
انهار الائتلاف الحكومي في إستونيا، بعدما شنّت رئيسة الوزراء كايا كالاس، هجوماً عنيفاً على شركائها في الائتلاف، متهمة إياهم بالعمل ضد قيم البلاد والإخفاق في حماية استقلالها، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وبناءً على طلب من كالاس، أقال الرئيس ألار كاريس، الجمعة، جميع الوزراء السبعة المنتمين إلى "حزب الوسط"، الذي كان مرتبطاً بعلاقات رسمية مع حزب "روسيا الموحدة" الذي يتزعمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حسبما أوردت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وقالت كالاس: "الوضع الأمني في أوروبا لا يمنحني أيّ فرصة لمواصلة التعاون مع حزب الوسط، العاجز عن وضع مصالح إستونيا فوق مصالحه". واعتبرت أن هذا الحزب "يعمل بشكل نشط ضد القيم الجوهرية لإستونيا".
وستحاول كالاس الآن تشكيل ائتلاف جديد مع حزبين صغيرين، ولكن إذا فشلت، ستُتاح الفرصة ليوري راتاس، وهو زعيم "حزب الوسط" ورئيس سابق للوزراء، لمحاولة تشكيل حكومة. وقال كاريس: "تحتاج إستونيا بسرعة إلى ائتلاف وحكومة عمليين".
دعم إستونيا لأوكرانيا
الانهيار الاستثنائي لحكومة إستونيا، يتزامن مع تحوّل تعزيز الوضع الأمني لدول البلطيق الثلاث (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا)، إلى أولوية لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، قبل قمة حاسمة يعقدها الحلف في مدريد أواخر الشهر الجاري.
وباتت كالاس واحدة من أكثر الشخصيات الغربية تأييداً لأوكرانيا بعد الغزو الروسي، إذ شددت على ضرورة أن تبذل أوروبا والولايات المتحدة المزيد من الجهد لهزيمة موسكو، عسكرياً ومن خلال العقوبات. وقدّمت إستونيا دعماً عسكرياً لكييف أكثر من أيّ بلد آخر في العالم، قياساً إلى عدد سكانها.
وأشارت "فاينانشال تايمز" إلى أن السبب المباشر لغضب كالاس، تمثل في معارضة "حزب الوسط"، و"حزب الشعب المحافظ في إستونيا" (إيكري) الشعبوي اليميني المتطرف، لمشروع قانون قدّمته الحكومة للتعليم قبل المدرسي. لكن ثمة مَن يعتقد بأن هناك أسباباً أخرى كامنة للتوتر المديد بين "حزب الإصلاح" الليبرالي بزعامة كالاس و"حزب الوسط".
وكتب الأديب الإستوني رين رود على تويتر: "يخشى كثيرون من الإستونيين، أنا منهم، أن يحاول لاعبون سياسيون يشاركون الكرملين مصالحه، السيطرة على الحكومة الإستونية"، معتبراً أن حزبَي "الوسط" و"إيكري" يحاولان التخفيف من حدة ردّ فعل تالين على غزو أوكرانيا.
تعاون مع حزب بوتين
ألغى "حزب الوسط" تعاونه مع حزب "روسيا الموحدة"، بعد غزو أوكرانيا في 24 فبراير، لكنه صدم النظام السياسي الإستوني، من خلال تشكيله حكومة مع حزب "إيكري" وحزب آخر، في عام 2019، بدلاً من التعاون مع "حزب الإصلاح"، الذي فاز بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات.
وعندما انهار هذا الائتلاف، في مطلع عام 2021، نتيجة تورّط "حزب الوسط" بفضيحة فساد، شكّلت كالاس حكومة جديدة، من خلال شراكة غير مستقرة مع "حزب الوسط"، بحسب "فاينانشال تايمز".
وأضافت أن مشاركة حزب "إيكري" في الحكومة السابقة، هدّدت الصورة الليبرالية لإستونيا، بعدما أهان قادة التيار القومي الجميع، من رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين والرئيس الأميركي جو بايدن إلى المثليين والمهاجرين.
وأثار مارت هيلمي، وهو زعيم سابق لحزب "إيكري" ووزير سابق للداخلية، غضباً في أبريل، بقوله إن اللاجئات الأوكرانيات سيجلبن فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (إيدز) إلى إستونيا، لأن كثيرات منهنّ سيعملن في الدعارة في بلدهنّ.
واعتبر راتاس أن على كالاس أن تستقيل من رئاسة الحكومة، ورفض نفي تكهنات تفيد بأنه قد يحاول إحياء الائتلاف السابق مع حزب "إيكري".
في المقابل، أسِفت كالاس لأن "هناك حزبين في البرلمان لا يمكنهما تحسين سلوكهما، حتى في الوضع الحالي، والتأكد من حماية استقلالنا وقيمنا الدستورية".
اقرأ أيضاً: