أعلنت الحكومة الباكستانية، السبت، أنّ الفيضانات المفاجئة والمدمرة التي ضربت معظم أنحاء البلاد، وأجبرتها على إعلان حالة طوارئ، أودت بحياة قرابة 1000 شخص منذ يونيو الماضي، فيما تضرر نحو 33 مليون شخص بشدة في جميع أنحاء البلاد.
يأتي ارتفاع حصيلة الضحايا غداة طلب رئيس الوزراء شهباز شريف مساعدات دولية، للتعامل مع الأضرار الناجمة عن الفيضانات التي قالت الحكومة إنها أثرت على أكثر من 30 مليون شخص، بحسب ما أوردت وكالة "أسوشيتد برس".
وقالت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في أحدث تقاريرها، إن 45 شخصاً لقوا حتفهم في حوادث مرتبطة بالفيضانات بين يومي الجمعة والسبت، وبذلك ارتفع عدد الضحايا منذ منتصف يونيو إلى 982 مع إصابة 1456 شخصاً.
وقالت وزيرة الإعلام الباكستانية مريم أورنجزيب، إن جنود الجيش ومنظمات الإغاثة يساعدون الناس على الوصول إلى بر الأمان في العديد من المناطق بمقاطعات السند (جنوب)، وخيبر باختونخوا (شمال غرب)، والبنجاب (شرق)، وبلوشستان (جنوب غرب).
وأضافت: "أقرّت الحكومة أموالاً لتعويض المتضررين مالياً، ولن نترك شعبنا بمفرده في هذا الوقت العصيب".
وحضّت أورنجزيب المواطنين الأثرياء ومنظمات الإغاثة على تقديم المساعدات لإغاثة الباكستانيين المتضررين من الفيضانات.
حالة طوارئ
وأعلنت وزيرة التغير المناخي شيري رحمان، التي وصفت الفيضانات بأنها "كارثة ذات نطاق هائل"، حالة طوارئ، وطالبت بالحصول على مساعدات دولية.
وأفاد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء شهباز شريف، الجمعة، أن 33 مليون شخص "تضرروا بشدة" من الفيضانات، في حين قالت وكالة مكافحة الكوارث في البلاد إن نحو 220 ألف منزل دمر، فيما تضرر نصف مليون آخر بشدة، بحسب وكالة "فرانس برس".
وألغى رئيس الوزراء رحلة كانت مقررة إلى بريطانيا للإشراف على الاستجابة للفيضانات، وأمر الجيش باستخدام كل الموارد المتاحة في عمليات الإغاثة.
وقال شهباز شريف للتلفزيون الرسمي بعد زيارة سوكور: "رأيت المشاهد من الجو ولا يمكن التعبير عن الدمار بالكلمات". وأضاف: "غمرت المياه مدناً وبلدات ومحاصيل. لا أعتقد أن هذا المستوى من الدمار حدث من قبل".
وأطلق نداء وطني لجمع التبرعات، مع إعلان الجيش الباكستاني أن كل ضابط صف سيتبرع براتب شهر في هذا الإطار.
من جانبها، قالت وكالة مكافحة الكوارث الإقليمية إن مليوني فدان من المحاصيل المزروعة قضي عليها في إقليم السند وحده، حيث يعيش العديد من المزارعين.
وأكثر المناطق تضرراً هي بلوشستان والسند في جنوب البلاد وغربها، لكن كل أنحاء باكستان تقريباً تعاني من آثار الفيضانات.
وانتشرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي، الجمعة، لأنهار متضخمة دمرت مبانياً وجسوراً أقيمت على ضفافها في الشمال الجبلي.
وفي شامان، البلدة الحدودية الغربية المجاورة لأفغانستان، اضطر المسافرون للخوض في المياه التي وصل ارتفاعها إلى الخصر، لعبور الحدود بعد انفجار سد قريب.
وقالت شركة السكك الحديد الباكستانية إن مدينة كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان، قطعت عن بقية البلاد، وتوقفت خدمات القطارات بعدما تضرر جسر رئيسي بسبب فيضان مفاجئ.
كذلك، تعطلت معظم شبكات الاتصالات وخدمات الإنترنت في الإقليم، فيما وصفته هيئة الاتصالات في البلاد بأنه أمر "غير مسبوق".
ويقول المسؤولون إن فيضانات هذا العام يمكن مقارنتها بفيضانات عام 2010، الأسوأ على الإطلاق، حين لقي أكثر من ألفي شخص مصرعهم، وكان نحو خُمس سكان البلاد محاصرين بالمياه.
إجراءات استباقية
ونقلت "أسوشيتدبرس" عن سانيا صافي، وهي مسؤولة إدارية في مدينة تشارسادا بمقاطعة خيبر بختونخوا (شمال غرب)، قولها إنّ الفيضانات دمرت بوابات نظام رئيسي للتحكم في المياه في نهر سوات، ما أدى إلى فيضانات في مقاطعتي تشارسادا ونوشيرا.
وأضافت: "اتخذنا إجراءات استباقية، وحذّرنا وأجبرنا السكان المترددين على مغادرة منازلهم من أجل سلامتهم، والانتقال إلى مخيمات الإغاثة المقامة في المباني الحكومية في أماكن آمنة".
وأعربت صافي عن مخاوف من ارتفاع مناسيب نهري سوات وكابول، ما يزيد من بؤس السكان الذين عانوا بالفعل من خسائر في الأرواح والممتلكات.
وفي منطقة ناوشيرا، قالت المسؤولة المحلية قرة العين وزير، إنّ مياه الفيضانات غمرت الشوارع قبل أن تتجه المياه المتدفقة نحو المناطق المنخفضة.
وأضافت: "أجلت إدارتنا العديد من الأشخاص، وأخذت آخرين إلى معسكرات الإغاثة حيث وفرت الحكومة الأسرّة والطعام في المباني الآمنة. سنستخدم الشرطة لإجبار المترددين على مغادرة منازلهم".
نداء إغاثة أممي
واستجابة لنداء رئيس الوزراء الباكستاني للحصول على مساعدات دولية، خططت الأمم المتحدة لتوجيه نداء إغاثة عاجل بقيمة 160 مليون دولار للتبرعات، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية عاصم افتخار.
وقال افتخار في إيجاز صحافي إن النداء سيُطلق في 30 أغسطس الجاري.
وتحتل باكستان المرتبة الثامنة في مؤشر أخطار المناخ العالمي، وهو قائمة تعدها المنظمة البيئية غير الحكومية "جيرمن ووتش" للبلدان التي تعتبر الأكثر عرضة للظواهر الجوية القاسية الناجمة عن تغير المناخ.
وتعتبر الأمطار الموسمية السنوية ضرورية لريّ المحاصيل وتجديد موارد البحيرات والسدود عبر شبه القارة الهندية، لكنها تجلب معها أيضاً موجة من الدمار كل عام.
وتسبب موسم الرياح الموسمية، الذي بدأ في يونيو الماضي، في هطول أمطار غزيرة على باكستان بشكل خاص هذا العام.
وأتلفت الأمطار الغزيرة والفيضانات جسوراً وطرقاً في جميع أنحاء باكستان، وتعطيل إمداد الأسواق بالفواكه والخضروات، وتسببت في ارتفاع الأسعار.
ومن المتوقع استمرار هطول الأمطار الموسمية هذا الأسبوع، لا سيما في الجنوب والجنوب الغربي. ويمتد موسم هطول الأمطار عادة من يوليو إلى منتصف سبتمبر في باكستان.
اقرأ أيضاً: