Open toolbar

قوات الأمن الكردية السورية تمشط الرقة بحثاً عن خلايا تنظيم داعش. 29 يناير 2023 - AFP

شارك القصة
Resize text
الرقة-

في أحد أحياء مدينة الرقة، يراقب يوسف الناصر من على سطح بيته قوات الأمن الكردية أثناء تمشّيطها المنازل واحداً تلو الآخر، بحثاً عن خلايا تنظيم "داعش"، الذي عاد ليهدّد الاستقرار داخل معقله السابق في سوريا.

ويقول الناصر (67 عاماً) لوكالة "فرانس برس"، إنه "من الطبيعي أن يخاف المرء على عائلته وأولاده وأصدقائه"، مضيفاً أن أقصى ما يتمناه هو "استقرار المدينة والحفاظ على أمنها" الذي كان مناله صعباً.

وأعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" التي خاضت معارك شرسة ضد التنظيم، وتمكّنت من طرده من آخر معاقله عام 2019، أنّها أحبطت نهاية العام الماضي هجوماً استهدف مقراً تابعاً لها يضم سجناً فيه المئات من عناصر التنظيم في مدينة الرقة، شمال البلاد.

وأعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجوم الذي أودى بحياة 6 عناصر من القوات الكردية في 25 ديسمبر الماضي. وقال إنّ اثنين من مقاتليه نفّذاه وتمكن أحدهما من الفرار.

"ستقع كارثة"

ويوضح الناصر بينما يلازم منزله في حي شعبي على أطراف المدينة "إذا عاد تنظيم داعش ستقع كارثة".

ومنذ إعلانه "دولة الخلافة" وسيطرته على مناطق واسعة، شكّلت الرقة المعقل الأبرز للتنظيم في سوريا، وشهدت على فظاعات وإعدامات ونجح في بثّ الرعب فيها.

وبعد معارك عنيفة خاضتها ضده، تمّكنت "قوات سوريا الديمقراطية" بدعم أميركي، من طرد التنظيم منها في أكتوبر عام 2017، لكن رغم خسارة أبرز معاقله تباعاً، يواصل التنظيم تبنّي هجمات من خلال خلاياه النائمة.

وتمكن التنظيم من إثارة الخوف مجدداً في نفوس سكان الرقة بعدما تسلّل اثنان من عناصره ونفذا هجوماً قال التنظيم إنه "في سياق الانتقام المتواصل لأسرى المسلمين" خصوصاً النساء المحتجزات في مخيمات، شمال شرقي سوريا.

إثر الهجوم، أعلن مجلس الرقة المدني، التابع للإدارة الذاتية الكردية حالة طوارئ وحظراً للتجول في المدينة. وأطلقت "قوات سوريا الديمقراطية" وقوات الأمن الكردية (الأسايش) بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، حملة يشارك فيها 5 آلاف مقاتل.

تمشيط المدينة

وينتشر المئات من المقاتلين المدججين بأسلحتهم في المدينة، وتجوب مدرعات في أنحائها، ويبدو القلق واضحاً على وجوه السكان والأطفال الذين يلازمون منازلهم، استجابة لنداء عبر مكبرات الصوت يطلب منهم عدم التجول في أحيائهم أثناء تمشيطها.

وتشهد مداخل المدينة إجراءات أمنية مشددة، مع انتشار حواجز يتولى عناصرها التفتيش والتدقيق في الهويات.

وتقول فايزة الحسن (45 عاماً) بعد تمشيط عناصر من قوات "الأساييش" منزلها لوكالة "فرانس برس": "لم نعد نشعر بأمان لأن يخرج أطفالنا من المنزل بسبب عدم الاستقرار في الفترة الأخيرة". وتضيف: "الوضع في الوقت الحالي صعب جداً".

بموجب الحملة الأمنية التي انطلقت في 25 يناير الماضي، أوقفت القوات الكردية 150 شخصاً يشتبه في عملهم ضمن خلايا التنظيم، بينهم قياديون، وفق ما يوضح العميد علي الحسن من إدارة قوات الأمن الداخلي لشمال وشرق سوريا.

استهداف السجون

وتهدف الحملة إلى "السيطرة على نشاط خلايا داعش"، وفق الحسن الذي يتحدّث عن "تغيير في استراتيجية التنظيم، إذ انتقل من الهجوم الفردي إلى الجماعي الذي يستهدف مراكز تجمع مقاتليه المعتقلين لدينا ضمن السجون المركزية".

ويضيف: "يبدو وكأن هناك تخطيط كبير للسيطرة على السجون وإحداث بلبلة وفوضى أمنية. وبناء على هذه المعطيات أطلقنا الحملة".

ويُعد هجوم الرقة الأخير، الأكبر ضد سجن منذ الهجوم الذي شنه العشرات من مقاتلي التنظيم على سجن جويران في مدينة الحسكة في يناير 2022، وأسفر عن سقوط المئات من الطرفين. ويرى الحسن أن التنظيم "يحاول إعادة هيكلة نفسه من خلال هذه العمليات".

وفيما يثني عدد من السكان على عمليات التمشيط، يرى البعض أنها غير كافية.

في كل مرة يسمع فيها أحمد الحمد (30 عاماً) عن هجوم ينفذه عناصر التنظيم، يخشى أن يعيش مجدداً تجربة النزوح. ويرى أنه "مهما تم إطلاق الحملات الأمنية، لن يكون بإمكانهم سحب كل الأسلحة الموجودة".

ويقول الشاب الذي يقطن في حي الرميلة قرب سجن يضم عناصر من التنظيم لوكالة "فرانس برس": "نتخوف من وجود السجن المكتظ بعناصر التنظيم والمجرمين"، معتبراً أنه "يجب أن يكون في مكان يبعد أكثر من 10 كيلومترات على الأقل عن المدينة".

لا يخفي الحمد هواجسه. ويضيف بحسرة: "نتخوف من كل شيء لأننا لا نملك شيئاً: لا نمتلك مؤسسات ولا إمكانيات مادية واقتصادية" في وقت يقترب النزاع الذي استنزف سوريا من دخول عامه الثاني عشر.

اقرأ أيضاً:

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.