تواري قادة طالبان عن الظهور يثير تكهنات بشأن مصيرهم

time reading iconدقائق القراءة - 7
الملا برادر وسط مجموعة خلال إلقائه بياناً في صورة مأخوذة من مقطع فيديو، 16 أغسطس 2021 - Via REUTERS
الملا برادر وسط مجموعة خلال إلقائه بياناً في صورة مأخوذة من مقطع فيديو، 16 أغسطس 2021 - Via REUTERS
دبي-الشرق

يثير غياب عدد من القادة البارزين لحركة طالبان الأفغانية عن الظهور في وسائل الإعلام، تكهنات بشأن حدوث انقسامات بين أفراد الحركة، مع استيلائهم على السلطة، وتشكيلهم حكومة جديدة، حسب ما أفاد تقرير صادر عن شبكة "سي. إن. إن".

وأشار التقرير، الذي نشر الأربعاء، إلى أنه من النادر رؤية قادة طالبان في المناسبات العامة، كما أنهم لا يسمحون بإجراء مقابلات أو عقد مؤتمرات صحافية بسهولة، وسط تحرك الكثير منهم بعيداً عن الأضواء، وغموض أماكن وجودهم، ما يؤدي إلى تردد شائعات حول صحتهم، والخلافات الداخلية المحتملة.

وأوضحت أن هذه الشائعات، اكتسبت زخماً في الأيام الماضية، لدرجة أن المتحدثين باسم طالبان أُجبروا على تجنب التساؤلات، بشأن "مقتل أحد أبرز الشخصيات في الجماعة، وهو الملا عبد الغني برادر" أو إصابته في نزاع شهدته كابول الأسبوع الماضي مع شبكة حقاني، التي تشغل مناصب رئيسية في الحكومة المؤقتة.

لكن الحركة أعلنت، الأربعاء، أنها ستبث لقاء مصوراً مع نائب رئيس الحكومة الأفغانية الملا عبد الغني برادر، رداً على مزاعم إصابته نتيجة نزاع داخلي في القصر الرئاسي، بحسب ما نشره حساب "الإمارة الإسلامية" التابع للحركة على تويتر. وبث المتحدث باسم حركة طالبان، محمد نعيم، لقطات مصورة للقاء مع الملا عبد الغني برادر.

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم حركة طالبان محمد سهيل شاهين، الاثنين، إن برادر أخوند، نفى في رسالة صوتية جميع المزاعم التي تفيد بإصابته أو سقوطه قتيلاً في اشتباك. وأضاف أنه وصف هذه الشائعات بأنها "أكاذيب لا أساس لها على الإطلاق".

وفي وقت سابق الأحد، أفادت قناة "أفغانستان إنترناشيونال"، بوقوع اشتباكات وإطلاق نار بين مجموعتين تابعتين لحركة طالبان وشبكة حقاني في مدينة مزار شريف بولاية بلخ.

وكان مسؤولو طالبان أكدوا مراراً أن الزعيم الأعلى للحركة، والقائد العام هبة الله أخوند زاده، سيظهر قريباً على الملأ، لكن ذلك لم يتحقق، ما أثار شائعات بإمكانية مرضه أو حتى وفاته.

وأشارت "سي. إن. إن" إلى أن أي بلد آخر، يخضع لمثل هذه التكهنات، يدعو فيه السياسي إلى عقد مؤتمر صحافي أو الظهور تلفزيونياً.

تسجيل صوتي

وأصدر برادر، الاثنين، تسجيلاً صوتياً مدته 39 ثانية بجودة متواضعة، إلى جانب مذكرة مكتوبة بخط اليد من مساعده، لكن لم يكن هناك مقطع فيديو أو صور حديثة، بينما شوهد آخر مرة في ظهور عابر في أحد فنادق كابول، في الأسبوع الأول من سبتمبر.

ونسب إلى برادر في المقطع الصوتي قوله: "هناك بعض الأقوال تتردد في وسائل الإعلام، لقد كنت خارجاً في رحلة، وذهبتُ إلى مكان ما وحمداً لله كلنا على ما يرام. بعض الشبكات الإعلامية تفعل هذا النوع كدعاية، وتردد مثل هذه الأكاذيب المخزية. أرفض هذا الحديث بشجاعة. لا توجد مشاكل بحمد الله".

