أباطرة الأعمال الروس يخشون إجبارهم على تمويل حرب أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر بتنقية الفيديو حفل إطلاق مجمع Titan-Polymer الصناعي في سانت بطرسبرغ. 28 ديسمبر 2022 - AFP
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر بتنقية الفيديو حفل إطلاق مجمع Titan-Polymer الصناعي في سانت بطرسبرغ. 28 ديسمبر 2022 - AFP
دبي-الشرق

بينما يدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحرب في أوكرانيا إلى عامها الثاني، فإن العسكرة العميقة للاقتصاد الروسي تغذي المخاوف بين نخبة رجال الأعمال في البلاد من أن الضغط على شركاتهم بدأ للتو.

وتدرس الحكومة الروسية بالفعل فرض ضرائب "لمرة واحدة" على بعض الشركات الكبرى، للمساعدة في زيادة الإيرادات التي خفضها تشديد العقوبات وغيرها من القيود، وقال أباطرة الأعمال إنهم يتوقعون أن يزيد الكرملين مطالبه بالسيولة، بحسب تقرير لوكالة "بلومبرغ". 

وتمنح القوانين المعمول بها في وقت الحرب الحكومة سلطات واسعة لإملاء أوامرها على عمليات الشركة، بدءاً من تحديد ما يتم إنتاجه إلى تكلفته.

ومع الدعوات العامة لتجريد بعض كبار رجال الأعمال غير المتحمسين بما يكفي لدعمهم للغزو من أصولهم، يشعر بعض أغنى أغنياء روسيا الآن بالقلق؛ من أنهم قد يرون ممتلكاتهم يتم الاستيلاء عليها من قبل منافسين ينظر إليهم على أنهم أكثر ولاء أو حتى تأميم تلك الممتلكات، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ" عن مصادر مقربة من النخبة المالية الروسية.

وقال هؤلاء الأشخاص، الذين تحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم خوفاً من الانتقام، إن "تطمينات الكرملين العلنية بأن المصالح التجارية ستحترم تبدو جوفاء مع تركيز اهتمام الرئيس الروسي على الحرب، وليس الأعمال".

خسارة للجميع

وتسلط المخاوف المتزايدة الضوء على حقيقة أن الغزو، الذي كان الكرملين يأمل في البداية أن يحقق انتصاراً خاطفاً، أصبح بمثابة حملة بلا نهاية تحول جميع جوانب المجتمع الروسي بشكل لا رجعة فيه.

وقال مسؤولون تنفيذيون كبار إن نمط الحياة الذي أصبح يعرف باسم "أرستقراطي توزيع الأرباح"، وهم أباطرة الأعمال الذين عاشوا بثراء في السنوات الأخيرة على أرباح ضخمة من شركاتهم، ولىّ إلى الأبد.

وسيتعين على الشركات الكبرى أن تشعر بالصدمة ذاتها التي تسببها الحرب في الداخل مثل بقية سكان البلاد، حسبما قال شخص مقرب من الكرملين، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.

وأوضح الشخص المذكور أنه في حين يعارض بوتين التأميم على نطاق واسع باعتباره استراتيجية فاشلة، فإن الوقت الذي يمكن فيه لكبار رجال الأعمال جني فوائد ارتفاع أسعار السلع الأساسية قد ولى، مضيفاً أن زمن الحرب يتطلب تضحيات من الجميع.

وفي ظل هذا الموقف يخشى بعض أباطرة الأعمال أن تتحول توقعات الأعمال بسرعة كبيرة لتكون قاتمة.

وكٌلف بعض المديرين التنفيذيين بإجراء دراسات سرية بشأن تجارب الشركات الكبرى، في مواقف يخشون أن تكون مماثلة لما يمرون به، في ظل أنظمة ما قبل الحرب العالمية الثانية في دول المحور مثل إيطاليا، حيث استولت الدولة في نهاية المطاف على شركات صناعية عملاقة وأخضعتها بالكامل للمجهود الحربي. ويذكّر آخرون بتعبئة الشركات الألمانية العملاقة في ظل حكم النازيين.

ويتزايد عجز الميزانية الروسية بالفعل مع ارتفاع الإنفاق على الحرب والعقوبات وغيرها من القيود على الإيرادات. وقالت صوفيا دونيتس، الخبيرة الاقتصادية في "مصرف رينيسانس كابيتال الاستثماري": "هذه ميزانية تعبئة إلى حد ما".

