ولي العهد السعودي: ابتعاد واشنطن عنا سيؤذيها لكن بايدن يعرف مصالح بلاده

time reading iconدقائق القراءة - 10
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان - REUTERS
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان - REUTERS
دبي -الشرق

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن السعودية تهدف إلى الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة وتعزيزها، لكنه شدد على أن فرص تعزيز أو خفض المصالح السعودية في أميركا تبقى "كبيرة"، لافتاً إلى أنه على واشنطن تحديد ما إذا كانت "تريد الفوز بالسعودية أو خسارتها".

وقال محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية، نشرتها المجلة ووكالة الأنباء السعودية الخميس، إن السعودية ليست دولة صغيرة، بل هي من ضمن دول مجموعة العشرين، وأسرع البلدان نمواً في العالم.

وأوضح في رده عن سؤال يتعلق بالمصالح الأميركية في السعودية، أن الإمكانيات العالمية تكمن في المملكة العربية السعودية، مضيفاً: "إذا أردت تفويتها، فهناك أشخاص آخرون في الشرق سيكونون سعداء للغاية"، في إشارة إلى الصين، بحسب المجلة الأميركية.

800 مليار دولار.. حجم الاستثمارات في أميركا

وقال محمد بن سلمان إن إجمالي الاستثمارات السعودية في أميركا يبلغ 800 مليار دولار، فيما استثمرت الرياض في الصين"، حتى هذا الوقت، أقل من 100 مليار دولار"، موضحاً أن الاستثمارات السعودية في الصين "تنمو بسرعة كبيرة".

وأوضح أن العلاقة بين الرياض وواشنطن "طويلة وتاريخية، وبالنسبة لنا في السعودية هدفنا هو الحفاظ عليها وتعزيزها". وتابع: "لدينا العديد من المصالح (مع واشنطن)، ولدينا فرصة كبيرة لتعزيز كل هذه المصالح، وأيضاً لدينا فرصة كبيرة لخفضها في عدة مجالات"، موضحاً: "إذا سألتنا في المملكة العربية السعودية، فنحن نريد تعزيزها في جميع المجالات".

ولفت إلى أنه لدى الشركات الأميركية تركيز كبير على المملكة، "إذ لدينا أكثر من 300 ألف أميركي في السعودية، وبعضهم يحملون كِلا الجنسيتين، ويقيمون فيها، والعدد يزداد كل يوم"، مضيفاً: "لذا فالمصالح واضحة، والأمر يعود لكم سواء كنتَ تريد الفوز بالسعودية أو الخسارة".

وحين سُئل عما إذا كان الرئيس الأميركي جو بايدن يسيء فهمه، قال ولي العهد السعودي: "ببساطة هذا لا يهمني". واستدرك: "ابتعاد واشنطن سيؤذيها لكن بايدن هو من يحدد مصالح بلاده".

وشدد على أنه "ليس لأحد الحق في التدخل في شؤوننا الداخلية، فهذا الأمر يخصنا نحن السعوديين، ولا أحد يستطيع فعل شيء حيال ذلك"، مضيفاً أنه "في المملكة العربية السعودية، نحن نتقبل ثقافتكم في أميركا، ونتقبل طريقة تفكيركم، ونتقبل كل شيء في دولتكم؛ لأن هذا الأمر عائد لكم، ونتمنى أن يتم معاملتنا بالطريقة نفسها".

إسرائيل "حليف محتمل" شريطة حل المشاكل مع فلسطين

ورداً على سؤال عما إذا كانت السعودية ستحذو حذو بعض دول الخليج في العلاقة مع إسرائيل، أشار ولي العهد إلى أن "الاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي هو ألا تقوم أي دولة بأي تصرف سياسي، أو أمني، أو اقتصادي من شأنه أن يُلحق الضرر بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وجميع دول المجلس ملتزمة بذلك، وما عدا ذلك، فإن كل دولة لها الحرية الكاملة في القيام بأي شيء ترغب في القيام به حسب ما ترى".

