لماذا فضلت أستراليا الغواصات الأميركية على نظيرتها الفرنسية؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
غواصة هجومية أميركية تعمل بالطاقة النووية ترسو قبالة الأكاديمية البحرية الأميركية في أنابوليس بولاية ماريلاند - 25 مارس 1999 - Reuters
غواصة هجومية أميركية تعمل بالطاقة النووية ترسو قبالة الأكاديمية البحرية الأميركية في أنابوليس بولاية ماريلاند - 25 مارس 1999 - Reuters
دبي -عزيز عليلو

ألغت أستراليا، الأربعاء، صفقة بقيمة 66 مليار دولار أميركي مع فرنسا لإنتاج 12 غواصة تقليدية، من أجل شراكة مع الولايات المتحدة وبريطانيا تحصل بموجبها على 8 غواصات تعمل بالطاقة النووية.

 هذه الخطوة تثير تساؤلات بشأن القدرات التي تتميز بها الغواصات الأميركية على الغواصات الفرنسية، خاصة أن كلتا الغواصتين "غير مجهزتين لحمل أسلحة نووية".

وزارة الدفاع الأسترالية لخصت في بيان، الفرق بينهما في تشغيل الغواصات الأميركية بنظام الدفع النووي، مقابل اعتماد الغواصات الفرنسية التقليدية على محركات الديزل. 

وجاء في البيان أن "الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية تتميز بخصائص فائقة في التخفي والسرعة والقدرة على المناورة والقدرة على البقاء تحت الماء لفترات طويلة مقارنة بالغواصات التقليدية".

وأشار البيان إلى الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية يمكنها حمل أسلحة أكثر تقدماً وعدداً، مضيفاً أن هذه القدرات تسمح بنشرها في المناطق المتنازع عليها بمخاطر ضئيلة على رصدها.

ما الفرق في نظامي توليد الطاقة؟

بحسب صحيفة "صنداي مورنينج هيرالد" الأسترالية، فإن الغواصات الأميركية تتوفر على مفاعلات نووية تستخدم اليورانيوم عالي التخصيب كوقود لإنتاج الطاقة، التي تشغل الغواصة.

ونقلت الصحيفة عن عالم الفيزياء النووية من الجامعة الوطنية الأسترالية،  أندرو ستوشبيري، قوله إن المفاعلات النووية التي تشغل الغواصات الأميركية صغيرة الحجم ولا يتجاوز قطرها متر واحد.

في المقابل، فإن الغواصات التقليدية التي تنتجها فرنسا تستخدم مولدات تعمل بالديزل من أجل شحن البطاريات، وتخزين الطاقة الكهربائية التي تشغّل محركات السفينة.

وتحتاج السفن التقليدية إلى تقنية تسمى "snorkelling" (أنابيب التنفس) من أجل إعادة شحن البطاريات، وذلك عن طريق صعود الغواصة إلى السطح من أجل السماح بدخول الهواء الذي يسمح بتشغيل مولدات الطاقة.

قدرات التخفي

شبكة "إيه بي سي" الأسترالية قالت إن الغواصات التي تعمل بالديزل تصدر ضجيجاً مرتفعاً حينما ترتفع إلى سطح البحر، وهو ما يجعل رصدها أمراً سهلاً، خاصة وأنها تحتاج إلى الصعود من أجل إعادة شحن البطاريات.

في المقابل، تفيد الشبكة، بأن الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية لا تصدر أي ضجيج سواء عندما تسير فوق سطح البحر أو في أعماقه، لدرجة أنه حدث اصطدام بين غواصتين بريطانية وفرنسية في المحيط الأطلسي عام 2009 لعدم قدرتهما على رصد بعضهما البعض. 

لكن وبحسب عالم الفيزياء النووية ستوشبيري، فإن الطاقة النووية تسمح للغواصات الأميركية بالبقاء لأشهر تحت الماء دون الحاجة للصعود إلى السطح مقارنة بالغواصات التقليدية، لكن مفاعلها النووي يعمل بالماء المضغوط بقوة 210 ميجاوات.

وأوضح ستوشبيري أن هذا يعني أنه وعلى الرغم من أن الغواصات الأميركية لا تحتاج الصعود إلى سطح البحر من أجل استخدام الهواء، فإن المفاعل النووي يضخ المياه المستعملة في البحر، والتي تكون شديدة الحرارة، يمكن رصدها حين تكون قريبة من سطح البحر باستخدام التصوير الحراري.

منظمة "أتلانتيك كاونسل" الأميركية، اعتبرت أن قدرات التخفي جعلت الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية أولوية بالنسبة لأستراليا، في ظل تحول المياه الشمالية والشرقية لأستراليا إلى مسرح لمعركة نفوذ شديدة بين الولايات المتحدة والصين وقوى إقليمية.

وأشارت المنظمة إلى أن الغواصات الأميركية ستسمح لأستراليا بتوفير قوة ردع موثوق بها في وجه أي عمل عدائي، مضيفةً أنها تعاقدت مع فرنسا عام 2016 لإنتاج الغواصات التقليدية، بسبب عدم رغبة الولايات المتحدة آنذاك في مشاركة تكنولوجيا النووية الأميركية مع أستراليا.

سرعة الغواصات

بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإن الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية أسرع من نظيرتها التي تعمل بالطاقة التقليدية.

وأشارت الصحيفة إلى أن البحرية الصينية تمتلك 6 غواصات هجومية تشتغل بالطاقة النووية، بالإضافة إلى عشرات الغواصات التقليدية.

وتفيد تقارير بأن سرعة الغواصات الأميركية قد تصل إلى 55 كيلومتراً في الساعة أو أكثر عندما تكون تحت الماء، وهو ما يجعلها أسرع بكثير مقارنة بالغواصات الفرنسية التقليدية، بحسب شبكة "إيه بي سي".

لكن بالمقابل، تشير الشبكة إلى أن الغواصات الأميركية أكبر من حيث الحجم، مما يجعلها أقل سرعة في المياه الساحلية الضحلة.

بالمقابل، فإن الغواصات التي تعمل بالديزل أو الكهرباء تتفوق في المياه الساحلية مثل تلك الموجودة في شمال وشمال غرب أستراليا.

ونقلت الشبكة عن المدير السابق لمؤسسة الغواصات الأسترالية، هانز جي أوهف، قوله، إن الغواصات التقليدية أكثر ملاءمة للانتشار في مصبات الأنهار، والدفاع عن السواحل أو الموانئ في حال تم غزوها.

ومع ذلك، توضح "إيه بي سي"، أن هناك مزايا استراتيجية بالنسبة لأستراليا بحصولها على الغواصات التي تعتمد على الطاقة النووية، إذ ستمكن للبحرية الأسترالية بتسيير المزيد من الدوريات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لفترة أطول تحت الماء، وهو ما يمكن أن يكون مفيداً لصد الصين.

التسليح النووي

وبحسب وكالة "بلومبرغ" الأميركية، فإن الغواصات التي ستنتجها أستراليا بالتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا لن تكون مسلحة نووياً، وأنها ستعتمد على الأسلحة التقليدية.

وفي حين أن الغواصات التي صممتها الولايات المتحدة ستكون مزودة بأنابيب إطلاق صواريخ، فإن أستراليا ليست ضمن قائمة الـ 11 دولة في العالم التي تمتلك أسلحة نووية.

وتستخدم الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، كما هو الحال بالنسبة لكل الأسلحة النووية، اليورانيوم المخصب، لكنها لا تنتهك معاهدات حظر التسلح النووي لأن أستراليا لن تقوم بتخصيب اليورانيوم.

اقرأ أيضاً: