ناظم الزهاوي.. عراقي عصامي وبريطاني حالم مُرشّح لخلافة جونسون

time reading iconدقائق القراءة - 9
وزير الخزانة البريطاني ناظم الزهاوي بعد مقابلة في لندن حين كان وزيراً للتعليم- 28 مارس 2022 - REUTERS
وزير الخزانة البريطاني ناظم الزهاوي بعد مقابلة في لندن حين كان وزيراً للتعليم- 28 مارس 2022 - REUTERS
دبي- إيلي هيدموس

يجسّد تعيين ناظم الزهاوي وزيراً للخزانة في حكومة بوريس جونسون، صعوده السريع في الحياة السياسية في المملكة المتحدة، الذي قد يقوده أيضاً إلى تولّي رئاسة الوزراء.

صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، رجحت أن يتّبع الزهاوي استراتيجية اقتصادية مختلفة عن التي انتهجها سلفه ريشي سوناك، قائلاً: "لديه خلفية من الطموح والدافع والتقدّم. في المرحلة المقبلة، نحتاج إلى خطة للنموّ، وليس فقط إلى موازنة الحسابات. إنه يمثل قيم الحكومة والتزامها".

وقال حليف آخر لجونسون، إن رئيس الوزراء ووزير الخزانة الجديد متحدان بشأن الاقتصاد.

وأضاف: "أدرك ناظم سريعاً جداً ما أحبط رئيس الوزراء بشكل متزايد، وهو (إعداد) خطة موثوقة وسهلة ومقنعة، من أجل قيادة الاقتصاد وجعل بريطانيا أفضل مكان في نصف الكرة الشمالي لبدء عمل تجاري فيه".

قرار الزهاوي بشغل منصب وزير الخزانة، الذي يُعتبر الأكثر أهمية بعد رئاسة الحكومة، لقي انتقادات من نواب محافظين نافذين، إذ نقلت "فاينانشيال تايمز" عن أحدهم قوله: "تولّى قيادة سفينة تغرق".

مع ذلك، رأت الصحيفة أن قرار الزهاوي بدعم جونسون، يعكس تطلّعاته، إذ بدأ في الأشهر الأخيرة استعدادات لتولّي رئاسة الحكومة، إذا أُرغم جونسون على التنحّي.

ونقلت عن نائب يؤيّد ترشيح الزهاوي لتولّي المنصب، قوله: "استقرار الأسواق والحصول على مكانة أعلى، سيساعدانه في المستقبل".

ورجّح عضو في حزب المحافظين، مقرّب من الزهاوي، أن يترشّح لرئاسة الحكومة، قائلاً: "ناظم لن يتحرّك ضد بوريس، إنه وفيّ تماماً، ولكن إذا رحل (جونسون)، فلا شك لديّ في أنه سيترشّح للمنصب".

"صعود سريع"

وفي نوفمبر 2020، بدأ "الصعود السريع" للزهاوي، حين عُيّن مشرفاً على توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في المملكة المتحدة. ونال آنذاك إشادات من نواب محافظين، نتيجة أدائه الإعلامي الهادئ في ذروة أزمة الفيروس، علماً بأنه أشرف على توزيع أكثر من 142 مليون جرعة من لقاحات كورونا، وتطعيم 49.7 مليون شخص بالكامل".

وقبل خوضه معترك السياسة، كان الزهاوي ناجحاً في قطاع الأعمال. ففي عام 2000، أسّس مع زميله في الحزب، ستيفان شكسبير، شركة "YouGov" المتخصّصة في استطلاعات الرأي عبر الإنترنت.

درس الزهاوي الهندسة الكيماوية، في كلية لندن الجامعية. ونال لقب "رائد أعمال العام" من شركة "Ernst & Young" عام 2008.

دخل الزهاوي مجلس العموم (البرلمان) البريطاني، عام 2010، بصفته نائباً عن منطقة ستراتفورد أبون آفون، حيث وُلد الروائي وليام شكسبير.

وخلال عهد رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، عُيّن في وحدة السياسات بمقرّ الحكومة، علماً بأنه أيّد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، خلال الاستفتاء الذي نُظم عام 2016.

وانضمّ إلى الحكومة كوزير دولة في وزارة التعليم، خلال عهد تيريزا ماي، ثم في وزارة الصناعة، وبعد تعديل وزاري في سبتمبر 2021، رُقّي إلى منصب وزير التعليم، في حكومة جونسون.

ويُعتبر الزهاوي من أكثر النواب البريطانيين ثراءً، علماً بأنه عصامي وجمع مبالغ ضخمة من صناعة النفط.

فرار أسرته من العراق

ولد الزهاوي في 2 يونيو 1967، في بغداد لأبوين كرديين، وأُرغمت عائلته على الهجرة إلى المملكة المتحدة عندما كان طفلاً، نتيجة تعرّضها لـ"تهديد بالاضطهاد" من نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وفي بريطانيا نشأ في منطقة ساسكس جنوب شرقي إنجلترا، وتلقى تعليمه في مدرسة "كينجز كوليدج" غرب لندن، وهو متزوج من لانا الزهاوي، ولهما 3 أبناء.

بعد استعادة حركة "طالبان" السلطة في أفغانستان، في أغسطس 2021، روى الزهاوي تجربته في الفرار من العراق، قائلاً: "عندما تُضطر إلى الفرار من وطنك، فإنك تختبر مئات المشاعر في وقت واحد، نعم أنت مرتاح لفرارك وممتنّ للبلد الذي استقبلك، ولكنك أيضاً تشعر بالذنب إزاء الذين لم يحالفهم الحظ".

وأضاف: "كنت في الحادية عشرة من عمري عندما غادرنا العراق، وفي تلك المرحلة أصبح البلد غير مستقر بشكل متزايد".

وأشار إلى أن "التوتر كان شديداً بين الأكراد والنظام العراقي في عهد صدام حسين، الذي كان يتمتع بنفوذ كبير، حتى قبل تولّيه الرئاسة، وسعى إلى قمع الأكراد".

وتابع الزهاوي: "كان واضحاً بالنسبة إلى عائلتي أن العراق لن يكون آمناً بقيادته، وعندها قررنا أن علينا الفرار إلى المملكة المتحدة".

ووصف ذلك بأنه "تضحية كبرى"، مستدركاً: "لا يمكنني التأكد من أنني سأكون هنا اليوم، لو لم نفعل ذلك، خصوصاً في ظلّ حملة الإبادة الجماعية الفظيعة التي نُفذت ضد الأكراد في العقود التي تلت ذلك".

وروى الزهاوي أن والدته كان تذكّره كل صباح، فيما كان هو وشقيقته يحزمان حقيبتيهما المدرسيتين، بالامتناع عن إخبار أي شخص "بما نتحدث عنه في المنزل على مائدة العشاء".

عنصرية في المدرسة

الزهاوي لفت إلى "صعوبة" بدئه الدراسة في بريطانيا بوصفه عراقياً، مشيراً إلى أن الأطفال الآخرين كانوا ينادونه باسم عنصري، كما أنه "لم يكن يتحدث الإنجليزية جيداً" آنذاك، لكن كونه طفلاً ساعده في "التكيّف بسرعة والتقاط اللغة، وبدأت الأمور تتغيّر".

وزاد: "أجد أنه بمجرد أن يبدأ الناس في فهم آمالك وطموحاتك، فإنهم يساعدون بشكل لا يُصدّق، كان هناك أيضاً أناس طيّبون جداً، وسأكون ممتناً لهم دوماً".

وقال: "بالطبع ستكون طفولتي في العراق جزءاً ممّا أنا عليه دائماً، وأنا فخور بخلفيتي، ومع ذلك، لا يمكنني أن أكون أكثر فخراً لكوني بريطانياً وأن أسمّي هذا البلد موطني، سأكون دوماً ممتناً لأن الفرصة أُتيحت لي كي أعيش حياتي هنا".

"أعظم بلد في العالم"

الزهاوي يستشهد غالباً بالرئيس الأميركي الراحل رونالد ريجان، مشيراً إلى أنه قال يوماً: "إذا اخترعت مصيدة فئران أفضل، فستأتي الحكومة مع فأر أفضل... لا حدود كبرى للنموّ، إذ لا حدود للذكاء والخيال والعجب البشري".

وأشار وزير الخزانة الجديد إلى أنه "يؤمن بذلك حتى النخاع"، وتابع: "هذا البلد هو الأعظم في العالم، وساعدني في تحقيق أحلامي، بالتحوّل من طفل صغير يختبئ في الجزء الخلفي من الصف، وغير قادر على التحدث بكلمة إنجليزية، إلى وزير التعليم في حكومة صاحبة الجلالة ونائب (عن منطقة ولادة) شكسبير. ولن أرتاح حتى يتمتع الجميع، صغاراً وكباراً، بالمهارات والفرص التي يحتاجونها، لتحقيق حلمهم البريطاني أيضاً".

وتحدث الزهاوي عن تجربته المهنية، معتبراً أن مسألة المهارات ستكون "حاسمة لضمان النجاح المستقبلي للاقتصاد البريطاني في القرن الحادي والعشرين".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات