بدأ رئيس جنوب إفريقيا السابق جاكوب زوما، الخميس، تنفيذ عقوبة بالسجن 15 شهراً بتهمة "تحقير القضاء"، في خطوة غير مسبوقة منذ انتهاء حقبة الفصل العنصري.
ووصل زوما البالغ 79 عاماً إلى السجن في ساعة مبكرة، الخميس، بعد أن قام بمحاولة قانونية أخيرة، وحرّض أنصاره المتشددين الذين احتشدوا أمام منزله الريفي، على التحدي.
واستقطبت معركته البلاد كلها، وسلطت الضوء على مسألة الحصانة والتوتر داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم.
وكانت أعلى محكمة في البلاد، أصدرت في 29 يونيو الماضي حكماً غير قابل للاستئناف قضى بسجن زوما 15 شهراً، لرفضه الإدلاء بشهادته أمام لجنة تحقيق في أعمال فساد، خلال حكمه الذي استمر 9 أعوام.
وحذرت الشرطة المحلية من احتمال اعتقاله، اعتباراً من منتصف ليل الأربعاء، فيما سلم زوما نفسه إلى سلطات أحد السجون في بلدة إيستكورت الريفية، بمقاطعة كاوازولو-ناتال مسقط رأسه.
ترحيب شعبي
ورحب كثير من الجنوب إفريقيين بدخوله السجن، واعتبروا ذلك لحظة تاريخية، فيما أشارت المسؤولة السابقة في مكافحة الفساد ثولي مادونسيلا، إلى أنه "تطور هائل في مسيرة سيادة القانون في البلاد".
وقالت ثولي لوكالة "فرانس برس" إنه "على المستوى الإنساني، تعد لحظة حزينة، لأنه أمر كان من الممكن تجنبه. تجنب أن يكون لدينا رئيس سابق عمره 79 عاماً، وبطل سابق في نضال التحرير، يودع السجن لمجرد أنه لا يريد أن يُحاسب".
وفي السياق ذاته، قال الائتلاف الديمقراطي المعارض، إن "القانون لا يمكن الاستهزاء به والطعن به بالحصانات. عندما يدخل زعيم السجن، فعندئذ يدخل أي شخص"، لكنه حذر من أن الحكم الصادر عقوبة لتحقير المحكمة، ولا يعاقب على جرائم أوسع نطاقاً تتعلق بالفساد والاحتيال والاختلاس وغسل الأموال، التي تفشت خلال حكم زوما.
ولفتت مؤسسة نلسون مانديلا، إلى أن "استراتيجيته القانونية كانت تقوم على التعتيم والتأخير، بهدف نهائي، هو محاولة جعل عمليتنا القضائية غير مفهومة".
وأضافت أن "اعتقال زوما يمكن أن يدفع لاعتباره نهاية الطريق، بدلاً من مجرد مرحلة أخرى، في رحلة طويلة ومحفوفة بالمخاطر".
مسيرة زوما
زوما الذي ولد فقيراً، بدأ حياته راعي ماشية غير متعلم، وانضم إلى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، ليصبح مسؤول الاستخبارات في كفاح الحزب ضد نظام الفصل العنصري.
وساهمت جاذبيته وشجاعته، إضافة إلى سجنه 10 سنوات في جزيرة روبن سيئة الصيت، في وضعه في مصاف نلسون مانديلا وأوليفر تامبو، وأبطال تحرير آخرين.
وفي عام 2009 أصبح ثالث رئيس ديمقراطي لجنوب إفريقيا، لكن الفترة الرئاسية تلك كشفت عن انقسامات وفضائح فساد.
وطرد المؤتمر الوطني الإفريقي في عام 2018 زوما، واستبدله بسيريل رامابوزا، الزعيم النقابي السابق الذي أصبح قطباً بعد انتهاء الفصل العنصري قبل 30 عاماً.