر الماضي أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رغبته في تعيين برنيع رئيساً للموساد، خلفاً ليوسي كوهين الذي يرأس الجهاز منذ 2016، لكن المدعي العام أفيخاي ماندلبليت اعترض حينها بأن حكومة لتصريف الأعمال مثل التي يرأسها نتنياهو لا تستطيع (قانوناً) تعيين رئيس دائم للجهاز، وقرَّر تجميد التعيين حتى تشكيل حكومة جديدة، لكن في ظل تعثر تشكيل الحكومة، والحاجة الملحة إلى رئيس دائم للموساد، قرر ماندلبليت التراجع عن رأيه السابق والمضي في تعيين برنيع.

خارج الاستقطاب

ويبدو أنه في ظل الاستقطاب الحزبي الذي تشهده البلاد، إلا أن تعيين برنيع لقيادة الجهاز الاستخباراتي المهم كان بمنأى عن هذا الاستقطاب، فمع إعلان نتنياهو اختيار برنيع، أشاد كل من رئيس الموساد السابق داني ياتوم، ونائب رئيس الجهاز السابق أيضاً رام بين باراك بترشيح برنيع للمنصب.

واعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" هذا الدعم من هذين المسؤولين السابقين اللذين ينتميان لحزب "هناك مستقبل" الوسطي، والمعروفين بنقدهما الشديد لنتنياهو، يعني أن ديفيد برنيع يحظى عموماً باحترام المجتمع الاستخباراتي.

كما أبدى وزير الدفاع بيني غانتس (من تحالف "أزرق أبيض") أيضاً دعمه لتعيين برنيع، مؤكداً أن وزارته ستواصل العمل عن قرب مع الموساد، وستضطلع بدورها في كل مهمة ضرورية في المعركة المهمة للحفاظ على أمن إسرائيل. 

إرث صعب

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إن الرئيس السابق للموساد يوسي كوهين، ترك إرثا صعباً لخليفته، مشيرة إلى بعض العمليات التي اعتبرتها إنجازات لكوهين على الرغم من أن الموساد لم يتبنها صراحة.

 وذكرت الصحيفة أنه في هذا الصدد اغتيال رئيس "القطاع 4" في مركز بحوث جمرايا بسوريا في أغسطس 2018، كما تمت تصفية مهندسين اثنين من "حماس" من خبراء الحركة في تصنيع الطائرات المسيرة، والصواريخ، الأول في ماليزيا الـ22 من أبريل 2018، والثاني في تونس 2016.

وإضافة إلى هذه العمليات، تبرز عمليات كوهين المتعلقة بالصراع مع إيران مثل الاستيلاء على الأرشيف السري النووي لطهران في 2018، وتخريب منشأة نطنز النووية الإيرانية في 2020، واغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في العام نفسه، وهي العمليات التي يعتقد أن الموساد كان ضالعاً فيها بشكل أو بآخر.

لكن الصحيفة أشارت إلى أن الموقع القيادي لديفيد برنيع في الموساد منذ 2013 حتى الآن، يعني أنه كان منخرطاً في جميع أو معظم العمليات التي قادها الرئيس السابق يوسي كوهين.

 سياق جديد

مع ذلك فإن ما يمكن اعتباره نجاحاً للرئيس السابق يوسي كوهين، تم تحقيقه في سياق مختلف تماماً تحت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب التي كانت داعمة بقوة لتل أبيب ولنهجها في التعامل مع طهران، وهو ما يبدو مختلفاً الآن، بحسب "جيروزاليم بوست"، مع الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن الذي تنخرط إدارته في مفاوضات غير مباشرة مع إيران من أجل العودة إلى الاتفاق النووي.

وأشار الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية للجيش الإسرائيلي يوسي كابرواسير، إلى أن هذا السياق الجديد، يفرض تحديين على الاستخبارات الإسرائيلية، الأول يتعلق بالتقدم الحاصل في البرنامج النووي الإيراني، إذ تقترب إيران أكثر فأكثر من امتلاك القدرات التي لا يمكن بعدها لإسرائيل أن تردعها.

ويتمثل التحدي الثاني في احتمالية إبرام الولايات المتحدة وإيران صفقة للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، إذ يبدي كابرواسير تخوفه من أنه بعد إبرام الصفقة فإن المجتمع الدولي لن يهتم بمحاولة الكشف عما إذا كانت إيران تنتهك الاتفاق، وهو ما يعني بحسب كابرواسير أنه على الموساد تكثيف جهوده في هذا الصدد.

استمرار المواجهة

الرئيس الجديد للموساد، والذي يميل، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، كسلفه، إلى المجازفة، أكد في أول تصريحات له بعد تعيينه، التزامه بسياسة المواجهة في ما يتعلق بإيران.

وقال برنيع بحسب موقع "والا" الإسرائيلي: "نحتاج أن نقول بصوت عالٍ وواضح. إيران تعمل ونحن نتحدث على تطبيق رؤيتها النووية بحماية دولية. باتفاق نووي أو بدونه، فإن إيران عبر الأكاذيب والخداع، تحرز تقدماً نحو سلاح نووي".

وفي أول خطاب له، الثلاثاء، هدد برنيع، إيران، ملمحاً إلى المزيد من الاغتيالات لعلمائها النوويين، والمزيد من الهجمات على المنشآت النووية، وذلك بحسب ما ذكرته "جيروزاليم بوست".

وقال برنيع: "سنستمر في التصدي للبرنامج النووي الإيراني بالقوة الكاملة لذراع الموساد الطولى. نحن على معرفة تامة بالعناصر المختلفة للبرامج النووي، كما أننا نعرف على نحو جيد المسؤولين المنخرطين فيه، والمسؤولين الذين يوجهونهم".

لكن على الرغم من استمرار الرئيس الجديد في سياسات المواجهة التي اعتمدها سلفه في ما يتعلق بإيران، فإنه مع ذلك يفضل اتباع نهج مختلف في ما يتعلق بالسياسات الداخلية، إذ نقلت "هآرتس" عن كبار مسؤولي الموساد أن برنيع سيعيد الجهاز إلى دوره كمنظمة غير بارزة تتجنب أنظار الجمهور والتغطية الشخصية التي ميزت حقبة يوسي كوهين.

مهمة أولى

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن تعيين ديفيد برنيع رئيساً جديداً للموساد، مشيراً إلى أن المهمة الأولى للجهاز في عهد الرئيس الجديد هي "منع إيران من امتلاك أسلحة نووية".

وقال نتنياهو خلال إعلان تعيين الرئيس الجديد: "إنني أقدر كثيراً صديقتنا الولايات المتحدة التي كانت إلى جانبنا لسنوات عديدة، لكن قد يكون هناك وضع يصبح فيه هدفنا النهائي هو ضمان ألا يضع الملالي (في إشارة إلى إيران) حداً لوجود الشعب اليهودي"، لافتاً إلى أن وضعاً كهذا سيضطر إسرائيل إلى اتخاذ "قرارات شجاعة ومستقلة".

وتشهد العلاقات بين واشنطن وتل أبيب اختلافاً في وجهات النظر مع سعي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي، وهو ما تعارضه إسرائيل، وتفضل اتباع نهج الرئيس السابق دونالد ترمب في تكثيف الضغط على إيران من خلال العقوبات.

ويحذر مسؤولون إسرائيلون من أن رفع العقوبات المفروضة على إيران مبكراً سيُهدر أفضل وسيلة للضغط من أجل إجبارها على تفكيك البنية التحتية لبرنامجها النووي؛ وذلك مع استئناف المحادثات النووية بين القوى العالمية وطهران.

وتتبادل تل أبيب وطهران الاتهامات حول المسؤولية عن هجمات استهدفت منشآت وسفناً.

وتتهم إيران، إسرائيل، باستهداف منشأة "نطنز" النووية، التي تستخدمها طهران في تخصيب اليورانيوم، كما تتهمها أيضاً بالضلوع في اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده.

وفي مارس الماضي، اتهمت إسرائيل إيران بالوقوف وراء انفجار تعرضت له سفينة إسرائيلية في مياه خليج عمان، وهو ما نفته طهران. ثم في أبريل أصيبت سفينة إيرانية لدى عبورها البحر الأحمر بأضرار جراء انفجار لم تتضح أسبابه. وأشارت تقارير صحافية حينها إلى هجوم إسرائيلي "انتقامي".