وأضاف أن هذه الدول تملك الحق كاملاً في القيام بأي شيء تراه مناسباً لها، "أما بالنسبة لنا، فإننا نأمل أن تُحل المشكلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. إننا لا ننظر لإسرائيل كعدو، بل ننظر لهم كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معاً، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك".

وبشأن الخلاف الذي تم حله بين السعودية وقطر، قال محمد بن سلمان إنه كان "مثل شجار بين الأشقاء"، مضيفاً أن العلاقات بين البلدان باتت اليوم "رائعة ومذهلة". ووصف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بأنه "شخص رائع".

وحين سُئل عن العلاقات مع إيران، قال: "إنهم جيراننا، وسيبقون جيراننا للأبد، ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور، وأن نبحث عن سُبل لنتمكن من التعايش".

ولفت إلى أن الرياض وطهران قاما "خلال أربعة أشهر بمناقشات، وسمعنا العديد من التصريحات من القادة الإيرانيين، التي كانت محل ترحيب لدينا في المملكة العربية السعودية، وسوف نستمر في تفاصيل هذه المناقشات". وأضاف: "آمل أن نصل إلى موقف يكون جيداً لكلا البلدين، ويشكل مستقبلاً مشرقاً للسعودية وإيران".

حرب على الفساد

وتحدث ولي العهد السعودي، خلال المقابلة، عما عُرف بـ"حادثة الريتز كارلتون" عام 2017 التي استهدفت رجال أعمال نافذين، واعتبر أنها كانت "محاولة لإيقاف مشكلة ضخمة في السعودية"، في إشارة إلى الفساد.

وأوضح أنه "في كل ميزانية هناك نسبة عالية تذهب للفاسدين، لن يكون لدينا نمو بنسبة 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، ولن تكون لدينا زيادة 50% من الاستثمار الأجنبي في السعودية في 2021 لو استمر الفساد".

واعتبر أن ما حدث في الريتز كارلتون "لم يكن اعتقال أشخاص"، بل تم استدعاؤهم من أجل "التفاوض"، مشيراً إلى أن "95% منهم اختاروا طريق المفاوضات". وتابع: "أما البقية، الذين رفضوا التفاوض، يضيف، "فقد أحيلوا إلى النيابة العامة وفقاً للقانون السعودي".

ولفت إلى أن العملية ناجحة ولقيت شعبية كبيرةً؛ نظراً لأنها بدأت محاربة الفساد من القمة، وهو ما أسفر عن استرجاع 100 مليار دولار إلى خزينة الدولة في بضعة أشهر، بحسب "ذا أتلانتيك".

وأضاف: "البعض اعتقد أن السعودية كانت تحاول فقط اصطياد الحيتان الكبيرة"، وأن الفساد سيُستأنف بعد ذلك على المستويات الأدنى، مشدداً على أنهم "أدركوا بحلول 2019 أنه حتى لو سرق أحدهم 100 دولار فسيدفع الثمن".

العفو عن المعتقلين

وحين سألته الصحيفة إن كانت لديه السلطة لمنح العفو، مثلما فعلت دولة الكويت مؤخراً مع السجناء السياسيين، قال محمد بن سلمان إن "هذا الأمر لا يقع ضمن حدود سلطاتي، بل ضمن سلطات الملك"، مستدركاً أنه "لم يسبق لأي ملك استخدام" هذه السلطة.

وأوضح ولي العهد السعودي أن الأمر يتعلق بإشكالية توازن، قائلاً: "لدينا التطرف اليساري والتطرف اليميني على سبيل المثال، وإذا منحت العفو في مجال ما، فإنك ستعفو حينها عن أشخاص سيئين، وهذا الأمر من شأنه أن يعيد الأمور إلى الوراء في السعودية".

"الإخوان ساهمت في صناعة التطرف"

واعتبر محمد بن سلمان أن جماعة الإخوان المسلمين "تلعب دوراً كبيراً وضخماً في خلق التطرف، وبعضهم يعد كجسر يؤدي بك إلى التطرف".

