وصفت الدول الغربية السبت، التقارب الاستراتيجي الحاصل بين روسيا والصين التي تدعم موقف الكرملين في ملف أوكرانيا بأنه يقوّض "قواعد النظام الدولي"، وسط اتهامات لموسكو وبكين بالسعي إلى فرض ما يصفه الغرب بـ"نموذجيهما الاستبداديين".
وأعلن الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج خلال لقاء عقداه في مطلع فبراير، إطلاق "حقبة جديدة" من العلاقات الدولية، ويبدو أن الرسالة وصلت إلى الأوروبيين والأميركيين.
والسبت قال وزير الخارجية الصيني وانج يي خلال مؤتمر ميونخ للأمن، إن "المخاوف الأمنية المنطقية" لروسيا "يجب أن تؤخذ على محمل الجد" على غرار مخاوف بقية أطراف هذه الأزمة.
وحذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في المؤتمر الأمني الذي افتتح الجمعة، ويستمرّ حتى الأحد من أن روسيا والصين "تسعيان إلى تغيير القواعد الدولية القائمة".
وأشارت فون دير لايين إلى تفضيل موسكو وبكين "قانون الأقوى" على سيادة القانون و"الترهيب" على "تقرير المصير"، و"الإكراه" على "التعاون"، على حد تعبيرها.
وكان بوتين وشي أكدا عقب لقائهما ببكين في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، على متانة العلاقات بين بلديهما، في وقت قاطع فيه غالبية القادة الغربيين حفل الافتتاح. وقد شكّل اللقاء مؤشراً على تعاون جديد بين موسكو وبكين في مواجهة حلف شمال الأطلسي.
وذهب شي أبعد من ذلك بوقوفه إلى جانب موسكو وإعلانه "معارضة توسيع حلف شمال الأطلسي"، مؤيداً في ذلك المطلب الأساسي لموسكو في المواجهة الدائرة بينها وبين الأوروبيين والأميركيين حول أوكرانيا.
وفي ميونخ قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنرج، إنه "للمرة الأولى تنضمّ بكين إلى موسكو في المطالبة بالامتناع عن ضمّ أعضاء جدد" في التحالف.
وتابع ستولتنبرج "إنها محاولة للتحكم بمصير أمم حرة ولإعادة كتابة الأنظمة الدولية وفرض نموذجي حكمهما الاستبداديين"، على حد وصفه.
"إعادة التاريخ إلى الوراء"
وفي حين يتهم القادة الغربيون موسكو بالسعي إلى غزو أوكرانيا، شدّدت رئيسة المفوضية الأوروبية على أن التصعيد الذي حدث في الأسابيع الأخيرة قد يؤدي إلى "إعادة كتابة قواعد النظام العالمي".
وفي مؤشر يدل على هذا الشرخ في التوجه الاستراتيجي، لم توفد روسيا أي ممثل عنها للمشاركة في مؤتمر ميونخ للأمن خلافاً لما درجت عليه خلال السنوات الأخيرة.
وفي مداخلته عبر الفيديو، وجّه وزير الخارجية الصيني تحذيراً مبطّناً إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال وانغ إن "أمن منطقة ما لا يمكن تحقيقه بتعزيز التكتلات العسكرية".
تنحية الخلافات
وبهدف ترسيخ تقاربهما وضعت بكين وموسكو جانباً، ولو مؤقتاً، الخلافات القائمة بينهما خصوصاً في ما يتعلّق بالسيادة على أراض في أقصى شرق روسيا وتوسيع نطاق النفوذ الصيني في جمهوريات سوفياتية سابقة في آسيا الوسطى.
وترى الصين في دفاع الغربيين عن تايوان التدخل السياسي نفسه الذي تتهم موسكو الاتحاد الأوروبي به في أوكرانيا.
والسبت قال ستولتنبرج الذي غالباً ما يستعيد شبح الحرب الباردة في توصيفه للأزمة القائمة بشأن أوكرانيا، إن موسكو "تحاول دحر التاريخ وإعادة بناء مجال نفوذها"، لكننا جميعاً حلفاء في حلف شمال الأطلسي وسنقوم دائماً بما هو ضروري لحماية أنفسنا والدفاع عن بعضنا البعض".
وفي مؤتمر ميونخ للأمن، حذر المستشار الألماني أولاف شولتس من قراءة التطورات من منظار ثنائية الأقطاب، مشدداً على أن العالم تغير منذ العام 1989 ولم يعد مقسوماً بين معسكر شيوعي ودول رأسمالية.
وتابع شولتس: "لم تعد هناك إلا دول رأسمالية في الكوكب، باستثناء كوريا الشمالية. الاختلاف بين الدول يقوم حالياً حول النهج الاستبدادي، حول طريقة حكم بلداننا، حول النهج الديمقراطي"، على حد تعبيره.
وأردف: "من الواضح للغاية أننا ندخل في عالم متعدد الأقطاب"، مبدياً ثقته بأن بقية دول آسيا التي تتطلع بدورها إلى إسماع أصواتها لن ترضى بأي "محاولات صينية أو روسية لبناء مجاليهما الخاصين للنفوذ والمصالح"، على حد وصفه، معتبراً أن أحداً لن يقبل بذلك "لا كوريا ولا اليابان ولا فيتنام ولا إندونيسيا ولا ماليزيا".
اقرأ أيضاً: