على الرغم من أن إيران لم تظهر كلاعب رئيس في مجال الطائرات من دون طيار سوى في السنوات القليلة الماضية، إلا أن برنامجها في هذا المجال شهد تطوراً ملحوظاً أخيراً، إذ تنامى استخدام المُسيرات الإيرانية في مناطق نزاعات عدة، لأسباب لها علاقة بانخفاض التكلفة أو التقنية.
هذا ما تستعرضه "الشرق" في سلسلة من 3 تقارير، نستهلها بتسليط الضوء على برنامج المسيرات الإيرانية في حد ذاته، مروراً بظهور تلك المسيرات واستخدامها في روسيا واليمن، وصولاً إلى الجهود الخليجية الأميركية في التصدي لها.
تحوُّل في المشهد: مسيرات إيران في أوكرانيا
"روسيا تحصل على مُسيرات إيرانية لاستخدامها في أوكرانيا".. على مدار أسابيع، كانت تلك العبارة الأكثر تداولاً بين وكالات الأنباء العالمية التي تنقل عن الاستخبارات الغربية -وعلى رأسها الأميركية والبريطانية والأوكرانية- قولها إن روسيا حصلت بالفعل على طائرات من دون طيار إيرانية الصُنع لاستخدامها في أوكرانيا. ولم تكد تمر أيام حتى أعلنت كييف عن إسقاط أول مُسيرة يُعتقد أنها إيرانية الصُنع على أراضيها.
منذ ذلك الحين، تصاعدت وتيرة استخدام المُسيرات إيرانية الصنع على الأراضي الأوكرانية، ما أعاد فتح جبهات اعتقدت القوات الأوكرانية أنها أُغلقت باستعادتها السيطرة عليها. وبحسب القوات الأوكرانية، أرسلت إيران المئات من تلك المُسيرات إلى روسيا منذ منتصف سبتمبر، ونجحت القوات الأوكرانية في إسقاط عدد قليل منها، رغم التصريحات الأوكرانية عن كون أغلب تلك المُسيرات "بدائية".
خلال تلك الفترة، أعلنت القوات الأوكرانية أن المُسيرات التي نجحت في إسقاطها هي من طرازات "شهيد-136" و"مهاجر-6" الإيرانيتين، وتعتبر الأولى من طراز المُسيرات الانتحارية، والثانية من طراز المُسيرات طويلة المدى، بحسب ما تقول إيران.
رغم الشكوك حول فعالية المُسيرات الإيرانية، أبدت تقارير غربية قلقاً من التحول في مشهد الحرب في أوكرانيا بسبب تلك المُسيرات، وهو ما يتوافق مع تصريحات نقلتها مجلة "بوليتيكو" الأميركية عن جندية بالجيش الأوكراني تدعى أندريانا أريختا، والتي تقول إن الطائرات من دون طيار التي تستخدمها روسيا، انطلقت من شبه جزيرة القرم لمهاجمة وحدة القوات الخاصة التي تقاتل بالقرب من مدينة خيرسون جنوبي البلاد.
وبحسب الجندية الأوكرانية، نجحت تلك المُسيرات في تفادي الدفاعات الأوكرانية وألقت قنابل على مواقع الجنود ودمرت دبابتين وطاقميهم، مضيفةً "من الصعب للغاية رؤية هذه الطائرات من دون طيار على الرادارات.. إنها مشكلة كبيرة".
ذلك التهديد يدفع بالأوكرانيين، بحسب وكالة "بلومبرغ"، إلى الفرار من مُدن مثل أوديسا من جديد، لا سيما بعد أن استهدفت تلك المُسيرات منطقة قريبة من ميناء أوديسا وأعلنت القوات الأوكرانية إسقاط 3 منها هناك.
ونقلت "بلومبرغ" عن عمدة أدويسا جينادي تروخانوف، قوله إن طواقم وعمال الأرصفة في ميناء المدينة لا يشعرون بأمان بينما يرون تلك المُسيرات تُحلق في سماء المنطقة. وبالمثل، قال عسكريون أوكرانيون إن تنفيذ روسيا هجمات متتالية باستخدام تلك المسيرات على خاركوف، تسبب في أضرار كبيرة للقوات الأوكرانية مادياً ومعنوياً.
"بلومبرغ" ترى كذلك أن تقنية المُسيرات الإيرانية ليست السبب الوحيد الذي دفع روسيا لاستخدامها، فهي رخيصة مقارنة بالأنواع الأخرى من المُسيرات، وأقل تكلفة من الصواريخ والمعدات المستخدمة في محاولة التصدي لها.
نشأة البرنامج
بدأ البرنامج الإيراني لصناعة الطائرات من دون طيار، في ثمانينات القرن الماضي خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية. وعلى الرغم من العقوبات الكاسحة التي طاولت إيران منذ ذلك الحين، نجحت طهران في تطوير برنامجها للمُسيرات كونه أقل تكلفة من الصواريخ وأسهل إنتاجاً، وفقاً لما يقول تقرير مركز دراسة الطائرات من دون طيار الذي أصدرته "جامعة بارد" الأميركية.
الباحث في الشؤون الإيرانية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى فرزين نديمي، قال لـ"الشرق" إن الحرس الثوري الإيراني أطلق برنامجاً من الصفر لإنتاج المسيرات بهدف تطوير مُسيرات استطلاع بعد أن فرضت أغلب الدول حظراً على الصادرات ثنائية الاستخدام على إيران، ما تسبب في عرقلة حصول طهران على المعدات وقطع الغيار من الخارج. وحينها لم يكن لدى إيران سوى مجموعة محدودة القدرات من المسيرات محلية الصنع، إضافة إلى مجموعة صغيرة من المُسيرات الأميركية الهجومية.
على مدار السنوات القليلة التي تلت إطلاق البرنامج، نجحت إيران في إنتاج مُسيرات محلية الصنع بدائية، تعتمد على تركيب قاذفات صواريخ بسيطة تحت أجنحتها لاستخدامها ضد الأهداف البحرية والبرية. ورغم أنها لم تُحقق نجاحاً كبيراً، بحسب معهد "واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، فإن الفكرة لاقت جاذبية لدى النظام الإيراني، من ناحية كونها ذخائر متسكعة (مُسيرات انتحارية) منخفضة التكلفة، ومن هنا استمر تطوير البرنامج.
نديمي قال أيضاً إن إيران "تمكنت من مراكمة بعض الخبرات من أجل تطوير برنامج المُسيرات الخاص بها بشكل كبير، لا سيما وأنها اضطرت إلى حد كبير للاعتماد على نفسها بسبب العقوبات، أو الاعتماد على الصين للحصول على بعض المكونات، حتى وإن كانت مخصصة للغرض التجاري في الأساس".
الباحث الأميركي الإسرائيلي في المعهد الأطلنطي للدراسات سيث فرانتزمان، اتفق مع نديمي في طرحه، إذ قال لـ"الشرق" إن المُسيرات الإيرانية ليست على قدر التطور الذي تتميز به المُسيرات الأميركية، لكن الفكرة الأساسية هي أن إيران "اختارت الاستثمار في طائرات من دون طيار أرخص وأكثر قابلية للاستهلاك لأسباب متنوعة".
لتحقيق تلك الغاية، خصصت الحكومة الإيرانية ميزانية للبحث والدعم الأكاديمي المستمر من جانب الجامعات التكنولوجية والصناعية، وعلى رأسها جامعة شريف للتكنولوجيا، والتي أُدرجت على قائمة العقوبات الأميركية في فبراير من عام 2019. كذلك، قررت طهران دمج شركة "القدس" لصناعة الطائرات من دون طيار التابعة للحرس الثوري (ومقرها الضاحية الغربية للعاصمة) وشركة صناعة الطائرات الإيرانية (HESA)، ومقرها "شاهين شهر"، تحت إشراف وزارة الدفاع ودعم القوات المسلحة، قبل أن يتم دمج وزارة الدفاع ووزارة الحرس الثوري عام 1989.
الإنتاج الأول
ورغم أن الإنتاج الفعلي للمسيرات الإيرانية المتطورة إلى حد ما لم يبدأ حتى منتصف الثمانينات، فإن المحاولات الأولى بدأت مع عام 1983، حين تمكن مجموعة من الطلبة بإحدى جامعات أصفهان من ابتكار أول مُسيرة بدائية تعتمد على التحليق لمسافات وارتفاعات قليلة ومزودة بكاميرات عادية، تحت اسم "تلاش 1"، وهي المحاولة التي اقتنصها الحرس الثوري الإيراني الذي قرر رعاية هؤلاء الطلبة وتجربة تلك المسيرات في الحرب العراقية الإيرانية لاختبارها والعمل على إصلاح عيوبها.
فرانتزمان قال لـ"الشرق" إن إيران كانت تفتقر إلى بعض القدرات الفنية لبناء الطائرات منذ عام 1979، لكنها استحوذت على بعض المصانع المتبقية من عهد الشاه التي كانت تحتوي على مكونات غربية للتصنيع. وفي الوقت ذاته، استثمر النظام الإيراني في الطائرات من دون طيار كطريقة للحصول على نوع من القوة الجوية الفورية بثمن بخس.
