أعادت الكوريتان الشمالية والجنوبية فتح خطوط الاتصال الساخنة بين الجانبين، الثلاثاء، بعد انقطاع استمر لمدة عام، وأدى إلى تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية.
ويعدّ الإعلان المفاجئ من الطرفين، أول مؤشر إيجابي بعدما كانت المحادثات بين البلدين متعثّرة، منذ فشل ثلاث قمم عقدت عام 2018 في تحقيق أي تقارب دبلوماسي يذكر. وتزامن مع ذكرى انتهاء الحرب الكورية (1950-1953).
"أداة حاسمة"
ومنذ سبعينيات القرن الماضي، تم إنشاء ما لا يقل عن 49 خطاً ساخناً بين الكوريتين، إذ تعتبر أداة حاسمة لمنع حدوث أي سوء تفاهم، خاصة على طول المنطقة المشتركة المحصنة منزوعة السلاح.
الخطوط الساخنة، تهدف أيضاً إلى ترتيب الاجتماعات الدبلوماسية، وتنسيق الحركة الجوية والبحرية، وتسهيل المناقشات الإنسانية، وتقليل الآثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية، والتعاون في القضايا الاقتصادية بين البلدين.
إلا أن كوريا الشمالية المنعزلة، قامت في كثير من الأحيان، بقطع تلك القنوات في أوقات توتر العلاقات بينها وبين سيول، خاصة عندما انهارت المفاوضات التي تهدف إلى تفكيك برامج بيونغيانغ النووية والصاروخية.
وتم قطع الخطوط الساخنة آخر مرة في عام 2016 وسط التجارب النووية والصاروخية الكورية الشمالية. خلال تلك الفترة، كان المسؤولون الكوريون الجنوبيون يستخدمون أحياناً البوق لتوجيه رسائل عبر المنطقة الأمنية المشتركة في بانمونغوم، وهو المكان الوحيد على طول المنطقة المنزوعة السلاح حيث تقف القوات من كلا الجانبين وجهاً لوجه.
وعند استعادة الخطوط في عام 2018، تحدث مسؤولو الاتصال في الغالب باستخدام وحدات تحكم الهاتف المكتبية التي يعود تاريخها إلى السبعينيات، كل منها بحجم ثلاجة صغيرة. وقال مسؤولون في سيول إنهم عادة ما يتبادلون التحيات أو الإخطارات الموجزة، وتستخدم أجهزة الفاكس لإرسال رسائل ووثائق مفصلة.
ويتميز النظام بشاشة كمبيوتر ومحركات أقراص ومنافذ USB، بالإضافة إلى جهازي هاتف مرمّزين بالألوان، هاتف أحمر لاستقبال المكالمات الواردة من الشمال وهاتف أخضر للمكالمات الصادرة. ولا يمكن الاتصال بأرقام أخرى، لأن الهواتف تتصل فقط بنظير بعضها البعض.
تشتمل جميع الأنظمة على معدات مماثلة، على الرغم من أن الأنظمة الأحدث تم تركيبها في عام 2009، وفقاً لوزارة التوحيد في الجنوب، التي تتعامل مع الشؤون بين الكوريتين وتدير معظم الخطوط الساخنة.
"شد وجذب"
ويعد رئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن، أحد أبرز مهندسي التقارب بين الكوريتين، حيث أسس خطاً للتواصل في عام 2018، وأدى ذلك إلى عقد أول قمة في التاريخ بين زعيم كوري شمالي ورئيس أميركي.
وعُقد الاجتماع الأول بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون في يونيو 2018 في سنغافورة، وتبعه لقائين آخرين.
وتوقّفت المحادثات بين الكوريتين والمفاوضات بشأن البرامج النووية والباليستية للشمال، بشكل عام، منذ الفشل الذريع لقمة (كيم - ترمب) في فبراير 2019 في هانوي.
وبعد أيام قليلة من تعليق العمل بقنوات الاتصال، دمّرت سلطات كوريا الشمالية مكتب التواصل الواقع على أراضيها.
ومنذ تولي الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة في يناير، تبنّت بيونغيانغ وواشنطن موقفاً حذراً للغاية، في تناقض مع دبلوماسية ولاية ترمب، التي تأرجحت بين تبادل الشتائم وتبادل العناق أمام مختلف وسائل الإعلام العالمية.
وفي يونيو الفائت، قال كيم جونغ أون، إنه يتعيّن على بلاده أن تستعد في آن واحد لـ"الحوار والمواجهة" مع واشنطن، مركزاً بوجه خاص على إمكانية "المواجهة".
وتعهّد البيت الأبيض من جهته "بمقاربة متوازنة" و"براغماتية" عبر الطرق الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، وسط إقراره بأنّ المفاوضات مع بيونغ يانغ حول نزع السلاح النووي ستكون "صعبة للغاية".
بوادر استئناف الحوار
واقترح المبعوث الأميركي الخاص إلى كوريا الشمالية سونغ كيم، في يونيو بلقاء ممثلين عن بيونغيانغ "في أي مكان أو زمان من دون شروط مسبقة".
ورجّح خبراء أن يكون استئناف الاتصالات بمثابة شكل من أشكال رد الزعيم الكوري الشمالي على الاقتراح الأميركي بشأن الحوار.
وقال الأستاذ يانغ مو جين من جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول لوكالة "فرانس برس"، "يبدو أنّه قرّر أن السياسة الداخلية والخارجية في الشمال يمكن أن تستفيد من استعادة العلاقات بين الكوريتين".
وأوضح أنه على الرغم من الجمود في المحادثات، شدد رئيس كوريا الجنوبية مراراً، على أهمية استعادة العلاقات بين الكوريتين. وأضاف "ينبغي قراءة ذلك على أنه أول رد من كيم جونغ أون على سيول وواشنطن".
اقرأ أيضاً: