تقرير: كورونا دفع مستشفيات البرازيل لـ"انهيار" غير مسبوق

time reading iconدقائق القراءة - 7
امرأة تمر أمام لافتة مكتوب عليها "البرازيل في وحدة العناية المركزة"، 8 مارس 2021 - REUTERS
امرأة تمر أمام لافتة مكتوب عليها "البرازيل في وحدة العناية المركزة"، 8 مارس 2021 - REUTERS
دبي-بالشراكة مع "نيويورك تايمز"

حصد وباء كورونا أرواح أكثر من 300 ألف شخص في البرازيل، في وقت بات النظام الصحي في البلاد يعيش حالة انهيار غير مسبوقة، بسبب نقص في أسرة العناية المركزة والإمدادات الطبية.

وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، بأنه بعد مرور أكثر من عام على انتشار الفيروس في البلاد، بلغت الوفيات في البرازيل ذروتها، في وقت يستمر فيه انتشار نظريات المؤامرة بشأن الفيروس.

وأصبحت البرازيل، التي قلل رئيسها جايير بولسونارو من خطر الفيروس، تبلّغ في الوقت الراهن عن معدل إصابات ووفيات جديدة يومي يفوق أي دولة أخرى في العالم.

وتجاوزت حصيلة الوفيات جراء فيروس كورونا الأربعاء الماضي في البرازيل عتبة 300 ألف حالة وفاة بسبب كوفيد-19. والثلاثاء سجلت البرازيل لأول مرة أكثر من 3 آلاف وفاة جراء الفيروس في 24 ساعة فقط، بمعدل يفوق 125 وفاة في الساعة الواحدة.

"فشل غير مسبوق"

ونقلت الصحيفة الأميركية عن المديرة التنفيذية لمكتب منظمة "أطباء بلا حدود" في البرازيل، آنا دي ليموس، قولها: "لم نشهد فشلاً في النظام الصحي بهذا الحجم من قبل، كما أننا للأسف لا نرى أي ضوء في نهاية النفق".

ويكافح مسؤولو الصحة في المستشفيات العامة والخاصة جاهدين لتوسيع القدرة الاستيعابية لوحدات العناية المركزة، وتخزين الإمدادات المتناقصة من الأكسجين وغيره من الإمدادات التي تباع بأسعار خيالية.

وأبلغت وحدات العناية المركزة في العاصمة، برازيليا، و16 ولاية أخرى من أصل 26 ولاية في البرازيل، عن وجود نقص حاد في الأسرة المتاحة للمرضى في المستشفيات، حيث بلغت السعة المتاحة أقل من 10% فقط، وفقاً للصحيفة.

أما في ريو غراندي دو سول، وهي الولاية التي تضم مدينة بورتو أليغري الأشد تأثراً بالفيروس، فقد تضاعفت قائمة انتظار وحدات العناية المركزة خلال الأسبوعين الماضيين، لتصل إلى انتظار 240 مريضاً في حالة حرجة.

واعتبرت الصحيفة أن هذا الانهيار يعد "فشلاً صارخاً" لبلد كان، في العقود الماضية، نموذجاً للدول النامية الأخرى، حيث كان يحظى بسمعة جيدة لقدرته على تقديم حلول جيدة ومبتكرة للأزمات الطبية، بما في ذلك انتشار حالات فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وتفشي فيروس زيكا.

بين كورونا والجوع

وقال سيباستياو ميلو، عمدة بورتو أليغري الذي وعد العام الماضي برفع جميع القيود المفروضة بسبب تفشي الوباء في المدينة، إن "الإغلاق سيؤدي إلى تجويع الناس".

وأضاف ميلو في مقابلة مع الصحيفة أن "القطاع غير المهيكل يمثل 40% من اقتصاد المدينة ويشغل قوة عاملة كبيرة، وهؤلاء الأشخاص بحاجة للخروج من المنزل والعمل من أجل الحصول على شيء يأكلونه في نهاية اليوم".

كما قال الرئيس البرازيلي بولسونارو، الذي يواصل الترويج للعقاقير غير الفعالة والتي يحتمل أن تكون خطرة لعلاج المرض، إنه لا يمكن تحمل الإغلاق في بلد فيه الكثير من الفقراء، بحسب الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن عالمة الأحياء الدقيقة في ساو باولو، ناتاليا باسترناك، قولها إن "الحكومة رفضت في البداية الاعتراف بالتهديد الذي يمثله الوباء، والحاجة إلى فرض تدابير وقائية، ثم رفضت الخضوع للعلم من خلال الترويج للعلاجات التي وصفتها بالمعجزة، وهي الأمور التي أربكت السكان، وجعلتهم يشعرون بالأمان عند الخروج إلى الشارع".

نظريات المؤامرة

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن نظريات المؤامرة حول لقاحات كورونا انتشرت في البرازيل على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، مضيفةً أن أحد استطلاعات الرأي، أجرته شركة IPEC، أظهر أن 46% من البرازيليين يصدقون على الأقل كذبة واحدة حول اللقاحات.

ونقلت الصحيفة عن طبيب الأعصاب البرازيلي في جامعة ديوك، والذي قاد فريق عمل خاص لعلاج مرضى كورونا في شمال شرق البلاد، العام الماضي، ميغيل نيكوليليس، قوله إن "انعدام الثقة في اللقاحات والعلوم يعد أمراً جديداً في البرازيل"، مضيفاً أنه "علامة خطيرة تميز عهد الرئيس بولسونارو".

ونقلت الصحيفة عن خبراء بارزين في مجال الصحة العامة في البرازيل والولايات المتحدة وأوروبا قولهم إن الأدوية التي تروج لها الدولة البرازيلية غير فعالة في علاج كوفيد-19، وإنه يمكن أن يكون لبعضها آثار جانبية خطيرة، بما في ذلك الفشل الكلوي.

وعلى الرغم من كل ذلك، تقول الصحيفة إن الكثير من المؤيدين المتشددين لبولسونارو، الذي يحتفظ بتأييد ما يقرب من 30%من الناخبين، يجادلون بأن آراء الرئيس بشأن الوباء كانت سليمة".

ونقلت "نيويورك تايمز" عن رئيسة اتحاد الممرضات البرازيلي، كلاوديا فرانكو، قولها إن "انعدام الثقة في اللقاحات وإنكار التهديد الذي يمثله الوباء، ووجود أنصار بولسونارو خارج المستشفيات للاحتجاج على القيود الوبائية، كلها أشياء تؤثر بشكل سلبي على العاملين في مجال الرعاية الصحية في البلاد، والذين فقدوا زملاءهم بسبب الفيروس في الأشهر الأخيرة". 

وأضافت فرانكو، التي تشرف على علاج مرضى كوفيد-19، إن "الناس في حالة إنكار كبيرة، ولكن الواقع الذي نعيشه اليوم هو أنه ليس لدينا أجهزة تنفس كافية للجميع، وليس لدينا أكسجين للجميع".