في العام 1985، بدأت إيران فعلياً إطلاق أولى مُسيراتها التي حملت اسم "مهاجر" وأنتجتها شركة "القدس". وفي عام 1986، أعلنت شركة صناعة الطائرات الإيرانية عن إنتاج مُسيرتها "أبابيل" التي تطورت مع مرور الوقت وأصبح لها طرازات عدة من بينها "زاجل" التي تناول تقرير الأمم المتحدة عن الأحداث في "دارفور" معلومات عن استخدامها في النزاع وإسقاط اثنتين منها على أيدي المتمردين السودانيين.
وعلى مدار السنوات القليلة التي تلت ذلك، استثمرت إيران بشكل كبير في الأبحاث والتطوير لخدمة هدفها المتمثل في تطوير برنامجها للمسيرات، وساعدها في ذلك حصولها على تكنولوجيا المُسيرات الغربية التي سقطت قرب حدودها أو داخلها، وبدلاً من الاكتفاء بإنتاج مُسيرات أشبه بـ"الذخائر المتسكعة" التي تشبه صواريخ كروز تطلق من مقلاع على شاحنة من دون قدرة على التحكم فيها بشكل كامل، تحولت طهران لإنتاج مُسيرات أكثر تطوراً.
ووفقا لفرانتزمان، فقد تحسنت قدرات المُسيرات الإيرانية في العقد الماضي، من حيث المدى والتسليح والدقة وكذلك الاتصالات، مضيفاً "هذا يعني أن الطائرات بدون طيار الإيرانية يمكنها الآن التحليق لمسافات أطول وبحمولات أكبر. وعلى سبيل المثال، فإن المُسيرة شهيد -136 ليست آلة معقدة، ولكنها قادرة على التحليق أكثر من 1000 كيلومتر وتحمل ما يصل إلى 50 كيلوجرام من الذخائر".
كذلك، من بين تلك المُسيرات، بحسب ما يقول فرانتزمان، تلك التي تحمل اسم "أبابيل 3" والتي طُورت في العام 2006 ويبلغ مداها 100 كيلومتر بسرعة 200 كيلومتر في الساعة، وقادرة على التحليق لمدة 4 ساعات، وهي ثنائية الذيل تشبه إلى حد كبير في تصميمها مُسيرة "IAI Scout" الإسرائيلية، وكذلك مُسيرة "AAI RQ-2 Pioneer" ذات التصميم الإسرائيلي والصناعة الأميركية.
هندسة عكسية
إلى جانب البحث والتطوير المحلي، عملت إيران على هندسة المُسيرات الأميركية عكسياً للحصول على تكنولوجيتها كلّما أتيحت لها الفرصة، ففي 22 أبريل 2012، أعلن قيادي في الحرس الثوري الإيراني عن نجاح طهران في هندسة مُسيرة تجسس أميركية عكسياً، وبناء نسخة إيرانية منها محلياً، ولإثبات صحة تصريحاته أعلن عن سجل مهام المُسيرة الأميركية المحتجزة والذي تضمن مهمة مراقبة واستطلاع فوق المنزل الذي اختبأ فيه زعيم تنظيم القاعدة الأسبق أسامة بن لادن، قبل شهرين من اغتياله.
لكن ذلك الإعلان لم يجد صدىً كبيراً لدى الإدارة الأميركية، التي نفت صحة التصريحات الإيرانية، واكتفت بالقول إن المُسيرة "RQ-170" التي جرى فقدانها في ديسمبر 2011، لم تكن تحمل في برمجيتها أي معلومات يمكن استغلالها.
رغم النفي الأميركي، أنتجت طهران مجموعة من المُسيرات محلية الصنع من طراز "شهيد 171 " حلقت للمرة الأولى في عام 2014، بحسب ما أفادت وسائل إعلام إيرانية، فقد نجحت طهران في إنتاج 6 طرازات على الأقل استناداً إلى المسيرة الأميركية "RQ-170". وفي 11 فبراير 2018، أكدت إسرائيل رسمياً صحة التصريحات الإيرانية بإعلانها أن المُسيرة التي أسقطتها في ذلك العام قرب حدودها ترتكز أساسا على تكنولوجيا المُسيرة الأميركية RQ-170.
كذلك، يقول الباحث في المعهد الأطلنطي للدراسات سيث فرانتزمان، إن إيران قد تكون حصلت على معلومات عن مُسيرات إسرائيلية من خلال اثنتين من طراز "PIONEER" سقطتا في العراق خلال عام 1991، أو مُسيرة من طراز "HUNTER" أسقطت خلال حرب كوسوفو عام 1999.
رغم ذلك، يقول نديمي لـ"الشرق" إنه برغم عدم وجود حالات مؤكدة لإسقاط مُسيرات إسرائيلية من دون طيار داخل إيران، فإنه خلال الحرب الأذربيجانية الأرمينية عام 2020، تحطمت مُسيرة "هاروب" الانتحارية -أذربيجانية إسرائيلية الصنع- داخل الأراضي الإيرانية، وربما تكون ساعدت إيران في تصميم نسخة خاصة بها من تلك المُسيرة.
تقنيات وطرازات عدة
على مدار نحو 4 عقود، أنتجت إيران -عبر الشركات التابعة للحرس الثوري وشركات أخرى ناشئة تعاونت معها- مجموعة من عائلات المُسيرات، أبرزها "مهاجر وأبابيل وكرار وشهيد وكمان"، ولكل منها استخدام ومميزات ومواصفات مختلفة.
أبرز تلك الأنواع، مُسيرات "مهاجر" التي تندرج تحت عائلتها 6 طرازات من "مهاجر 1" التي كانت تستخدم للاستطلاع إلى حد كبير، وصولاً إلى "مهاجر 6" القادرة على حمل ذخائر متعددة في وقت واحد.
أعلنت إيران للمرة الأولى عن "مهاجر 6" في 2017، ودخلت الخدمة فعليا في عام 2018، وهي تزن 600 كيلو جرام تقريباً ويبلغ طولها نحو 6 أمتار. وبحسب الإعلان الإيراني، فإنها قادرة على البقاء في الجو حتى 12 ساعة متواصلة على سرعة 200 كيلو متر في الساعة، بينما يبلغ مدى قدرتها التشغيلية بعيداً عن محطة التحكم 200 كيلو متر، ويمكن أن يصل مداها إلى 2000 كيلو متر بحسب السلطات الإيرانية، حال ربطها باتصال بالأقمار الصناعية.
وبحسب وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، فإن تلك المسيرة قادرة على حمل أنواع مختلفة من حمولات "المراقبة والاستطلاع والقتال"، كما أنها قادرة على الهبوط والإقلاع من مدرج طيران قصير.
ومن بين المُسيرات الإيرانية الأخرى التي اكتسبت شهرة واسعة دولياً، نظراً لتصديرها لدول عدة من بينها سوريا وفنزويلا وروسيا، مُسيرات "شهيد" التي يندرج تحت عائلتها مجموعة طرازات مختلفة. أولى تلك الطرازات هي "شهيد-123" التي تتمتع بمدى تشغيل أكبر بكثير من مُسيرات "مهاجر"، حيث تقول إيران إن مداها يصل إلى 750 كيلو متر وقادرة على التحليق على ارتفاع يصل إلى 7500 متر. ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية، فإنها قادرة على التحليق بسرعة 700 كيلو متر، وتقوم بمهام الاستطلاع والمراقبة وتنفيذ عمليات هجومية، وهي أولى الطائرات التي تنتجها شركة صناعة الطائرات الإيرانية.
رغم القدرات التي تقول إيران إن تلك المسيرة تتمتع بها، فإن إنتاجها كان محدوداً واعُتبر مجرد خطوة لإنتاج النسخة الأكثر تطوراً منها والمسماة "شهيد-129"، والتي تقول إسرائيل إنها أسقطت منها العشرات في أجواء سوريا. وبحسب وزارة الدفاع الإيرانية، فإن تلك المُسيرة صُنِعَت محلياً على أيدي خبراء ومتخصصي القوة الجو-فضائية التابعة للحرس الثوري.
وبحسب الحرس الثوري الإيراني، فإن تلك المُسيرة قادرة على إصابة أهداف على بُعد 1700 إلى 2000 كيلو متر من القاعدة التي تنطلق منها، كما أن بإمكانها التحليق لمدة 24 ساعة متواصلة إلى ارتفاع 244 ألف قدم، وقادرة على حمل صواريخ موجهة مضادة للدبابات من طراز صواريخ "سديد"، وتقوم بعمليات قتالية ضد الأهداف الثابتة والمتنقلة من خلال استخدام القنابل والصواريخ، كما أن بإمكانها تنفيذ مهام المراقبة والرصد وتدمير الأهداف في وقت واحد، بحسب ما قال الحرس الثوري الإيراني.
على قائمة مُسيرات "شهيد" أيضاً تأتي المُسيرة الانتحارية (الذخيرة المتسكعة) المُسماة "شهيد-136"، والتي اكتسبت شهرة بعد ظهورها في مقاطع فيديو يُقال إنها في أوكرانيا خلال استخدام القوات الروسية لها.
تعتمد فكرة تلك المُسيرة الانتحارية على كونها عبارة عن ذخيرة محمولة تستخدم لمرة واحدة فقط وتركز على الأهداف الأرضية، وهي مصممة لتخطي الدفاعات الأرضية والتغلب على الأهداف البرية. وبحسب تقارير صحافية، يُعتقد أن تلك المُسيرة واحدة من أبرز المُسيرات الإيرانية التي يستخدموها الحوثيون في اليمن على نطاق واسع. وبحسب التقارير، فإن المُسيرة "شهيد-136" تعد إضافة "ثورية" على برنامج المُسيرات الإيرانية نظراً إلى دقتها ومدى قدرتها على إصابة أهدافها.
النسخة الأخيرة في عائلة مُسيرات "شهيد"، هي "شهيد-171" التي ترتكز بشكل كامل على تصميم وعمل المُسيرة الأميركية "RQ-170 Sentinel". وعلى مدار أشهر بعد إسقاط تلك المُسيرة الأميركية قرب حدود إيران، عكفت الأجهزة البحثية الإيرانية على دراستها وهندستها عكسياً، حتى أُعلن عن إنتاج النسخة الإيرانية منها في عام 2014.
على قائمة المُسيرات الإيرانية أيضاً، تأتي عائلة "كرار" التي أعلن عن آخر طرازاتها رسمياً في عام 2019، وهي من فئة المسيرات الانتحارية، وأنتجت منها إيران 4 طرازات من "كرار-1" إلى "كرار-4". وبحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء، فإن تلك الطائرة بدون طيار الانتحارية تتضمن مجموعة واسعة من الأهداف الجوية وتستخدم الباحث البصري الحراري لرصد أهدافها ليلاً ونهاراً، وكان الغرض الأساسي منها هو إجراء عمليات تشويش ضد الأهداف الجوية الهجومية.
ومنذ الإعلان عن النموذج الأول لها في عام 2010 ودخول آخر طرازاتها الخدمة في عام 2019، قدمت إيران 4 أجيال مختلفة منها، لا تتمايز عن بعضها سوى في الأبعاد ومواصفات الطيران. وبشكل عام، تعتمد تلك المسيرات في إطلاقها على استخدام قاذفة السكك الحديدية ومسرع الوقود الصلب، وتستخدم مظلة هوائية في أسلوب الهبوط.
بحسب وزارة الدفاع الإيرانية، يبلغ الحد الأقصى لوزن الإقلاع 750 كيلو جرام مع إمكانية حمل 250 كيلو جرام من القذائف، ويبلغ أقصى ارتفاع لبعض طرازات تلك المُسيرة 35 ألف قدم، بينما تتراوح سرعة طرازاتها المختلفة ما بين 650 و900 كيلو متر في الساعة. ويصل مدى عمل بعض طرازاتها إلى 200 كيلو متر عن محطة التحكم الرئيسية.
وقالت وزارة الدفاع الإيرانية كذلك إن تلك المُسيرات قادرة على إطلاق مختلف أنواع القنابل التي تعتمد مبدأ السقوط الحر والقنابل الموجهة، كما أنها تُستخدم في عمليات الاعتراض والتتبع الجوي والمراقبة والرصد والاستهداف، بحسب التصريحات الإيرانية التي أشارت إلى أن نقطة ضعفها هي حاجتها إلى وقت طويل للوصول إلى أهدافها بالمقارنة مع المُسيرات التي تستخدم منظومة قذف صواريخ للإقلاع.
وإلى جانب تلك المُسيرات، تمتلك طهران مجموعة من الطائرات بدون طيار الأخرى المُصنعة محلياً، مثل "صاعقة" و"فرباد" اللتان أنتجتا عام 2016، ودخلتا الخدمة لدى القوات الإيرانية منذ ذلك الحين.
وبالرغم من العقوبات الأميركية المتتالية على برنامج المُسيرات الإيراني، لا تزال الدعوات الغربية والإقليمية تتصاعد لاتخاذ إجراءات أكثر حدة ضد ذلك البرنامج، لا سيما وأن إيران تمكنت من استيراد بعض المكونات وتصنيع أخرى محلياً، ما يعني أن الخطر سيبقى قائماً ما لم يكن هناك تحرك حقيقي، وفقاً لتقارير دولية.