
أيد مجلس النواب الجزائري (المجلس الشعبي الوطني)، الأربعاء، قرار القيادة السياسية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية، بعد ساعات من تأييد مجلس الأمة (الغرفة الثانية في البرلمان) ليصبح القرار مؤيداً من السلطة التشريعية بالكامل.
وكانت الجزائر أعلنت قطع علاقتها الدبلوماسية مع المغرب، اعتباراً من الثلاثاء، متهمةً الرباط بـ"التحريض وانتهاك معاهدة حُسن الجوار"، فيما أعربت الخارجية المغربية في بيان عن أسفها على "القرار الأحادي غير المبرر تماماً ".
وقال مصدر رسمي جزائري لـ"الشرق"، إن بلاده تتجه إلى "عدم تجديد عقد تصدير الغاز لإسبانيا من خلال خط الأنابيب المار عبر المغرب"، غداة قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط.
وأضاف المصدر، أن الجزائر ستعتمد في تصدير الغاز على خط أنابيب الغاز الرابط بين "بني صاف" بولاية "عين تيموشنت" غربي العاصمة، ومدينة ألميريا الإسبانية.
واعتبر مجلس النواب الجزائري، أن القرار (بقطع العلاقات) يأتي "من باب الحكمة والمنطق والموضوعية، نتيجة التراكمات اللامسوؤلة من نظام لم يتوقف عن القيام بالأعمال العدوانية الظاهرة والخفية والتي تستهدف أمن واستقرار الجزائر بل تتعداه إلى خلق البلبلة والتوتر في كامل المنطقة".
وقال المجلس في بيان، إن "القرار الحكيم القاضي بقطع العلاقات الدبلوماسية يأتي نتيجة التجاوزات الخطيرة والمتواترة التي كشفت عن مدى ما يضمره النظام المغربي من حجم العداوة للجزائر وصلت إلى حد دعم حركات إرهابية انفصالية عميلة تعمل على تقويض أركان الدولة الجزائرية خدمة لأجندات باتت ظاهرة للعيان".
ووصف القرار الأخير بأنه "منطقي ويؤكد تمسك الجزائر بمبادئها الثابتة خصوصاً ما يتعلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها واستعادة حريتها، وهو المبدأ الذي لا يقبل المساومة ولا يخضع لأي ضغوط مهما كانت الجهات التي تمارسها وتخطط لها".
مجلس الأمة: القرار مطلب شعبي
وكان مجلس الأمة (الغرفة الثانية من البرلمان)، أعلن في وقت سابق الأربعاء، تأييده قرار قطع العلاقات مع المغرب، ووصفه بأنه "يمثل مطلباً شعبياً يتماهى مع القرار السياسي للجزائر والرئيس عبد المجيد تبون".
وقال المجلس إن "القرار هو الردّ الأكثر عقلانية ووجاهة واتزاناً من الجزائر التي لطالما راعت خلال كل الحقب في علاقاتها مع المملكة المغربية، مبدأ ضبط النفس والأخذ في الحسبان البُعد الإنساني في العلاقات بين الشعبين".
واعتبر المجلس أن القرار "يأتي احتجاجاً على اليد المسمومة التي يتبناها المغرب، ورداً على السقطات المتعاقبة وألاعيبه الدنيئة واستفزازاته تجاه الجزائر والتي أضحت تأخذ أبعاداً خطيرة متعددة تهدد أمن وسلامة الوطن ووحدته الترابية وتهدد تماسكه المجتمعي".
أحزاب جزائرية: تأييد مطلق لقرار سيادي
في السياق ذاته، أعلنت أحزاب جزائرية دعمها للقرار، وأعرب "حزب التجمع الوطني الديمقراطي" عن "تأييده المطلق للقرار"، معتبراً إياه "قراراً سيادياً يحمي مصالح الجزائر وشعبها من تهديدات واستفزازات بلد مجاور".
وأكد حزب "جبهة المستقبل"، في بيان، دعمه للقرار "السيادي والحكيم"، مشدداً على "ضرورة الحرص أكثر على ما يخدم مصالح البلدان والدفاع عن فضاء مغاربي خالٍ من النازعات والتوترات".
وثمن حزب "جبهة التحرير الوطني"، الموقف الرسمي الجزائري، مشيراً في بيان إلى أن "الجزائر كانت حريصة دائماً على علاقات الأخوة بين شعبين شقيقين، وصبرت وتحملت الأذى، ولن تقبل بهذا التمادي في الاستفزاز والتآمر والعدوانية"، واصفاً القرار بأنه "سيادي ومسؤول وفرضته شواهد كثيرة".
الجامعة العربية تدعو لضبط النفس
وأعرب أحمد أبو الغيط، الأمين العام لـ"جامعة الدول العربية"، عن أسفه البالغ حيال ما آلت إليه العلاقات بين الجزائر والمغرب، دعياً البلدين إلي ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد.
وقال مصدر مسؤول في الأمانة العامة للجامعة، إن الجزائر والمغرب بلدان رئيسيان في منظومة العمل العربي المشترك، وأن الأمل لا يزال معقوداً على استعادة الحد الأدني من العلاقات بما يحافظ على استقرارهما ومصالحهما واستقرار المنطقة".