ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الأحد، أن دائرة الصراع في إثيوبيا تتوسع، بسبب قرار رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد بتجنيد المدنيين في حربه ضد جبهة تحرير تيغراي، ما قد يجبر الجماعات العرقية على الانحياز لطرف ضد الآخر، وربما انتشار الصراع في المنطقة ككل.
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وصل إلى السلطة داعياً إلى الوحدة والأمل، ونال جائزة نوبل للسلام في عام 2019 بعد إبرامه اتفاق سلام تاريخياً مع إريتريا، العدو القديم، وأطلق سراح الآلاف من السجناء السياسيين، ورفع القيود المفروضة على الصحافة، ووعده بوضع حد لعقود من "الحكم الاستبدادي القمعي".
لكن الصحيفة الأميركية أشارت إلى أن آبي، الغارق في حرب أهلية طاحنة، يسلك الآن مساراً مختلفاً اختلافاً جذرياً، إذ "يؤجج حمى الحرب، ويحث جميع الرجال والنساء الأصحاء، على الانضمام لحملة عسكرية آخذة في الاتساع، إما كمقاتلين أو بالقيام بأدوار داعمة".
"آلاف المتطوعين"
ولم تذكر وزارة الدفاع الإثيوبية عدد المجندين الجدد الذين انضموا إليها، ولكن المتحدث باسم سينتايهو أبيت، نائب عمدة أديس أبابا، قال إن 3000 من سكان المدينة تم تجنيدهم منذ بداية الحملة، وأن آلافاً آخرين في جميع أنحاء البلاد، التحقوا أيضاً بالحملة.
وأدان النقاد حملة آبي الأخيرة، وقالوا إن ضخ مجندين جدد في القتال، لن يؤدي إلا إلى مزيد من إراقة الدماء في الدولة المنقسمة بشدة، ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي ككل، حسب ما ذكرت "نيويورك تايمز".
وأوضحت الصحيفة أن إثيوبيا تضم ما لا يقل عن 80 مجموعة عرقية و10 حكومات إقليمية، مُضيفة أن المحللين يشعرون بالقلق من أن يدفع الصراع الطويل، الجماعات العرقية في إثيوبيا للانحياز إلى أحد الأطراف ضد الآخر، وربما استقطاب دول من جميع أنحاء المنطقة.
"حرب إبادة جماعية"
وقال ميهاري تاديلي مارو، أستاذ الجغرافيا السياسية في معهد الجامعة الأوروبية، للصحيفة: "هذا الإعلان لتحويل المدنيين إلى مقاتلين، سيؤدي إلى انزلاق البلاد إلى حرب إبادة جماعية، وسيخلق عداوة بين الشعوب لأجيال قادمة، وسيؤدي إلى انهيار الاقتصاد".
وعلى مدى الأشهر التسعة الماضية، قُتل آلاف الأشخاص، ونزح نحو مليوني شخص، ويواجه مئات الآلاف غيرهم خطر المجاعة، وسط تقارير تتحدث عن مجازر، واعتداءات جنسية، وتطهير عرقي.
وتعود جذور الصراع الإثيوبي إلى نوفمبر الماضي، عندما أمر آبي بشن هجوم عسكري على الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي حكمت إثيوبيا منذ عام 1991 حتى تولي آبي السلطة في عام 2018. واتهم الرئيس الإثيوبي الجبهة بمهاجمة قاعدة عسكرية فيدرالية، ومحاولة سرقة أسلحة.
وتصاعدت الحرب سريعاً بعد انضمام ميليشيات من إقليم أمهرة، وقوات إريترية للجيش الإثيوبي ضد قوات تيغراي. ولكن الانتصار السريع الذي وعد به آبي لم يتحقق.
ونشر الجيش الإثيوبي الأسبوع الماضي، صوراً تُظهر شباباً يلوحون بالأسلحة في مدينة ديبارك شمال إقليم أمهرة. وفي مدينة جيجيجا، شارك مئات الرجال والنساء، وبعض الأطفال في مسيرة لدعم القوات الحكومية.
رفض الوساطات
ووصف أحد المشاركين في المسيرة قوات تيغراي بأنها "عدو" لإثيوبيا، وتعهد بتدريب مجندين جدد أو الذهاب للقتال بنفسه. وقال: "دمي يغلي".
وقال مصطفى عمر، رئيس إقليم الصومال (شرق إثيوبيا)، الذي أرسل مئات الجنود للانضمام للحرب إلى جانب القوات الحكومية، للصحيفة إنه لن يتفاوض أبداً مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، لأنها "عذبت وقتلت شقيقه، وتسببت في اختفاء أفراد عائلته خلال حكمها الاستبدادي، الذي دام ما يقرب من ثلاثة عقود"، على حد تعبيره.
وتوقعت "نيويورك تايمز" أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً دموياً في المواجهات بين الجانبين، وذلك مع إصرار آبي أحمد على رفض جميع الوساطات لإيجاد حل سلمي للحرب، بما في ذلك وساطة عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القيام بها.