رغم قلة الزوار الأجانب.. كورونا ينعش السياحة الداخلية في باريس

time reading iconدقائق القراءة - 6
برج إيفل أحد المعالم الباريسية الشهيرة. - REUTERS
برج إيفل أحد المعالم الباريسية الشهيرة. - REUTERS
باريس-أ ف ب

تناقص كثيراً عدد السياح الأجانب الذين يزورون العاصمة الفرنسية باريس، بسبب تفشي كورونا، وفي المقابل فإن السياحة الداخلية تنشط لعدم قدرة الفرنسيين على السفر بسبب إغلاق العديد من الدول حدودها أمام الزوار الأجانب.

ويكتشف السياح، على قلّتهم، جوانب في باريس ما كانت لتخطر في بالهم قبل أن تلقي الجائحة بثقلها على المدينة التي تُعتبر من أكثر الوجهات استقطاباً للسياح في العالم، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وبسبب الجائحة، فإن سياح باريس في الزمن الراهن محرومون متاحفها ومطاعمها والتسوق في متاجرها الكبرى التي تجتذب عادة المتبضعين من كل العالم، فرادى وجماعات.

نشاطات قليلة

ومن المفترض أن يكون هؤلاء السياح قد أبرزوا فحصاً لفيروس كورونا ذا نتيجة سلبية لكي يُسمَح لهم بدخول الأراضي الفرنسية، وينبغي عموماً أن يخضعوا لفحص آخر لدى عودتهم إلى دولهم.

ولكن عندما يصلون إلى باريس، يبدؤون بسلسلة من الأنشطة الممتعة.

جينيفرا موريلّو، وهي طالبة من مدينة ميلانو الإيطالية، استفادت من وجودها في العاصمة الفرنسية كي تحصل على رسم "وجهيّ" لها بريشة أحد فناني ساحة تيرتر، على قمة تلة مونمارتر.

وقالت "قبلاً، كان يوجد الكثير من الناس يريدون أن يرسمهم الفنانون، أما الآن فلم يعد يوجد هذا القدر،لذا نجدها فرصة لنا".

إلا أن ما يحبط موريلّو هو إغلاق المقاهي الباريسية، وتقول: "إنه لأمر مؤسف، لأن أجمل ما في باريس باعتقادي هو رؤية الناس والاستمتاع بالمقاهي والحانات".

وفي ظل هذا الواقع، بات الأجانب يركزون على التنزّه، ويستمتعون بهندسة المباني أو يكتشفون المعالم الأثرية، ولو من الخارج فقط.

العودة قبل الحظر

ومع أن بول فيدا من مقاطعة كيبيك الكندية أخذ يتعوّد على القيود المرتبطة بالجائحة ويتكيّف معها، فهو يؤكد بعد انتهائه من زيارة كاتدرائية القلب الأقدس أنه "حزين قليلاً لوجود عدد قليل جداً من الناس". أما الاستراتيجية التي يتبعها فتتمثل في اختيار مكان والذهاب إليه، بصرف النظر عما إذا كان مغلقاً أم لا، والحرص على العودة قبل السادسة مساء، وهو موعد حظر التجول، تحت طائلة دفع "غرامة قدرها 135 يورو".

ويفضل الكثيرون قلّة السياح في باريس، إذ تتيح لهم اكتشاف العاصمة الفرنسية على نحو أفضل. ففي عام 2019، قبل اندلاع الأزمة الصحية، اجتذبت باريس ومنطقتها 50 مليون زائر، وهو رقم انخفض بمقدار الثلثين في عام 2020.

وقال اختصاصي البصريات السويسري إيفان فدوفيتشيتش (27 عاماً) وهو يرتشف القهوة في الهواء الطلق في ساحة تروكاديرو مع أحد أصدقائه "أشعر بأن باريس ملك لي!".

وأضاف "لا يمكنك فعل الكثير، لا يمكنك أن تأكل أو تشرب، إذ إن المطاعم والمقاهي تلبي الطلبات الخارجية فقط، ولكننا نستفيد من هذا الوضع".

وتابع فدوفيتشيتش: "وجود عدد قليل جداً من الناس في الشوارع يبدو غريباً"، مضيفاً "لهذا السبب سأعود إلى باريس عندما ترجع الأمور إلى طبيعتها".

أما كريستين جوار التي جاءت من مانيلا مع زوجها الفرنسي لزيارة المدينة للمرة الأولى، فقالت "الأمر يبدو كأنه مكان خاص، فكل شيء مقفل والهدوء يعمّ حقاً".

تراجع الإيرادات

وتكمن المشكلة في كيفية التعامل مع حالات الطوارئ، كتناول وجبة عند الجوع، أو دخول المرحاض. وتحب كريستين جوار تناول الوجبات الجاهزة على مقعد عام في الهواء الطلق... ما دام الطقس جيداً.

أما نيال كاردن فيلاحظ من جهته أن ثمة صعوبة في العثور على مراحيض، إذ إن "المراحيض العامة محدودة جداً"، على ما يشرح الطالب الإيرلندي البالغ 21 عاماً، الذي يتابع دراسته في غرب فرنسا، ضمن برنامج الاتحاد الأوروبي للتعليم والتدريب (إيراسموس).

وأضاف كاردن "يا له من منظر!"، وهو يقف على الدرجات شبه الفارغة لحدائق تروكاديرو، متأملاً برج إيفل الواقع على نهر السين.

ويقرّ بأنه يفتقد "حياة المقهى وحياة المطعم"، واصفاً ذلك بأنه "أمر محزن"، ويعتبر أن "عدم زيارة قمة برج إيفل هو أيضاً محبط قليلاً"، ولكنه يرى "ضرورة تثمين الأشياء الصغيرة"، مشيراً إلى أن"... المدينة أكثر هدوءاً بكثير. أنا أفضّل ذلك في الواقع".

في الشهر الماضي، شكّل الأجانب ما نسبته 4% فقط من الحجوزات في الفنادق المفتوحة حالياً، وفقاً لجمعية العاملين في السياحة في إيل دو فرانس (المنطقة الباريسية).

ويُترجم ذلك بانخفاض إيرادات الفنادق بمعدل 73% عما كانت عليه في الشهر نفسه من العام الماضي، وفقاً للجمعية، وتصل النسبة إلى 88% للفنادق الواقعة في مدينة باريس نفسها.