مصدر بفيينا لـ"الشرق": يجب التوصل إلى اتفاق مع إيران خلال 4 أسابيع

time reading iconدقائق القراءة - 9
كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري بعد حديثه للصحافيين على هامش مفاوضات فيينا، النمسا - 27 ديسمبر 2021 - AFP
كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري بعد حديثه للصحافيين على هامش مفاوضات فيينا، النمسا - 27 ديسمبر 2021 - AFP
فيينا- بدر العازمي

قال مصدر مقرب من محادثات إحياء الاتفاق النووي في فيينا الجمعة، لـ"الشرق"، إنه يجب التوصل إلى اتفاق مع إيران خلال 3 إلى 4 أسابيع، مشيراً إلى أن المفاوضات الآن تتناول القضايا العالقة التي لا تزال دون حل.

وشدد المصدر على أن "الوقت قد يكون العائق الأكبر أمام المفاوضات"، مضيفاً: "المحادثات في جزء يعنى بأدق التفاصيل من النقاش، والوقت هو العامل المهم".

وأشار إلى أن القضايا المفتوحة على طاولة النقاش تتضمن 3 أجزاء هي: "رفع العقوبات المفروضة على إيران، والامتثال النووي والتحقق والتنفيذ"، مشدداً أن تلك القضايا "قد تكون عائقاً ما لم تتخذ قرارات سياسية لتجاوزها".

ولفت المصدر إلى أن إيران تطالب بضمانات سياسية واقتصادية ضمن الاتفاق، وهو ما يعتبره بعض الأطراف "صعباً جداً".

ونفى المصدر المطلع على سير المحادثات طرح مسألة "اتفاق مؤقت" على طاولة المفاوضات.

وأكد مصدر دبلوماسي آخر لـ"الشرق"، وجود رؤية أميركية للحصول على صفقة أفضل من الوضع الحالي للأزمة النووية، كما أن هناك "مماطلة" إيرانية بهدف الحصول على أكبر قدر من المكاسب في الاتفاق الذي يتوقع أن تتوصل إليه كافة الأطراف خلال الأسابيع المقبلة.

لكنه تساءل ما إذا كان ذلك الاتفاق سيكون "مقنعاً ويطال سقف التوقعات لكل الأطراف".

ملفان على الطاولة

 وبحسب مصادر "الشرق"، فإن المفاوضين في فيينا يناقشون ملفين يتعلق الأول بأجهزة الطرد المركزية التي تمتلكها إيران، وكيفية التخلص منها ومن بنيتها التحتية.

 أما الملف الآخر فهو يعنى بالتحقق من رفع العقوبات، إذ تطلب طهران وقتاً كافياً لجني فوائد رفع العقوبات بالإضافة لضمانات اقتصادية. وهو ما أكده مصدر مقرب من المفاوضات، حيث قال إن الجانب الإيراني يريد ضمانات سياسية واقتصادية ضمن الاتفاق النووي وهو "الأمر الأكثر صعوبة" على حد وصفه.

وقالت مصادر لـ"الشرق"، إن المحادثات ستستمر الأيام المقبلة على مستوى الخبراء من خلال لجنة العمل الثالثة المعنية بتسلسل الخطوات والتحقق لإعادة الولايات المتحدة وايران للاتفاق النووي".

إيران تعول على بكين وموسكو

يأتي ذلك فيما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الجمعة، إن بلاده تأمل أن يتم التوصل "لاتفاق جيد" في فترة قصيرة.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "فارس" عن عبد اللهيان قوله في ختام زيارة للصين، إن دور الصين وروسيا "مهم جداً" في هذا الموضوع، مضيفاً أن إيران تأمل أن تتابع الأطراف الغربية المفاوضات وأن تكون لها "مبادرات برؤية واقعية بهدف الوصول الى اتفاق جيد يتضمن حقوق ومصالح الشعب الإيراني".

واتهم الوزير الإيراني الأطراف الغربية المشاركة في مفاوضات فيينا بعدم امتلاك مبادرات، قائلاً إن الرسائل التي تبعثها تلك القوى عبر وسطاء "تتحدث بكلام جيد لكنها لا تقدم أي مبادرة عملية".

وقال إن "سلوك الغربيين بالمقارنة مع تصريحاتهم بأنهم قلقون ومستعجلون وعدم المبادرة لديهم، مؤشر إلى وجود تناقض بين أقوالهم وأفعالهم".

إجراء مشاورات

وذكرت "فارس" في وقت لاحق الجمعة، أن كبار المفاوضين الإيرانيين والدول الأوروبية، عادوا إلى عواصمهم من أجل مناقشة المواقف السياسية وإجراء المشاورات.

ولفتت الوكالة إلى أن فترة التوقف ستستمر ليومين، بينما ستتواصل المحادثات "على مستوى الخبراء دون توقف"، مشيرةً إلى أن "عودة كبار المفاوضين لا تعني انتهاء الجولة الثامنة من المحادثات".

وكانت وكالة "رويترز" نقلت في وقت سابق الجمعة، عن مصدر مطلع على المحادثات القول إن هناك عدداً كبيراً من القضايا في مجالات عدة ما زالت دون حل في المفاوضات النووية.

وأضاف المصدر: "في كل جزء من الورقة (غير المكتملة التي تحدد الخطوط العريضة لاتفاق)، توجد قضايا مازالت قيد الدراسة"، مضيفاً أنه على الرغم من أن المفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح "لا يوجد متسع من الوقت".

مصير أجهزة الطرد 

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن دبلوماسي أوروبي، الجمعة، قوله إن مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي المستمرة في فيينا، لم تحسم بعد مصير أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها إيران في تخصيب اليورانيوم.

وأشار المصدر، إلى أنه جرت مناقشة خيارات "التدمير وتعليق الاستعمال (أجهزة الطرد المركزي) ومجموعة حلول وسط"، مشيراً إلى أن طهران عارضت الخيار الأول المتعلق بتدمير الأجهزة.

وبشأن مصير اليورانيوم المخصّب الذي تجاوز الحد المسموح به لإيران، نقلت "فرانس برس" عن  المتخصص بالملف في "مجموعة الأزمات الدولية" علي واعظ، قوله: "يتم تصديره إلى روسيا أو تخفيفه" لتحويله إلى يورانيوم منخفض التخصيب.

ويعد مصير أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم الذي خصبته إيران بالفعل خلال الأشهر الأخيرة بمستويات تفوق الحد الذي يسمح به الاتفاق النووي الموقع عام 2015، من النقاط الخلافية التي تبحثها مفاوضات فيينا، التي تجري خلف أبواب مغلقة. 

"تفاؤل حذر"

وبدأ يتغيّر خطاب أطراف الاتفاق النووي بشأن المفاوضات بعد انطلاقة صعبة، إذ أصبح يجري الحديث عن "جهود" و"تقدم" و"مسار إيجابي"، على الرغم من أن الغرب يواصل استنكار "بطء" المسار في ظل استمرار إيران في تطوير برنامجها النووي.

وبعد جولة أولى من الجلسات من إبريل إلى يونيو الماضييين في النمسا، استؤنفت الاجتماعات في 29 نوفمبر بين مختلف الدول التي لا تزال أطرافاً في الاتفاق الذي يحمل رسمياً اسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وهي الثلاثي الأوروبي ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة إضافة إلى الصين وروسيا وإيران. 

وترمي المفاوضات لإعادة واشنطن إلى الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترمب منفرداً عام 2018، وإعادة طهران إلى احترام التزاماتها التي انتهكتها رداً على إعادة فرض العقوبات الأميركية أبرزها فرض حظر نفطي صارم وأي تعامل مالي مع إيران.

وبدأت المحادثات في أجواء سيئة، لكنها استؤنفت في نهاية ديسمبر في مناخ أكثر تفاؤلاً، إذ وصفها نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف مطلع الأسبوع بأنها "تسارعت"، معتبراً أن "فرص التوصل إلى حل ازدادت". وأكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الجمعة، أن "هناك تقدماً حقيقياً".

كان ذلك أيضاً رأي طهران التي أشادت بالرغبة الحالية لجميع المفاوضين في التوصل إلى "اتفاق موثوق ومستقر".

وكذلك تراجعت واشنطن عن تشاؤمها الشديد الذي أظهرته في ديسمبر، وأشارت على لسان المتحدث باسم خارجيتها نيد برايس، إلى تحقيق "تقدم متواضع"، لكنها حذرت من أن "ذلك لا يكفي".

غير أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اعتبر، الثلاثاء، أنّ مفاوضات فيينا بشأن الملف النووي الإيراني "بطيئة جداً"، مشدداً على أنّ ذلك يهدّد إمكانية التوصّل إلى اتفاق في "إطار زمني واقعي".

 مواضيع خلافيّة

ويرى المتخصص بالملف في "مجموعة الأزمات الدولية" علي واعظ، أن بين إيران ومحاوريها "لا تزال وجهات النظر بعيدة جداً بشأن العقوبات التي سيتم رفعها، وطريقة التحقق والضمانات بأن الولايات المتحدة لن تتراجع أبداً عن الاتفاق".

وأضاف واعظ في تصريح لـ"فرانس برس" أنه للتحقق من إلغاء الإجراءات العقابية "هناك مجالان: صادرات النفط الإيرانية وقدرة طهران على إعادة العائدات المرتبطة بالقطاع وكذلك الأموال المجمدة... وهو ما يمكن القيام به في غضون أيام قليلة".

لكن موضوع الضمانات أكثر حساسية لأنه "لا يمكن لأي إدارة أميركية أن تقيد أيدي خليفتها"، وفق الخبير.

وأضاف واعظ، أن "إدارة جو بايدن يمكنها ويجب عليها تقديم تأكيدات على أن الشركات المستثمرة في السوق الإيرانية لن تتعرض لعقوبات أميركية ما دامت إيران تحترم التزاماتها" في ظل رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

"مهلة أسابيع"

ويرفض مختلف الأطراف تحديد موعد نهائي لإنهاء المباحثات، لكن الغربيين يكررون باستمرار أن "الوقت ينفد"، وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس، من أنه لم يتبق سوى "بضعة أسابيع" لإبرام اتفاق.

وقال بلينكن إنه في حال فشل المحادثات "سنبحث في خطوات أخرى وخيارات أخرى" مع حلفاء الولايات المتحدة "في أوروبا والشرق الأوسط وما بعدهما". وأضاف: "نحن مستعدون لأيّ من المسارين".

ويرى واعظ أنه يمكن مثلاً التصويت على عقوبات في الأمم المتحدة.

من جانبهم، يدعو الرافضون لاتفاق 2015، واشنطن إلى تصعيد الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على إيران قبل اللجوء إلى خيار عسكري محتمل.

ودعا نحو 100 عضو جمهوري في الكونجرس هذا الأسبوع إدارة جو بايدن إلى الانسحاب من المحادثات "غير المجدية" في فيينا.

لكن وفق جوليا ماسترسون من جمعية "الحد من التسلّح" فإن "من المصلحة المشتركة للقوى الغربية مواصلة المفاوضات ما دامت إيران تجلس إلى الطاولة". وأبدت تفاؤلاً بأنه "يمكن استعادة الاتفاق إذا كان كل من الطرفين مبدعاً ومرناً".

تصنيفات