أعلن الاتحاد الأوروبي، السبت، أن اللجنة المشتركة المعنية بالاتفاق النووي الإيراني ستستأنف أعمالها في فيينا، الأحد، وذلك وسط مساعٍ لإنجاز اتفاق قبل تنصيب إبراهيم رئيسي الذي انتخب السبت، رئيساً جديداً لإيران.
وأضاف الاتحاد في بيان أن المشاركين سيواصلون مناقشاتهم بخصوص عودة الولايات المتحدة المحتملة إلى الاتفاق النووي، وكيفية ضمان التطبيق الكامل والفعال لبنوده.
وذكر البيان أن مسؤول العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ونائب الأمين العام لدائرة الشؤون الخارجية الأوروبية إنريكي مورا، سيترأسان الاجتماعات التي ستحضرها الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة وإيران.
ووفقاً لموفد "الشرق" إلى فيينا، فإن أطراف الاتفاق النووي ستجتمع دون مشاركة الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن الجولة السادسة من محادثات إحياء الاتفاق تنتهي، دون أي بوادر تدل على التوصل إلى اتفاق.
وذكر موفد "الشرق" أنه من المقرر عقد مؤتمر صحافي للاتحاد الأوروبي، الأحد، لتوضيح ما جرى خلال هذه الجولة من المحادثات.
اتفاق قبل التنصيب
ورجّح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، السبت، التوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا قبل انتهاء ولاية الرئيس حسن روحاني، في 3 أغسطس المقبل.
وقال ظريف خلال "منتدى أنطاليا الدبلوماسي"، وفقاً لبث مباشر للحدث عبر الإنترنت، إن "المفاوضات حول إحياء الاتفاق النووي مستمرة في فيينا، وهناك احتمال جيد للتوصل إلى الاتفاق قبل نهاية مسؤوليتنا. نحن نغادر السلطة في مطلع أغسطس، ونسلمها للحكومة الجديدة، وأتصور أن هناك احتمالاً كبيراً جداً للتوصل إلى اتفاق قبل هذا التاريخ".
وتأتي تصريحات ظريف بعد يوم واحد من تصريحات مشابهة لمسؤول أميركي، ذكر فيها أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تريد إنجاز اتفاق مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي، خلال الأسابيع الستة المتبقية، أي قبل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.
وقال المسؤول الذي لم تُحدد هويته، إن استمرار المحادثات حتى مطلع أغسطس سيكون أمراً "مقلقاً" لأنه تاريخ عملية انتقال السلطة في إيران، مشيراً إلى أن "عدم التوصل إلى اتفاق قبل تشكيل الحكومة الجديدة سيثير أسئلة جدية حول مدى إمكانية إنجاز الاتفاق".
ويعتقد محللون ودبلوماسيون منخرطون في المفاوضات أن التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الإيرانية المنتهية ولايتها، أسهل مما سيكون عليه مع حكومة مشكَّلة حديثاً، خصوصاً حكومة يقودها الرئيس المنتخب المتشدد إبراهيم رئيسي.
رئيسي "فرصة أفضل"
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، السبت، أن انتخاب المحافظ إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران، بما يعنيه من وصول حكومة متشددة إلى السلطة، قد يقدم فرصة لإدارة بايدن من أجل إعادة إحياء اتفاق 2015 النووي مع إيران.
وتوقعت الصحيفة أن يؤدي فوز رئيسي إلى التعجيل بإنجاز اتفاق، مشيرة إلى أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي ينظر إليه في واشنطن باعتباره من يدير مفاوضات الاتفاق النووي، سيحرص على إنجاز اتفاق قبل تنصيب رئيسي، بحيث تتحمل حكومة حسن روحاني المعتدلة اللوم على الاستسلام للغرب، وتحمل وطأة الغضب الشعبي داخل إيران، إذا لم ينقذ تخفيف العقوبات اقتصاد البلاد المتضرر.
لكن إذا أنجزت الصفقة بنجاح، فإنه يمكن للحكومة المحافظة الجديدة بقيادة رئيسي، أن تدعي الفضل في حدوث انتعاش اقتصادي، ما يعزز موقف المرشد بأن الأمر يتطلب حكومة قومية متشددة للوقوف في وجه واشنطن وإعادة البلاد إلى الساحة، على حد تعبير الصحيفة الأميركية.
وكان منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قد رحب بالتقدم المحرز في مفاوضات فيينا، داعياً إلى "اغتنام الفرصة السياسية" من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي بين واشنطن وطهران.
ونقل الموقع الإلكتروني لـ"خدمة العمل الخارجي الأوروبي"، وهي وزارة الخارجية والدفاع المشتركة في الاتحاد الأوروبي، عن بوريل قوله إنه على الرغم من "التقدم المحرز خلال الأسابيع الماضية"، إلا أنه لا يزال يتعين اتخاذ "قرارات صعبة" لإحياء الاتفاق النووي، داعياً إلى "التحلي بالمرونة من أجل التوصل إلى حل وسط يكون في مصلحة الجميع".
مفاوضات الاتفاق النووي
وتهدف مفاوضات فيينا إلى إحياء الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، عبر عودة واشنطن إليه من خلال رفع العقوبات المفروضة على إيران، مقابل عودة طهران إلى التزاماتها النووية.
وعقدت 6 جولات من المحادثات حتى الآن في العاصمة النمساوية فيينا، وسط مشاركة أميركية غير مباشرة عبر الوسطاء الأوروبيين.
وقال كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، هذا الأسبوع، إنه في حين يعد التوصل إلى اتفاق غير ممكن في الجولة الحالية من المحادثات، فإنه لا مصلحة لإيران في "إهدار الوقت"، مشيراً إلى أن الانتخابات التي انتهت الجمعة، وأسفرت عن فوز إبراهيم رئيسي، لن تكون عاملاً مؤثراً في المفاوضات.
وأكد المبعوث الروسي ميخائيل أوليانوف في وقت سابق هذا الأسبوع أن التوصل إلى اتفاق ربما يكون على بعد "أسبوعين". فيما شدَّد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على أن "اللعب لكسب الوقت ليس في مصلحة أحد".
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق جون بولتون، قال في تصريحات لـ"الشرق"، الجمعة، إنه يعتقد أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تريد أن تنضم مجدداً إلى الاتفاق النووي مع إيران.
وأضاف: "أعتقد أنه يجب ألا نعود إلى هذا الاتفاق، لكن من الواضح أن بايدن شخصياً يود أن يعود إليه، وأنا متفاجئ من أنهم لم يحققوا ذلك بعد".