دعم المجهود الحربي

وأضافت دونيتس أنه حتى التعديلات الحالية على الخطة "تدعو إلى زيادة أخرى في العبء الضريبي". وتعرب عن اعتقادها بأنه "ليس من الواضح بعد متى سيحدث ذلك".

وحتى الآن، لم تعترف الحكومة علناً باستخدام السلطات الكاسحة التي منحتها لنفسها في الصيف الماضي لإجبار الشركات على دعم المجهود الحربي.

لكن كبار رجال الأعمال والمديرين التنفيذيين يشعرون بالقلق من أنه لن يكون لديهم بديل سوى الامتثال لأي طلبات للحصول على الأيدي العاملة أو الإنتاج أو النقد.

وستأخذ الدولة كل ما تعتقد أنها بحاجة إليه للمجهود الحربي، حسبما قال أحد أعضاء جماعات الضغط التجارية منذ فترة طويلة. وأوضح أنه إذا كان بإمكان كبار رجال الأعمال في الماضي استخدام اتصالاتهم بمسؤولي الحكومة لحماية مصالحهم، فإن هذه الأدوات لا تعمل الآن.

ومن بين الفئات الأكثر ضعفاً، أولئك الذين ينظر إليهم على أنهم "غير مخلصين" بما فيه الكفاية، وفقا لما نقلته "بلومبرغ" عن أشخاص مطلعين على خطط كبار رجال الأعمال.

واقترح مشرعون تجريد أولئك الذين غادروا وانتقدوا الحرب من أصولهم وحتى جنسيتهم.

وفي ديسمبر، دعا ديمتري ميدفيديف، الرئيس السابق الذي أصبح الآن مسؤولاً كبيراً في الكرملين معروفاً بمنشوراته الغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى وصفهم بأنهم "أعداء للدولة".

ولم يذهب الرئيس فلاديمير بوتين إلى هذا الحد في العلن، لكنه لا يخفي اعتقاده بأن الروس الذين لديهم الكثير من ثرواتهم في الخارج "يشكلون خطراً أمنياً".

وقال بوتين للصحافيين في 22 ديسمبر الماضي: "إذا كان الشخص لا يربط حياته بهذا البلد ولكنه يأخذ المال ويبقي كل شيء في الخارج، فإنه لا يقدر البلد الذي يعيش فيه ويكسب المال فيه، بل (يهتم) بالعلاقات الجيدة في البلد الذي يحتفظ فيه بممتلكاته وحساباته. وهذا النوع من الأشخاص يشكل خطراً علينا".

مصادرة الأصول

ونقلت بلومبرغ عن أحد رجال الأعمال الذي لم يعد إلى البلاد منذ بدء الحرب، قوله إن أي مصادرة ستبدأ بأولئك الذين غادروا روسيا.

واستشهد بأمثلة لشركة "ياندكس"، عملاق التكنولوجيا التي سعى مؤسسها، وهو الآن في إسرائيل، للتفاوض مع الكرملين من أجل خروج يسمح له بالاحتفاظ ببعض الشركات الرئيسية. وأوليج تينكوف، الذي قال إنه اضطر إلى بيع مصرفه بخصم كبير بعد أن أصبح أحد الروس الأثرياء الوحيدين الذين نددوا علناً بالحرب.

ولا يزال بوتين يعارض التأميم الشامل، وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات الداخلية، لكن هذا لا يطمئن كثيراً كبار رجال الأعمال، الذين يشعرون بالقلق من أن المنافسين الذين لديهم صلات أفضل بالقيادة سيكونون قادرين على السيطرة على ممتلكاتهم.

وفي قطاع الأسمدة، حيث أدى ارتفاع الأسعار إلى تحقيق أرباح وفيرة، سعى مؤسس شركة "أورالكيم" ديمتري مازيبين، وهو رجل الأعمال الوحيد الذي التقى علناً مع بوتين مرتين في العام الماضي، إلى تصوير نفسه على أنه المساهم الكبير الوحيد الذي يركز على مصالح الدولة، بحسب العديد من المديرين التنفيذيين في صناعة الأسمدة.

وأثار ذلك قلق بعض الآخرين في القطاع الذين بقوا خارج روسيا منذ بدء الحرب، حسب مصادر "بلومبرغ".

وقال مازيبين، الذي يرأس لجنة الأسمدة في أكبر مجموعة أعمال في روسيا، إنه لا يرى اندماجاً مرجحاً في الصناعة الآن. وقال: "لا أحد لديه ميزة تنافسية، سياسية أو غير ذلك، من شأنها أن تؤدي إلى أي تغييرات خطيرة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات