
حمّل الدبلوماسي الأفغاني السابق أحمد والي مسعود، الثلاثاء، حكومة أشرف غني التي وصفها بـ"الفاسدة"، مسؤولية سقوط أفغانستان السريع في يد حركة طالبان، مؤكداً أن قادة منطقة بنجشير يتفاوضون مع الحركة من أجل الوصول إلى اتفاق سلام.
وقال والي مسعود، شقيق الزعيم الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود، في تصريحات خاصة لبرنامج "ألوان الشرق"، إن "حكومة أشرف غني سرقت ملايين الدولارات واستخدمتها لمصالحها، والآن الشعب الأفغاني حُرم من هذه الأموال".
وعن سقوط أفغانستان بشكل سريع في يد طالبان ومغادرة أشرف غني البلاد، قال مسعود إن "غني يتحمل مسؤولية سقوط أفغانستان في يد طالبان"، مشيراً إلى أن بلاده "لم تر أي قائد بهذا المستوى من الفساد، ومن أجل ذلك سقط كل النظام وهوى"، واصفاً غني بـ"المكروه" تاريخياً.
وأشار إلى أن "أفغانستان بحاجة إلى حكومة شاملة لكل المجموعات الإثنية"، متسائلاً عن إمكانية أن ترى بلاده "حكومة تُقصي بعض الأطياف الأفغانية وتنكل بالنساء وبحرية التعبير".
"أسد بنجشير"
وفاجأت طالبان العالم بسيطرتها السريعة على العاصمة الأفغانية كابول، وولايات البلاد، باستثناء منطقة بقيت عصيّة عليها، كما كان الحال خلال حكم الحركة للبلاد، بين عامي 1996 و2001، هي وادي بنجشير.
تعد تلك المنطقة الجبلية الوعرة، معقلاً للقائد الراحل لـ"المجاهدين"، أحمد شاه مسعود، المعروف باسم "أسد بنجشير"، والذي تزعّم لاحقاً "تحالف الشمال" الذي قاوم نظام "طالبان"، قبل أن يطيح به الغزو الأميركي لأفغانستان، في عام 2001.
وأوضح ولي مسعود، الذي تولى سابقاً منصب سفير كابول لدى لندن، أن هناك "معارضة وحركة شعبية في وادي بنجشير وليست حكومية"، وأن "أولويتها هي السلام، لذلك هناك وفد ذهب إلى طالبان لبحث إمكانية الوصول إلى اتفاق أو شكل من الاتفاق".
ورداً على سؤال عن إمكانية أن تدعم بعض الأطراف الدولية التمركز العسكري في وادي بنجشير، الذي رفض الخضوع لطالبان، أجاب مسعود أن "الأمر لا يتعلق بالاستسلام ولكن الشعب قال لا تتعدوا علينا هذه أرضنا وهذه حدودنا، ونحن لا نود أن نكون تحت حكم طالبان إن كان في بنجشير أو أي منطقة تأبى هذه الخضوع لها".
وتابع: "هناك مفاوضات مع طالبان تحت إشراف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وذلك بهدف معرفة كيفية الوصول إلى اتفاق"، نافياً الأنباء التي تحدثت عن طلب بنجشير الدعم من الولايات المتحدة، وأشار إلى أن سلاح حركة المقاومة تم "جمعه من قبل الجنود والقوات خلال الحرب ضد طالبان (عام 2001)".
مقاومة بنجشير
وسبق أن أعلن المتحدّث باسم حركة المقاومة في بنجشير، أن قوات تابعة للحكومة الأفغانية السابقة تستعد لـ"نزاع طويل الأمد"، بعد أن تحوّلت لحركة مقاومة في وادي بنجشير، شمال شرق العاصمة كابول، وذلك في حال فشل التفاوض مع طالبان.
وذكر المتحدث باسم المقاومة علي ميسم نظري أن أحمد مسعود يحشد في الوادي قوة مقاتلة تصل إلى 9 آلاف عنصر، وهو نجل قائد المجاهدين الأفغان أحمد شاه مسعود الذي اغتاله تنظيم القاعدة، قبيل هجمات 11 سبتمبر 2001.
وتوجّه آلاف الأشخاص إلى وادي بنجشير، منذ أن استولت طالبان على السلطة، وسقطت العاصمة في قبضتها، بهدف الانضمام للمقاومة، بالإضافة إلى إيجاد ملاذ آمن لهم لمتابعة حياتهم، بحسب ما ذكره نظري.
ويعتبر الهدف الرئيسي لجبهة المقاومة الوطنية، هو تجنّب سفك مزيد من الدماء في أفغانستان، والدفع باتجاه نظام حكم جديد، إلا أن نظري أشار كذلك إلى جاهزية المجموعة لـ"خوض نزاع"، في حال رفضت حركة طالبان التفاوض، مضيفاً: "عندها ستواجه مقاومة في مختلف أنحاء البلاد"، بحسب وكالة "فرانس برس".
وشدد نظري على أن "شروط إبرام اتفاق سلام مع طالبان هي اعتماد اللامركزية، أي اعتماد نظام يضمن العدالة الاجتماعية، والمساواة، والحقوق والحرية للجميع"، مضيفاً أن "المحادثات بين زعماء محليين في شمال أفغانستان، والسلطات في باكستان استمرت حتى الأيام القليلة الماضية".
السلام مع طالبان
وكان أحمد مسعود أعلن الأحد الماضي، أن فصيله مستعد للتحاور مع طالبان، بل لديه اتصالات معها بالفعل. لكنه شدد على أنه "لن يتم إجبارنا على فعل أي شيء"، وعلى أن الأفغان "ليسوا على استعداد للاستسلام لأي إرهاب".
وأوضح أن "الحركة تريد فرض الأشياء بالسلاح، وهو ما لن نقبله، فإذا كانوا يريدون السلام وتحدثوا إلينا وعملوا معنا، فنحن جميعاً أفغان وسيكون هناك سلام"، مؤكداً أنه "لا يريد القتال لكنه مستعد للدفاع" عن مقاطعة بنجشير في حال دخلتها طالبان بالسلاح.
يقع وادي بنجشير شمال وسط أفغانستان، ويبعد 150 كيلومتراً شمال كابول، قرب سلسلة جبال هندو كوش. يقطن الوادي أكثر من 100 ألف شخص، يشكّلون أضخم تجمّع للطاجيك في أفغانستان.