وتابع: "عندما تتحدث إليهم لا يبدون وكأنهم متطرفين، ولكنهم يأخذونك إلى التطرف، فعلى سبيل المثال: أسامة بن لادن والظواهري كانا من الإخوان المسلمين، وقائد تنظيم داعش كان من الإخوان المسلمين، ولذلك تعد جماعة الإخوان المسلمين وسيلة وعنصراً قوياً في صنع التطرف على مدى العقود الماضية".

وأشار إلى أن "الأمر لا يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين فحسب، بل خليط من الأمور والأحداث، ليس فقط من العالم الإسلامي، بل حتى من أميركا التي بخوضها حرباً في العراق أعطت للمتطرفين فرصة سانحة، كما أن هناك بعض المتطرفين في السعودية ليسوا من جماعة الإخوان المسلمين قد لعبوا دوراً في ذلك، خاصة بعد قيام الثورة في إيران عام 1979، ومحاولة الاستيلاء على المسجد الحرام بمكة المكرمة".

الملكية الدستورية

واستبعد ولي العهد نجاح الملكية الدستورية في السعودية، قائلاً إنه "تم تأسيس السعودية على الملكية المطلقة"، مضيفاً أنه وبصفته ولياً للعهد سيحافظ على النظام القائم.

وقال إن نظام الحكم في السعودية مبنيّ على "الآلاف من الأنظمة تحتها شيوخ قبائل ورؤساء مراكز وهجر"، موضحاً أن "ملك المملكة العربية السعودية يعد هو قائدها وهو من يحمي مصالحها".

وتابع: "هؤلاء يشكلون 13 إلى 14 مليون سعودي من بين 20 مليون سعودي تقريباً، لذا لا يمكنني شن انقلاب على 14 مليون مواطن سعودي".

تقدم داخل مجموعة الـ20

وأشار ولي العهد السعودي إلى أن المملكة تسعى للاستمرار في تحسين ترتيبها داخل مجموعة العشرين خلال السنوات المقبلة، وتوقع أن يحقق الاقتصاد السعودي العام المقبل نمواً بـ7%.

وقال: "السعودية عضو في مجموعة العشرين، ويمكنكم أن تلاحظوا كيف كان ترتيبنا قبل 5 سنوات. لقد كنا قريبين من المركز العشرين. أما اليوم فنحن على وشك الوصول إلى المرتبة 17، ونطمح للوصول إلى مرتبة أعلى من المرتبة 15 بحلول 2030".

وأشار إلى أن السعودية تمتلك 12% من احتياجات البترول، وثاني أكبر احتياطيات نفطية مثبتة في العالم، ولديها اثنان من أكبر الصناديق السيادية في العالم، فيما يمر من خلالها 27% تقريباً من التجارة العالمية.

وشدد محمد بن سلمان على أن اقتصاد المملكة من بين أسرع الدول نمواً في العالم، قائلاً: "في عام 2021، على سبيل المثال، كان هدفنا هو نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.9%، ونعتقد أننا حققنا نسبة 5.6% في عام 2021".

وأضاف أنه "في العام المقبل سينمو الاقتصاد بأكمله بنسبة تقارب 7%".

زيادة عدد السياح

ولفت ولي العهد السعودي إلى أن مبادرات تشجيع السياحة في المملكة أدت إلى زيادة في عدد السياح الذين زاروا السعودية "من حوالي ستة ملايين في عام 2016 إلى 17.5 مليون سائح في 2019".

وأضاف أن المملكة تحاول "الوصول إلى هدف 100 مليون سائح بحلول 2030"، موضحاً أن ذلك يستدعي توفير "جميع البُنى التحتية كالمشاريع والفنادق والمتنزهات وغير ذلك، والبرامج والفعاليات المتنوعة".

ولفت إلى أن هذه الفعاليات "بغض النظر عن كونها في الرياضة، أو الثقافة، أو الموسيقى، أو أياً كانت، فعلى المرء أن يجلب أفضل ما هو موجود ليتأكد من أن يصل إلى هذا الهدف السياحي، والهدف الرياضي، والهدف الثقافي، إذ يجب أن نعمل على هذه الأهداف جميعاً، لتحقيق ما يعادل 10% إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية في 2030".

تصنيفات