"بلومبرغ": خارطة طريق "سرية" للسلام بين الهند وباكستان برعاية الإمارات

time reading iconدقائق القراءة - 8
رجال أمن هنود يقفون في الحراسة على طريق جامو - سريناغار السريع في ناغروتا بالقرب من جامو - 14 أغسطس 2019  - AFP
رجال أمن هنود يقفون في الحراسة على طريق جامو - سريناغار السريع في ناغروتا بالقرب من جامو - 14 أغسطس 2019 - AFP
دبي-الشرق

قالت وكالة "بلومبرغ"، الاثنين، إن الإمارات تتوسط في محادثات سرية، بدأت منذ أشهر عدة، لرسم خارطة طريق نحو سلام دائم بين الهند وباكستان.

وأضافت أنه بعد نحو 24 ساعة من الإعلان المفاجئ الذي صدر عن جيشي البلدين، الشهر الماضي، عبر بيان مشترك في خطوة نادرة الحدوث، وتعهدا فيه أن يلتزما باتفاق وقف إطلاق النار لعام 2003، توجه وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إلى نيودلهي في زيارة سريعة استغرقت يوماً واحداً.

وتابعت الوكالة أن البيانات الرسمية التي أصدرتها الإمارات بخصوص الاجتماع، الذي عُقد في 26 فبراير الماضي، لم تكشف سوى عن القليل فقط مما تحدث عنه وزير الخارجية الإماراتي مع نظيره الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، إذ تمت الإشارة إلى أنهما "ناقشا جميع القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها".

ولكن خلف الأبواب المغلقة، كان وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان جزءاً مهماً من المحادثات السرية التي توسطت فيها أبوظبي، والتي بدأت قبل أشهر، وذلك وفقاً لمسؤولين مطلعين على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.

 

الخطوات الأصعب

ونقلت "بلومبرغ" عن أحد هؤلاء المسؤولين قوله إن "وقف إطلاق النار ما هو إلا بداية لخارطة طريق أكبر لتشكيل سلام دائم بين الجارتين"، مضيفة أن الخطوة التالية في هذه العملية تشمل إعادة سفيري البلدين إلى نيودلهي وإسلام أباد، بعد أن تم سحبهما عام 2019 عقب احتجاج باكستان على تحرك الهند لإلغاء وضع الحكم الذاتي الذي استمر لسبعة عقود في ولاية جامو وكشمير، المتنازع عليها.

وستأتي الخطوات الأصعب لاحقاً بحسب "بلومبرغ"، وتشمل إجراء محادثات بشأن استئناف التجارة بين البلدين، وإيجاد حل دائم للنزاع بشأن كشمير.

وتابعت الوكالة أن "الهند وباكستان دخلتا في مبادرات متعددة للسلام على مر السنين، ولكنهما سرعان ما يخفقان في المضي قدماً لإنجاحها، خاصة أن كلا الجانبين يستخدم هذه القضية بشكل متكرر لإثارة المشاعر في أوقات الانتخابات".

ووفقاً للمسؤولين الذين تحدثوا إلى "بلومبرغ"، فإن التوقعات "منخفضة" بأن يحقق الوفاق الحالي ما هو أكثر من عودة المبعوثين الدبلوماسيين واستئناف التجارة عبر الحدود البرية بين البلدين.

"دفن الماضي"

ووصفت الوكالة الوساطة الإماراتية بأنها "الجهد الأكثر تنسيقاً" منذ سنوات، قائلة إنها تأتي في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى إجراء محادثات سلام أوسع بشأن أفغانستان التي طالما شهدت منافسة على النفوذ بين نيودلهي وإسلام آباد.

كما يريد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تعزيز النمو الاقتصادي، وتركيز موارد البلاد العسكرية على الحدود مع الصين، بينما يواجه قادة باكستان مصاعب اقتصادية أيضاً، كما يتطلعون إلى ترك انطباع جيد لدى الولايات المتحدة والقوى الدولية الأخرى.

 ومن جانبها، لم تعلق وزارة الخارجية الباكستانية على المحادثات أو دور الإمارات فيها، كما لم يكن هناك تعليق فوري من وزارتي خارجية الهند والإمارات حول الأمر، بحسب "بلومبرغ".

ولفتت الوكالة إلى أن قائد الجيش الباكستاني، الجنرال قمر جاويد باجوا، دعا الهند، قبل أيام، إلى "دفن الماضي والمضي قدماً"، قائلاً إن الجيش مستعد للدخول في محادثات لحل "جميع القضايا العالقة بين البلدين".

وأشارت إلى أن هذه التعليقات جاءت بعد يوم واحد من دعوة رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، للتوصل إلى حل لنزاع كشمير الذي وصفه بأنه "القضية الوحيدة التي تمثل عائقاً".

دفء العلاقات

كما أشارت "بلومبرغ" إلى أن الأيام الأخيرة شهدت "علامة أخرى على أن العلاقات تزداد دفئاً بين البلدين"، عندما كتب رئيس الوزراء الهندي تغريدة على موقع تويتر، السبت، يتمنى فيها لنظيره الباكستاني الشفاء بعد إصابته بفيروس كورونا.

ولفتت الوكالة إلى أن الهند وباكستان قطعتا العلاقات بينهما فعلياً قبل عامين، عقب هجوم انتحاري أودى بحياة 40 جندياً هندياً في إقليم كشمير الذي تسيطر عليه نيودلهي، وهو ما ردت عليه حكومة مودي بضربات جوية على منشآت قالت إنها تابعة لإرهابيين داخل باكستان.

ولكن البيان المشترك الذي صدر عن الجيشين الشهر الماضي، أكد أن الجانبين "اتفقا على معالجة القضايا الجوهرية لكل منهما"، ما يشير إلى وجود مناقشة أوسع بشأن قضيتي كشمير والإرهاب.

بصمات إماراتية

ورصدت "بلومبرغ" العديد من الخطوات التي تشير إلى دور الإمارات في المحادثات بين البلدين خلال الأشهر القليلة الماضية، لافتة إلى أنه في نوفمبر الماضي، استقبل ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار، الذي أجرى زيارة لأبوظبي استمرت يومين، وتلاه وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي في الشهر التالي.

وتابعت أنه قبل أسبوعين تقريباً من إعلان 25 فبراير، أجرى وزير خارجية الإمارات اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان "ناقشا خلاله القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

 وقبل ذلك بأيام فقط، سمحت الهند لطائرة "خان" بالتحليق فوق مجالها الجوي أثناء توجهه إلى سريلانكا، وهو إجراء كان قد تم تعليقه منذ توتر العلاقات عام 2019.

كما أنه بعد وقف إطلاق النار، كانت الإمارات واحدة من الدول القليلة التي أصدرت بياناً ترحب فيه بالأمر، وسلط البيان الضوء على العلاقات التاريخية الوثيقة مع كل من الهند وباكستان، وأشاد بـ"الجهود التي بذلها كلا البلدان للتوصل إلى هذا الاتفاق".

وفي واشنطن تجنب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، الإجابة عن سؤال بشأن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في التقريب بين الجانبين، ولكنه حث باكستان على لعب دور بنّاء في أفغانستان، وكشمير، وأماكن أخرى، بحسب "بلومبرغ".

ونقلت الوكالة عن برايس، قوله في 25 فبراير الماضي: "لدى باكستان دور مهم تلعبه عندما يتعلق الأمر بأفغانستان، أو ما يحدث عبر حدودها الأخرى، ولذا فإننا سنولي اهتماماً وثيقاً بالأمر".