
قال ملك الأردن عبد الله الثاني إن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط، في يوليو الجاري، "قد تُسهم بشكل إيجابي في النظر بكيفية تسريع المشاريع الإقليمية".
وأضاف، خلال مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" الأميركية، أن "إحدى الرسائل التي من المتوقع أن يوجهها الرئيس الأميركي للمنطقة هي: اعتمدوا على أوروبا والولايات المتحدة، وأن الغرب سينخرط بشكل فاعل في الإقليم".
كما جدّد ملك الأردن التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وأن الحل الوحيد هو "حل الدولتين"، محذراً من أن "غياب الحوار بين الطرفين سيولد المخاوف، ويتسبب في انعدام الاستقرار بالمنطقة، الأمر الذي سيؤثر في المشاريع الإقليمية".
وشدد على أنه "لا يمكن تحقيق التقدم في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون المظلة الأميركية، لكن هنالك الكثير من الجهود المطلوبة من دول المنطقة، ومن الفلسطينيين والإسرائيليين، قبل أن يأتي الدور الأميركي الضروري لإحداث الفرق والعبور إلى خط النهاية".
رؤية جديدة للإقليم
وبحسب مقتطفات من المقابلة نشرها "الديوان الملكي الأردني"، الجمعة، أجاب الملك عبد الله الثاني على سؤال بشأن الحاجة لتحالف عسكري مثل الناتو في الشرق الأوسط قائلاً إن من الضروري "مراعاة الارتباطات الأخرى مع دول العالم، والوصول إلى الصيغة المناسبة لتكون مهمة التحالف واضحة جداً، وإلا ستُربك الجميع".
وتحدث الملك عبد الله الثاني عن حوار تجريه دول المنطقة بشأن إمكانية بناء رؤية جديدة للإقليم، وكيفية وضع السياسة جانباً، والنظر إلى "الفرص الاقتصادية كسبيل لكسر الحواجز"، وقال: "أعتقد أن المشاريع الإقليمية هي الكلمة المفتاحية للمستقبل، بهدف توفير فرص العمل وحياة أفضل للجميع".
وأكد ملك الأردن أن "على المشاريع الإقليمية توفير الفرص للجميع، لكن إذا كانت إحدى دول المنطقة تواجه التحديات، فإن ذلك سيُعطل هذه المشاريع"، معرباً عن تطلعه لـ"رؤية توجه جديد في المنطقة، نحو التواصل والعمل بتشاركية بشكل أكبر، والنظر في إمكانية شمول جميع الأطراف في هذه المشاريع".
وبشأن دور إيران، قال الملك عبد الثاني إن طهران "قد تتساءل عن مكانها في هذه المشاريع الإقليمية"، ما قد يطرح السؤال عن إمكانية وضع الخلافات السياسية جانباً لخدمة شعوب المنطقة.
ولفت إلى أن الأردن في مقدمة الكثير من المشاريع الإقليمية، مشيراً إلى "استقرار المملكة ومنعتها، كمقومات يمكن الاستفادة منها لخدمة البلدان الأخرى في المنطقة، بهدف تحقيق مصالح جميع الأطراف".
وعن تحديات الطاقة والمياه واللاجئين التي يواجهها الأردن، أشار إلى "الفرص التي توفرها المملكة كمركز رئيسي لمصادر الطاقة البديلة، والفرص التي تتطلع للبناء عليها في الزراعة، والعمل مع الشركاء في المنطقة لتعزيز أمنهم الغذائي".
وبشأن الأمن الغذائي، أوضح أن مخزون القمح والشعير في الأردن يكفي 15 شهراً، الأمر الذي يوفر "المنعة والمرونة" للمملكة، مؤكداً ضرورة العمل بشكل مشترك بين دول المنطقة لتشكيل مجموعات للمنعة الإقليمية، لضمان التصدي على المدى الطويل لمتطلبات الأمن الغذائي.
بوتين وطني جداً
ووصف ملك الأردن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "شخص وطني جداً، ويؤمن بعظمة روسيا ومحاط بفريق قوي"، لافتاً إلى أن علاقتهما ترجع إلى أكثر من عقدين.
وقال: "في نهاية المطاف، كنا جميعاً نأمل ألا تحدث هذه الأزمة، لكن هذا واقع الأمر الآن، ونحن نتعامل مع هذه الأزمة، التي قد تطول دون انتصار أي جانب".
وحذر ملك الأردن من أن تداعيات الأزمة الأوكرانية لن تقتصر على أوروبا، بل ستمتد إلى العالم بأسره، مشيراً إلى أن المطلوب هو إيجاد فرصة للمبادرة بالسعي لتحقيق السلام على أساس من الاحترام المتبادل.
وتحدث الملك عبد الله الثاني عن الانعكاسات الإقليمية لأزمة أوكرانيا، لا سيما في ما يتعلق بارتفاع أسعار الحبوب وأزمة الطاقة، وخاصة "أثرها في انخفاض الوجود الروسي في سوريا، والذي كان يُعد "عامل تهدئة بالنسبة للمنطقة الحدودية مع الأردن"، بينما الآن "تواجه المملكة تهديدات من الميليشيات على الحدود مثل تهريب المخدرات والأسلحة، فضلاً عن التحدي المتمثل بعودة تنظيم داعش الإرهابي".
الاقتصاد الأردني
وتحدث ملك الأردن عن رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقتها بلاده للسنوات العشر المقبلة، بهدف التعافي من آثار جائحة كورونا، والتخطيط للأعوام المقبلة للاستفادة من الفرص المتوفرة في المملكة، خاصة في ظل تبعات الأزمة الأوكرانية.
وشدد على ضرورة العمل على تعزيز قدرة القطاع الخاص على استيعاب أعداد الأردنيين الباحثين عن العمل، من خلال الاستثمار في الميزات التي تمتلكها المملكة.
وأضاف الملك عبد الله الثاني: "الأردن، بحكم موقعه الجغرافي، لطالما كان مركزاً للقطاعات، وموقعاً يوفر الخدمات المساندة للأعمال في دول الخليج العربي. وأعتقد أن بإمكاننا تعزيز مكانتنا لنصبح وجهة رئيسة لتقديم الخدمات في قطاعات عديدة".
وتابع: "عندما ننظر إلى الأردن على مدار التاريخ، نرى أن المستثمرين كانوا دوماً مرتاحين جداً بالنسبة لاستقرار المملكة، الذي لطالما كان العامل الأكثر أهمية في تشجيع الاستثمار".
تعزيز الديمقراطية
كما أكد ملك الأردن أهمية تلازم مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، مشيراً إلى أنه "لا يمكن تحقيق أحد المسارات دون الآخر".
وقال إن "جانب التحديث الإداري سيكون على الأغلب التحدي الأكثر صعوبة على المدى الطويل، وهو أمر تواجهه مختلف دول العالم. لكن لا يمكننا أن نحقق الأهداف التي وضعناها دون الإصلاح الإداري، الذي له دور أيضاً في مكافحة الفساد".
كما تحدث الملك عبد الله الثاني عن أهمية تعزيز الثقة بالأحزاب السياسية، وتشجيع الشباب على الانخراط في الحياة الحزبية، مؤكداً أهمية دور الشباب في تعزيز الديمقراطية في الأردن، وضرورة أن يتمكن الأفراد من التعبير عن آرائهم بحس من المسؤولية.
اقرأ أيضاً: