هكذا كشف الانسحاب من أفغانستان تناقضات إدارة بايدن

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي جو بايدن يتوسط وزيريه للدفاع لويد أوستن (يميناً) وللخارجية أنتوني بلنيكن (يساراً) خلال اجتماع الكابينيت، 20 يوليو 2021 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن يتوسط وزيريه للدفاع لويد أوستن (يميناً) وللخارجية أنتوني بلنيكن (يساراً) خلال اجتماع الكابينيت، 20 يوليو 2021 - REUTERS
دبي- الشرق

أدى قرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالانسحاب السريع من أفغانستان إلى تحرك وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين في مسارين متناقضين، على الرغم من تحذير تقييم استخباراتي أميركي منتصف يونيو، من احتمالية سقوط كابول بعد 6 أشهر فقط من مغادرة القوات الأميركية، بحسب تقرير أعدته "وول ستريت جورنال".

وأوضحت الصحيفة أن "الانسحاب العسكري السريع تناقَض مع مهمة وزارة الخارجية المتمثلة في الحفاظ على سفارة قوية ودعم دبلوماسي كامل لكابول بعد مغادرة القوات الأميركية".

وأشارت إلى أن الإدارة الأميركية اعتمدت على تقديرات أولية بأن الحكومة الأفغانية ستصمد لعامين على الأقل، لكن تلك الاستراتيجية نُسفت مع اجتياح "طالبان" للبلاد وانهيار الحكومة الأفغانية والجيش.

ونقلت الصحيفة عن المسؤولين أن إحدى المشاكل التي واجهتها إدارة بايدن تمثلت في صعوبة التكيف بسرعة مع الظروف المتغيرة في أفغانستان مع تقدم حركة "طالبان".

بايدن يريد الانسحاب

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن "بايدن" تولى رئاسة الولايات المتحدة في يناير الماضي، أي مع اقتراب المهلة المحددة للانسحاب الأميركي من أفغانستان في 1 مايو، وهو التاريخ الذي اتفق عليه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، وحركة طالبان في محادثات العام الماضي.

ورغم إلغائه معظم قرارات ترمب، كان بايدن يميل للمضي قدماً في الاتفاق مع طالبان، مع تمديد المهلة المحددة للانسحاب بإضافة 4 أشهر.

وقال مسؤولون بالجيش الأميركي إن الجيش حاول إبقاء 2500 جندي في أفغانستان، وهو الحجم المُعلن للقوات في هذا الوقت رغم أن العدد الفعلي كان يصل إلى 3500 مع إضافة بعض الوحدات، بحسب الصحيفة.

ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أن المسؤولين العسكريين شعروا بأن الرئيس الأميركي يريد إنهاء الدور العسكري في أفغانستان، حتى قبل إعلانه في أبريل الماضي.

ونقلت الصحيفة عن المسؤولين أن القائد الأعلى للقوات الأميركية في أفغانستان، الجنرال سكوت ميلر، أخبر وزير الدفاع لويد أوستن في مارس الماضي، بأن بإمكانه إجلاء القوات الأميركية في غضون شهرين إذا اضطر إلى ذلك.

وحدد بايدن موعداً نهائياً للانسحاب في الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر التي أطلقت الحرب، لكنه أعلن لاحقاً تقديم الموعد إلى 31 أغسطس.

تأمين السفارة

ولفتت الصحيفة إلى أن تأمين السفارة أثناء الانسحاب أصبح أولوية ملحّة للإدارة الأميركية، وأن مسؤولي وزارتي الخارجية والدفاع وضعوا خطة لإبقاء 650 جندياً لتأمين السفارة ومطار كابول، ووافق عليها البيت الأبيض.

وبعد قرار بايدن أمرت السفارة الموظفين غير الضروريين بمغادرة أفغانستان، في أول جولة من جولات خفض عدد الموظفين. 

وفي 8 مايو الماضي، استضاف البنتاجون اجتماعاً للتأكد من أنه ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، وأجزاء أخرى من الإدارة الأميركية، متوافقون على إنهاء الدور الأميركي في أفغانستان.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أن خطة الجيش للانسحاب السريع لتقليل المخاطر التي تهدد القوات، كانت على رأس الموضوعات التي نوقشت خلال الاجتماع.

ولفتت إلى أن البنتاجون أراد مناقشة الإخلاء الطارئ للسفارة وكيفية إجلاء الأفغان المعرضين للخطر، لكن مسؤولي البيت الأبيض طلبوا إزالة هذه القضايا من جدول الأعمال، قائلين إنها ينبغي أن تُناقَش بشكل منفصل.

وذكر مسؤول بالجيش الأميركي للصحيفة أن وزير الدفاع لويد أوستن أخبر الحضور بأن الجيش سيخرج في الأسبوع الأول من يوليو مع بقاء 650 جندياً لحماية السفارة والمطار، وتضمن الاجتماع عرضاً تقديمياً عن الانسحاب وخطط إغلاق قاعدة "باجرام" الجوية.

إغلاق قاعدة باجرام

"وول ستريت جورنال" قالت إن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أثار في يونيو الماضي، تساؤلات بشأن الوتيرة السريعة للانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان مع تدهور الوضع الأمني هناك.

وخطط البنتاجون لسحب الجزء الأكبر من قوته وإغلاق قاعدة "باجرام" الجوية في أوائل يوليو الماضي، لتقليل المخاطر، لكن "سوليفان" تساءل عما إذا كان من الحكمة إغلاق القاعدة في ذلك الوقت القريب، خصوصاً في ظل تقييم استخباراتي بناء على طلب رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال مارك ميلي، في منتصف يونيو، يحذر من احتمال سقوط كابول بعد 6 أشهر فقط من الانسحاب، بحسب ما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين لم تسمّهم.

وذكرت الصحيفة أنه مع اقتراب عملية إغلاق "باجرام" من مرحلة اللاعودة، أوقف الجيش الأميركي العملية في 18 يونيو، لكي يتمكن البيت الأبيض من التفكير في تداعيات التخلي عن القاعدة الجوية الرئيسية للولايات المتحدة في أفغانستان.

وكان على القادة العسكريين الاختيار بين إبقاء "باجرام" مفتوحة أو مطار كابول، الذي كان يُعتقد أنه جاهز للتعامل مع عملية إجلاء كبيرة، قبل أن يوقع "بايدن" في 22 يونيو على خطة إغلاق القاعدة في 2 يوليو، والاحتفاظ فقط بوجود عسكري محدود على الأرض.

وقالت الصحيفة إن هذا القرار ساعد الولايات المتحدة على إنهاء حرب استمرت 20 عاماً، لكن حركة طالبان اجتاحت كابول سريعاً بعده، فضلاً عن الهجوم الانتحاري الذي نفذه أحد عناصر تنظيم "داعش - خُراسان" وأسفر عن سقوط ما لا يقل عن 180 شخصاً حول مطار كابول، بينهم 13 جندياً أميركياً.

سيطرة طالبان

في 6 أغسطس، عندما استولت "طالبان" على أول عاصمة لولاية أفغانية في حملة استمرت 10 أيام وانتهت بالسيطرة على كابول، اجتمع كبار المسؤولين بلإدارة الأميركية لمناقشة الوضع وما إذا كان يجب تنفيذ إخلاء طارئ للسفارة.

وحث مسؤولو الجيش على تنسيق الجهود، وأكدوا أن التأخير في بدء إخلاء السفارة يزيد خطورة الوضع، وحاول المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد، في العاصمة القطرية الدوحة، التفاوض مع طالبان على اتفاق للبقاء على أطراف كابول لمدة أسبوعين لحين انتهاء الولايات المتحدة من انسحابها العسكري، وفقاً لمسؤولين.

وكان من المقرر أن يسافر وفد من المسؤولين الأفغان في تلك الفترة إلى قطر للتفاوض على تسليم السلطة لحكومة مؤقتة، لكن ذلك لم يحدث، إذ فر الرئيس الأفغاني، أشرف غني، من كابول في 15 أغسطس بعد دخول طالبان العاصمة واستيلائها عليها.

وفي هذا السياق قال السفير الأميركي السابق في كابول رونالد نيومان، للصحيفة، إن مجلس الأمن القومي والمسؤولين البارزين في الحكومة لم يُدرَّبوا على تنفيذ عمليات معقدة، وإن مهمتهم هي "وضع السياسات ومراقبتها".

وأضاف أنه "في هذه الحالة، كان فهم التنفيذ ضرورياً لاتخاذ قرارات واقعية، لقد فشلوا في تحقيق أهدافهم"، حسب ما ذكرت "وول ستريت جورنال".

وكان بايدن قد دافع عن طريقة تعامل إدارته مع الانسحاب العسكري من أفغانستان، إذ قال الأسبوع الماضي إن فريق الأمن القومي خطط لـ"كل الاحتمالات"، وإن النهاية الفوضوية للانسحاب كانت "حتمية".

اقرأ أيضاً: