حبل الملاحقات الدولية يحاصر حاكم مصرف لبنان المركزي

time reading iconدقائق القراءة - 7
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة - 3 يونيو 2021 - REUTERS
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة - 3 يونيو 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

دخلت الملاحقات القضائية الدولية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة فصلاً جديداً، الاثنين، بعد أن أعلنت سلطات لوكسمبورج فتح تحقيق جنائي بشأن شبهات فساد تحوم حول الرجل، يضاف إلى قضايا مماثلة رفعتها فرنسا وسويسرا سابقاً.

 وأفادت وكالة "رويترز" الاثنين، بأن القضية الجنائية الجديدة، تتعلق برياض سلامة وما يملكه من أصول، بعدما كانت أملاكه السرية في الخارج محور تحقيقات مؤسسة "مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد"، والتي كشفت سابقاً في تحقيق أولي نشر في نوفمبر 2020، عن ملكية سلامة لـ3 شركات مسجلة في لوكسمبورغ تملك نحو 100 مليون دولار من الأصول، فيما يملك شقيقه رجا شركة واحدة مسجلة باسمه.

وأفاد بيان نشرته المؤسسة يوم 12 نوفمبر على موقعها الإلكتروني، أن حسابات شركة رياض سلامة تُشير إلى أن تمويل استثمارات بعشرات ملايين اليورو، كان مؤمناً في بعض الأحيان من دون ضمانات، مضيفاً أن هناك شركة رابعة في لوكسمبورج يملكها شقيق سلامة أقرضت (18.8 مليون دولار) لشركة استثمار عقاري فرنسية استحوذت على عقارات فاخرة في باريس.

وأشار التحقيق الثاني، الذي نُشر في ديسمبر 2020، إلى أن شركة مرتبطة بسلامة اشترت حصة في شركة إدارة ثروات يملكها نجله، ثم باعتها إلى بنك لبناني كبير يخضع لرقابته، لافتاً إلى أن حاكم مصرف البنك المركزي اللبناني استثمر في ممتلكات ثمينة في الخارج خلال الانهيار الاقتصادي الذي تشهده بلاده منذ عامين، والذي أوقع 74 بالمئة من اللبنانيين في براثن الفقر، وفقاً لتحليل حديث للأمم المتحدة.

تجدر الإشارة إلى أن القضية الجنائية في لوكسمبورج ليست الأولى التي تطاول سلامة (71 عاماً)، إذ سبق أن أعلنت فرنسا وسويسرا بشكل منفصل فتح قضايا جنائية بحق حاكم مصرف لبنان، وصلت حد استدعائه للتحقيق خارج بلاده، غير أنه لم يمتثل لتلك المطالب، في وقت يصر على أن أمواله مصرح بها وقانونية.

فرنسا.. تآمر وتبييض أموال

وفي مايو الماضي، أعلنت السلطات الفرنسية أنها فتحت تحقيقاً جنائياً بحق حاكم مصرف لبنان المركزي، بشأن قضية "تآمر جنائي وتبييض أموال في عصابة منظمة". وذكرت مصادر قضائية أن هذه التحقيقات من المفترض أن تُفضي إلى توضيح مصدر الثروة التي يملكها سلامة والمقدّرة بملايين الدولارات، على غرار فيلا فارهة يملكها على سواحل أنتيب جنوب شرقي فرنسا. 

وجاء هذا التحقيق على خلفية دعاوى عدة تقدمت بها جهات حقوقية، ومن بينها واحدة تم تقديمها في 16 أبريل الجاري، بالنيابة عن مؤسسة "Accountability Now"  السويسرية التي تحارب الإفلات من العقاب الذي "لطالما تمتع به كبار السياسيين ورجال الأعمال في لبنان"، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية.

وفي أبريل الماضي، قُدّمت شكويان تستهدفان رياض سلامة وثروته الكبيرة في أوروبا أمام نيابة مكافحة الفساد في باريس. 

أما الدعوى الثانية، فرفعها محاميان في 30 أبريل الماضي نيابة عن منظمة "شيربا" غير الربحية المتخصصة في مكافحة الجريمة، وكذلك تجمّع "ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان"، وهي مجموعة من اللبنانيين الحاملين للجنسية الفرنسية، والذين يقولون إنهم عازمون على تسليط الضوء على الفساد المستشري في البلاد.

سويسرا.. 350 مليون دولار

إلى ذلك، فتحت سويسرا تحقيقاً حول حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته ماريان الحويك، في يناير الماضي، بشأن تحويلات مالية بقرابة 350 مليون دولار، قام الثلاثة بإجرائها بين لبنان سويوسرا، على الرغم من قرار المصرف المركزي بمنع المواطنين من إجراء تحويلات مصرفية إلى الخارج، في خضم أزمة مالية تعصف بلبنان.

وذكرت مصادر لـ"الشرق" آنذاك، أنه جرى تحويل هذه الأموال منذ عام 2002 حتى نهاية العام الماضي، مشيرةً إلى أن التحقيقات السويسرية تفيد بأن الجزء الأكبر من  الأموال حصل عليه سلامة كعمولة لاكتتاب مصرف لبنان في سندات "يوروبوند"، عبر شركة وساطة مالية تدعى "فوري"، يملكها شقيقه رجا في سويسرا.

وكشفت التحقيقات السويسرية أن سلامة أقحم الشركة المذكورة خلافاً للقانون الذي لا يُجيز تلقّي عمولات من خلال الاكتتاب في سندات الخزينة، التي هي عبارة عن ديون تترتّب على الخزينة اللبنانية وتزيد من أعبائها.

لبنان.. أمر بالاعتقال لم يُنفذ

في الخامس من أغسطس الماضي، مثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمام النيابة العامة التمييزية في بيروت، حيث استُجوب في قضايا عدة، من بينها اختلاس أموال عامة وتهرب ضريبي.

وكان القضاء اللبناني فتح في أبريل تحقيقاً محلياً بشأن ثروة سلامة ومصدرها بعد استهدافه بالتحقيق في سويسرا وفرنسا، إضافة إلى شكوى بحقه في بريطانيا.
وفي 19 يوليو قررت النيابة العامة التمييزية استجواب سلامة «بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال والتهرب الضريبي».

وقبل نهاية أغسطس الماضي، أمرت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون بتوقيف رياض سلامة ومسؤولين آخرين، بتهمة "تحويل مئات ملايين الدولارات إلى الخارج والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال"، لكن لم يتم توقيف الرجل حتى الآن.

بريطانيا.. فساد وغسل أموال

وفي أبريل 2021، ذكرت وكالة "رويترز"، أن الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا (إن سي إيه) تنظر في تقرير رفعته إليها مجموعة محاماة مقرها لندن، يتهم حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وشركاء له بـ"غسل الأموال وممارسات فساد".

ويكشف التقرير، المؤلف من 76 صفحة، ما يقول إنها أصول وشركات وأدوات استثمارية في بريطانيا قيمتها مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية، ويزعم أن سلامة وأفراداً من أسرته وأشخاصاً مرتبطين به استخدموها على مدى سنوات لتحويل أموال إلى خارج لبنان.

4 دول تُجمّد أموال سلامة

وفي يونيو الماضي، كشف مصدر قضائي لبناني لـ"الشرق" أن السلطات السويسرية والفرنسية والبريطانية والبلجيكية، أبلغت النيابة العامة التمييزية في لبنان، بتنفيذ طلب تجميد حسابات رياض سلامة، وشقيقه رجا، ومساعدته ماريان الحويك، مؤقتاً لحين انتهاء تحقيقات بشأن ثروة حاكم المصرف المركزي اللبناني في أوروبا.

وأوضحت المصادر أن "قرار الدول الأوروبية الأربع، قائم إلى حين انتهاء التحقيقات القضائية التي تجريها هذه الدول، والتيقن مما إذا كانت هذه الأموال عائدة للدولة اللبنانية أم لا".

ويُحمّل مسؤولون لبنانيون سلامة، الذي يقود المصرف المركزي منذ عام 1993، مسؤولية تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، نتيجة السياسات النقدية التي اعتمدها طوال السنوات الماضية، إلى جانب اتهامات بالفساد وهدر المال العام. لكن الرجل يؤكد أنه جمع ثروته مما ورثه ومن مسيرته المهنية في القطاع المالي وقبل توليه منصبه.