الاتحاد الأوروبي: تضامن كامل مع اليونان وقبرص ضد الانتهاكات التركية

time reading iconدقائق القراءة - 8
فرقاطة "كمال رئيس" التركية تبحر في مضيق البوسفور الواصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة - مايو 2019 - REUTERS
فرقاطة "كمال رئيس" التركية تبحر في مضيق البوسفور الواصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة - مايو 2019 - REUTERS
عواصم-وكالات

قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن التكتل أعلن عن تضامنه الكامل مع اليونان وقبرص إزاء الانتهاكات التركية في المتوسط، مشيراً إلى أن اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الذي اختتم أعماله، الجمعة، حث أنقرة على التهدئة الفورية وإعادة الانخراط في الحوار.

ولا تزال فصول التوتر في شرق البحر المتوسط بين تركيا واليونان متواصلة، إذ شددت أثينا على أن "الجنوح التركي" يتعارض مع مبادئ حلف شمال الأطلسي، في حين عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً اليوم الجمعة، لبحث مواضيع عدة من ضمنها العلاقة مع تركيا.

وطالبت النمسا بإعادة "تقييم" العلاقة مع أنقرة، التي أعلنت أن سويسرا عرضت الوساطة وتم قبولها. 

وأشار وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس في سلسلة تغريدات على حسابه في "تويتر"، إلى أن "من الواضح أن الجنوح التركي يقوّض، من بين أمور أخرى، الاستقرار في المنطقة الواسعة، ويتعارض بشكل مباشر مع مبادئ حلف ناتو وتماسكه، ويثير الشكوك حول ما إذا كانت تركيا اليوم تعتنق قيم الغرب نفسها".

وأضاف الوزير معلقاً على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع مصر التي وُقّعت الأسبوع الماضي ورفضتها أنقرة، أن "اتفاقية تركيا مع حكومة المجلس الرئاسي في ليبيا غير قانونية وغير موجودة، ولا أساس لها جغرافياً"، لافتاً إلى أن "مناطقهما البحرية ليست متاخمة، ولا يمكن مقارنة هذه الاتفاقية باتفاقيتنا مع مصر، التي لدينا معها مناطق ساحلية".

وبيّن أن من غير الممكن أن "يكون استمرار واختتام المفاوضات مع مصر التي استمرت أكثر من 15 عاماً، مفاجأة لأنقرة، التي تعرب الآن عن رد فعلها، ولكنها سعت للتوصل إلى اتفاق مماثل مع الدولة نفسها"، لافتاً إلى أن "الرأي القائل إن اتفاقنا مع مصر تسبب في الأزمة الحالية، هو جزء من ممارسة تركيا المعتادة، المتمثلة في لوم طرف ثالث على أفعالها غير القانونية".

وأشار إلى أن الاتفاق مع مصر يخدم المصلحة الوطنية في ظل الظروف السائدة في المنطقة، معرباً عن أمله في أن يكون ذلك بداية لاستمرار ترسيم الحدود البحرية مع مصر ودول أخرى في المنطقة، مؤكداً أن "الاتفاق يضمن بالكامل حق الجزر في الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة، على النحو المنصوص عليه في القانون البحري الدولي".

وتابع أن "التصعيد (التركي) سيؤدي إلى تكثيف الاعتراف الدولي بأن تركيا دولة مضطربة، ما يعني الحاجة إلى اتخاذ إجراءات ضد سلوكها المنهجي والمنحرف"، مشدداً على أن "اليونان بلد مسالم، ولكنها مستعدة دائماً للدفاع الكامل عن سيادتها الوطنية وحقوقها السيادية. ودبلوماسيتها تعمل حتى لا نضطر إلى الوصول إلى حلقة ساخنة". 

ولفت إلى وجود هناك شروط بديهية للحوار. وهي تتعلق أيضاً باحترام القانون الدولي ومبدأ علاقات حسن الجوار. لا يمكن أن يكون هناك حوار في ظل حالة الاستفزازات والأفعال المنحرفة"، مبيناً على أن بلاده و"قبرص في تنسيق مستمر، وهناك فهم للقضايا التي تهمنا".

إعادة تقييم العلاقة

ومن جانبه، قال وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبيرج، إنّ على الاتحاد الأوروبي، أن "يعيد تقييم علاقاته مع تركيا" في ضوء سلسلة الأحداث الأخيرة، مشيراً إلى قلق خاص بشأن الوضع في شرق البحر المتوسط.

وأضاف شالنبيرج في مؤتمر صحافي في فيينا مع نظيره الأميركي مايك بومبيو، إنّ النمسا تشعر بقلق بالغ بشأن الوضع الخطير الذي نعتقد أنه قد يتصاعد".

الحل الدبلوماسي

أما ألمانيا، فشددت على لسان وزير خارجيتها، هايكو ماس، على أن النزاع الدائر في شرق المتوسط لا يمكن حله سوى عبر الحل السياسي والدبلوماسي.

وبيّن في كلمة أمام الصحافيين في برلين قبل انطلاق الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية الأوروبيين، أن بلاده تسعى لحوار مباشر بين أثينا وأنقرة، مطالباً بالتوقف عن الاستفزازات كافة، بما في ذلك عمليات التنقيب التركية، حتى التوصل لحل سياسي، على حد تعبيره.

وأشار الوزير الألماني، إلى أن هدف بلاده هو أن يدخل طرفا النزاع في مفاوضات، ولا يمكن لتركيا أن تواصل عمليات التنقيب أثناء هذه المفاوضات. 

وكان المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، أكّد في تصريحات خاصة لـ"الشرق" أن الموقف لم يتغير تجاه التحركات التركية في البحر المتوسط وليبيا، مشيراً إلى أنه يتعارض مع مصالح الدول الأوروبية.

وسبق أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على تركيا بسبب أنشطة الحفر في شرق المتوسط، ولكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ستستضيف بلاده قمة لدول جنوب الاتحاد الأوروبي المقبل، قال إن وقف الانتهاكات يتطلب المزيد من العقوبات، ومن المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذه القضية، خلال اجتماع، اليوم الجمعة.

سويسرا تتوسط 

وبحسب ما أفادت "رويترز"، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الجمعة، إنه يتعين على فرنسا الكف عن اتخاذ خطوات من شأنها تصعيد التوتر، شرق البحر المتوسط.

وأضاف أوغلو، خلال مؤتمر صحافي، مع نظيره السويسري في برن، أنّ سويسرا عرضت التوسط لحل الخلاف، ووافقت تركيا من حيث المبدأ، محذراً من أنّ أنقرة ستقوم بالرد على اليونان إذا تحرشت بسفينة المسح التركية "أوروتش رئيس" التي تعمل في المنطقة.

وتصاعدت التوترات هذا الأسبوع بعد أن أرسلت تركيا سفينة مسح إلى المنطقة، تحت حراسة سفن حربية، بهدف رسم خارطة بتفاصيل منطقة بحرية للتنقيب المحتمل عن النفط والغاز، وهي منطقة تدعي كلّ من تركيا واليونان خضوعها لولايتها.

حادثة اصطدام 

وشهد الأربعاء الفائت، حادث اصطدام بين سفينة حربية يونانية وأخرى تركية، حيث كانت الأخيرة تتحرك بين قبرص وجزيرة كريت اليونانية، قرب عدد من الفرقاطات اليونانية، عندما اقتربت إحداها وتُدعى "ليمنوس"، من إحدى السفن التي خصصتها تركيا لحراسة "أوروتش رئيس".

وقال مصدر دفاعي يوناني، إنّ الفرقاطة قامت بمناورة لتجنب الاصطدام المباشر، لكن أثناء ذلك لامست مقدمتها مؤخرة الفرقاطة التركية، وأضاف: "لقد كان حادثاً، ولم يلحق بليمنوس أي أضرار".

وشاركت السفينة اليونانية، صباح الخميس، في مناورة عسكرية مشتركة مع فرنسا قبالة جزيرة كريت.

وحذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الخميس، من أنّ أي هجوم على سفينة تركية للتنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط، ​سيتبعه رد تركي مشيراً إلى أنّ تركيا تصرفت بالفعل بناء على هذا التحذير. 

وقال أردوغان في خطاب ألقاه بالعاصمة أنقرة: "قلنا إذا هاجمتم (السفينة) أوروتش رئيس فستدفعون ثمناً باهظاً، وقد وصلتهم أول رسالة اليوم".

ترسيم الحدود والخلافات الإقليمية

وعلى الرغم من أنّ اليونان وتركيا تتشاركان عضوية حلف شمال الأطلسي، لكنّ علاقاتهما مشحونة بالتوترات منذ فترة طويلة.

وتتراوح الخلافات من حدود الجرف القاري البحري والمجال الجوي إلى جزيرة قبرص المقسمة على أساس عرقي. وفي عام 1996 كانت الدولتان على وشك الدخول في حرب، بسبب التنازع على ملكية جزر صغيرة غير مأهولة في بحر إيجه.

وفي 10 أغسطس الفائت، أعلنت تركيا إجراء عمليات مسح جيولوجي بحثاً عن مواد الطاقة في منطقة بحرية متنازع عليها، بعد أيام من الاتفاق الذي وقعته مصر واليونان لترسيم حدودهما البحرية، وتعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما.

وعارضت تركيا اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين اليونان ومصر، واعتبرته "غير قانوني"، واتهمت أثينا بـ"نكث وعودها السابقة، بحل المشكلات الحدودية بينهما في إطار ثنائي"، وذلك رغم أنها، وقعت اتفاقاً مشابهاً مع حكومة المجلس الرئاسي في العاصمة الليبية طرابلس، رفضته اليونان ومصر ودول أخرى.