تستضيف الصين، الأربعاء والخميس، اجتماعات بشأن أفغانستان، وسط مساعي حركة طالبان للحصول على اعتراف دبلوماسي من بكين والدول المجاورة، مقابل دور صيني أكبر في التنمية بأفغانستان.
وتشهد الصين اجتماعين متزامنين سيتم عقدهما لبحث الملف الأفغاني، الأول يضم ممثلي دول مجموعة الترويكا الموسعة، بحضور المبعوث الخاص إلى أفغانستان من دول الصين والولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى ممثل باكستان.
أما الاجتماع الثاني فيضم وزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان (الصين، وروسيا، وباكستان، وإيران، وطاجيكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان)، كما سيمثل وزير الخارجية المعين من قبل طالبان أمير خان متقي، أفغانستان، مع مشاركة قطر وإندونيسيا كضيفي شرف.
ورجحت "أسوشيتد برس" أن تحاول الصين وضع يدها على ملف تنمية أفغانستان المليئة بموارد غير مطورة تقدر قيمتها بـ"تريليون" دولار، من بينها منجم "مس أيناك" الذي يُعتقد أنه يحتوي على أكبر مخزون نحاس في العالم.
وأشارت الوكالة إلى أن طموحات الصين الخاصة بامتلاك اليد العليا في عملية تحقيق الاستقرار والتنمية في أفغانستان تحت حكم طالبان، و"تعزيز مكانتها الإقليمية"، ستظهر "بجلاء" في الاجتماعين.
تنمية مبكرة
وأوضحت "أسوشيتد برس" أن محادثات الترويكا الموسعة "سيتردد صداها" على نحو إيجابي مع انعقاد اجتماع وزراء خارجية دول الجوار، "ما سيؤدي إلى تعزيز توافق جميع الأطراف.. لمساعدة أفغانستان على تحقيق السلام، والاستقرار، والتنمية في وقت مبكر".
مصالح مشتركة
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إن "مصالح هذه المجموعة تتواءم مع حاجة طالبان إلى الوفاء بالتزاماتها بتشكيل حكومة شاملة، وعدم توفير ملاذ آمن للإرهاب، والمحافظة على استقرار البلاد، وإعادة بناء الاقتصاد، واحترام حقوق الإنسان والنساء والأقليات".
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن الصين "لم تعترف بحكومة أفغانستان الجديدة المتشددة، لكنها، في الوقت نفسه، لم توجه لها انتقادات حادة، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة".
وكان وانج استضاف وفداً رفيع المستوى من طالبان، قبل شهر من تولي الحركة السلطة في أفغانستان، لحضور الاجتماع الذي عُقد في 28 يوليو 2021، في مدينة تيانجين الساحلية الصينية.
وأشار وانج إلى الجماعة باعتبارها "قوة محورية تضطلع بدور مهم في تحقيق السلام وإعادة إعمار أفغانستان".
وفي المقابل، حصلت الصين، في هذه المناسبة وغيرها على ضمانات من حركة طالبان بأن الحركة لن تسمح بانطلاق عمليات من داخل حدودها بواسطة أقلية الإيجور في إقليم شينجيانج.
والأسبوع الماضي، زار وانج بشكل مفاجئ كابول للقاء قادة طالبان في وقت أعرب فيه المجتمع الدولي عن غضبه بسبب نكث الحركة المتشددة وعدها بفتح مدارس الفتيات اللاتي تجاوزن الصف السادس، في اليوم السابق لزيارة وزير الخارجية الصيني.
وقال محلل المخاطر السياسية وشؤون آسيا، المقيم في أستراليا هنري ستوري لـ"أسوشيتد برس" إن زيارة وانج لكابول تحمل كل علامات "تبادل المصالح الرسمي بين الحكومتين".
وأوضح ستوري أن ما تستطيع بكين تقديمه لطالبان عبر استضافتها اجتماعات كهذه، هو "حصول الحركة على اعتراف دبلوماسي من الصين والدول المجاورة الأخرى".
تريليون دولار
ويتمثل الهاجس الصيني الآخر، وفقاً لـ"أسوشيتد برس"، في "محاولة ملاحقة فرص استغلال الموارد الهائلة وغير المطورة"، وخاصة منجم مس أيناك الذي يُعتقد أنه يحتوي على أكبر مخزون نحاس في العالم.
ولم تشُك الحكومات الأفغانية المتعاقبة في أن الثروات المعدنية، التي تقدر قيمتها بتريليون دولار، هي "مفتاح البلاد لتحقيق مستقبل زاهر"، لكن أياً منها لم تستطع تطويرها بسبب الحروب والعنف المستمرين.
تنافس على أفغانستان
والآن، تتطلع العديد من الدول مثل إيران، وروسيا، وتركيا، إلى الاستثمار في أفغانستان، وملء الفراغ الذي خلفه الانسحاب الأميركي الفوضوي العام الماضي، ما أدى إلى مغادرة جماعات المساعدة الدولية، وتجميد الأصول الأفغانية، وانهيار اقتصاد البلاد.
وقال عالم الاقتصاد في جامعة كولومبيا، الخبير في شؤون آسيا الوسطى ألكسندر كولي، إن الصين ستسعى خلال اجتماعات هذا الأسبوع إلى "التموضع" لتقديم المساعدات الإنسانية ومشاريع التنمية الاقتصادية في أفغانستان.
ورجح كولي أن "الصين ستدعو الولايات المتحدة صراحةً إلى الإفراج عن أصول وحسابات الحكومة الأفغانية". وأضاف أن بكين "ترسخ لنفسها بهدوء، باعتبارها القوة الخارجية الرائدة في المنطقة".