ويرأس برادر المكتب السياسي لطالبان، وقاد مفاوضات الدوحة مع الحكومة السابقة والولايات المتحدة، كما توقع البعض أنه سيُعين رئيساً للوزراء، لكن بعد مفاوضات مطولة حول شكل الحكومة الجديدة، عين نائباً لرئيس الوزراء.

وذكرت "سي. إن. إن" أن الشائعات بشأن وجود خلاف داخلي بين قيادات الحركة، زادت بسبب غياب برادر عن الوفد، الذي التقى وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في كابول الأحد، لكن الحركة أفادت بأنه غادر إلى قندهار، إذ يقال إن هبة الله أخوند زاده يقيم هناك.

اختفاء مألوف

وأضافت الشبكة أن اختفاء قيادة طالبان عن الأنظار ليست ظاهرة جديدة، إذ لا تجد الحركة الحاجة إلى التواصل مع العالم الخارجي. 

وعلى الرغم من أن بعض قيادات الحركة، ينخرطون في جهود مكثفة للعلاقات العامة، عبر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، التي تبث الرسائل فيها بعدة لغات إلى جانب عقد المؤتمرات الصحافية. لكن استراتيجية الاتصال لا تمتد إلى القادة الذين أمضوا معظم حياتهم في حرب العصابات، وقضوا سنوات في السجن.

وقال عزاز سيد، الصحافي الباكستاني الذي كتب تقارير عن طالبان لشبكة "سي. إن. إن": "معظم قادة طالبان الرئيسيين، وخاصة من عائلة حقاني، يتجنبون الانكشاف أو الظهور علناً؛ لأنهم مقتنعون بأن هويتهم ستساعد العدو على استهدافهم". 

حادثة وفاة الملا عمر

ولفتت "سي. إن. إن" إلى أن أفضل مثال لموقف طالبان تجاه الدعاية والشفافية، يمكن استخلاصه من ظروف وفاة المؤسس المشارك للحركة والقائد الأول الملا عمر، بمرض السل في 2013، لكن الجماعة لم تفصح عن وفاته إلا بعد عامين.

وترى الشبكة أن هذا في حد ذاته كان مؤشراً على الانقسامات العميقة داخل الحركة، وخاصة بشأن مفاوضات السلام التي قاومها العديد من القادة العسكريين في طالبان، لاسيما أن الانقسامات كانت حادة للغاية، لدرجة أن بعض القادة تركوا الحركة، للانضمام إلى فرع "داعش" الناشئ في أفغانستان.

وأشارت الشبكة لانتخاب الزعيم الأعلى الحالي للحركة، هبة الله أخوند زاده في 2016، في اجتماع لمجلس القيادة في مدينة كويتا الباكستانية، المقر الرئيسي لطالبان في المنفى، لكنه لم يظهر علناً في السنوات الخمس التي تلت ذلك، كما لم يظهر أي بيان باسمه في 2020.

أجواء من الغموض

وذكر مولاوي محمد علي جان أحمد، وهو مسؤول كبير في طالبان في مقابلة مع مجلة "فورين بوليسي" في يونيو 2020، إن أخوند زاده أصيب بفيروس كورونا، وقال:"زعيمنا مريض، لكنه يتعافى"، فيما ذكرت مصادر أخرى للمجلة في حينها "اعتقادهم بوفاته متأثراً بالفيروس".

وفي الشهر الذي أعقب تولي طالبان السلطة، صدر "بيان واحد فقط باسم أخوند زاده" قال فيه: "أؤكد لجميع المواطنين أن الشخصيات (الوزراء في حكومة طالبان) ستعمل بجد من أجل التمسك بالقواعد الإسلامية، وقانون الشريعة في البلاد".

وأوضحت "سي. إن. إن"، أن أي انقاسامات ممكنة داخل قيادة طالبان اليوم لها جذور في مجلس القيادة تعود لعام 2016، معتبرة أنه وسط أجواء الغموض، فإن أي شيء ينشأ عن نزاع أو صدام بين العناصر المتنافسة لن يظهر للعلن، وستظل مكائد طالبان الداخلية، وعملية صنع القرار فيها مبهمة.

لمتابعة آخر مستجدات الأحداث في أفغانستان: