رئيس كازاخستان يعلن استعادة "النظام الدستوري" في معظم أنحاء البلاد

time reading iconدقائق القراءة - 10
سيارة محترقة خلال الاحتجاجات التي اندلعت بسبب ارتفاع أسعار الوقود في ألما آتا، كازاخستان - 6 يناير  2022 - REUTERS
سيارة محترقة خلال الاحتجاجات التي اندلعت بسبب ارتفاع أسعار الوقود في ألما آتا، كازاخستان - 6 يناير 2022 - REUTERS
دبي/ موسكو - الشرقوكالات

أعلن رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، الجمعة، استعادة "النظام الدستوري" في معظم أنحاء البلاد، في أعقاب مواجهات شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا ومئات المصابين بين المحتجين وقوات الأمن. 

وقال الرئيس في بيان، إن "قوات إرساء النظام تبذل جهوداً حثيثة، وأعيد النظام الدستوري إلى حد كبير في كافة المناطق"، مؤكداً أن عمليات إعادة النظام ستستمر "حتى القضاء على الناشطين بشكل كامل".

ووفق التلفزيون الرسمي، فإن الرئيس توكاييف، سيلقي خطاً للأمة، في وقت لاحق، الجمعة، في حين أعلنت وزاة الداخلية، اعتقال أكثر من 3 آلاف شخص في أكبر مدن البلاد وتصفية 26 "مسلحاً". 

كانت أمانة منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، قالت، الخميس، إن قوات حفظ السلام التي سترسلها إلى كازاخستان سيبلغ قوامها إجمالاً حوالي 2500 فرد. 

وذكرت وكالات أنباء روسية رسمية، نقلاً عن المنظمة أن قوات حفظ السلام ستبقى في كازاخستان عدّة أيام أو أسابيع.

وأضافت أن القوات "لها الحق في استخدام الأسلحة في كازاخستان"، "إذا هاجمتها عصابات مسلحة".

وحذّرت الولايات المتحدة، الخميس، القوات الروسية التي تم نشرها في كازاخستان من السيطرة على مؤسسات الجمهورية السوفيتية السابقة، مشيرة إلى أن العالم سيراقب أي انتهاك لحقوق الإنسان.

وأفاد الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، الصحافيين، أن "الولايات المتحدة، وبصراحة العالم، سيراقب للكشف عن أي انتهاك لحقوق الإنسان"، مضيفاً: "سنراقب أيضاً للكشف عن أي خطوات قد تمهّد للسيطرة على مؤسسات كازاخستان".

سقوط 18 شرطياً

وأعلنت وزارة الداخلية في كازاخستان، الخميس، سقوط 18 عنصراً من قوات الأمن على الأقل وإصابة أكثر من 748 في "أعمال الشغب" التي تهز البلاد منذ أيام، وفي المقابل، سقط عشرات المتظاهرين وجُرح أكثر من ألف، حسبما أفادت وكالات الأنباء الروسية.

واعتقلت الشرطة المئات ممن وصفتهم بـ"مثيري الشغب"، خلال الاحتجاجات، فيما علقت روسيا على الاضطرابات بأنها "محاولة مدعومة خارجياً لزعزعة أمن الدولة بالقوة". 

من جهته، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، إلى إيجاد حلّ سلمي للوضع المضطرب في كازاخستان واحترام حرية الإعلام، في اتصال مع نظيره الكازاخي مختار تيلوبردي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن بلينكن "شدد على دعم الولايات المتحدة الكامل للمؤسسات الدستورية في كازاخستان وحرية الإعلام ودافع عن حلّ سلمي للأزمة يحترم حقوق الإنسان".

وحثّت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه كلّ الأطراف في كازاخستان على "الامتناع عن العنف" والبحث عن "حل سلمي" اثر اضطرابات واسعة أعقبت أياما من التظاهر.

وقالت باشليه في بيان: "من حقّ الناس التظاهر سلمياً والتعبير بحرية. في الوقت نفسه، يجب على المتظاهرين عدم اللجوء إلى العنف ضد الآخرين بغض النظر عن غضبهم أو استيائهم"، ودعت للإفراج عن المحتجزين على خلفية ممارسة حقهم في التظاهر السلميّ.

تحذير أوروبي

وأعرب مسؤول الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن "قلقه العميق" الخميس، حيال الاضطرابات في كازاخستان، مشدداً على ضرورة حماية حقوق المدنيين ومحذّراً من تداعيات أي تدخّل عسكري خارجي.

وقال على تويتر: "يجب ضمان حقوق المدنيين وأمنهم. تعيد المساعدة العسكرية الخارجية ذكريات عن أوضاع ينبغي تجنّبها".

وأوقفت الشرطة في كازاخستان نحو ألفي شخص من "مثيري الشغب"، خلال الاحتجاجات، وفقاً لوكالة "سبوتنيك" للأنباء الروسية.

وأفادت وكالتا "تاس" و"ريا نوفوستي" الروسيتان نقلاً عن وزارة الداخلية، بأن "عناصر الشرطة في  ألما آتا خرجوا لإخلاء الشوارع (...) في المجموع، اقتيد نحو ألفي شخص إلى مراكز الشرطة".

وفي وقت سابق، الخميس، أعلنت الشرطة "القضاء" على العشرات من "مثيري الشغب" في ألما آتا، ممن وصفتهم بـ"المخربين"، بحسب ما أوردت وكالة "إنترفاكس" الروسي.

ومن جانبها، قال وزير الصحة آجر غينات لقناة "خبر 24" المحلية، إن "أكثر من ألف شخص أصيبوا بجروح نتيجة أعمال الشغب في مناطق مختلفة من كازاخستان، تم إدخال 400 منهم إلى المستشفى و62 شخصاً في العناية المركزة".

روسيا للمساعدة

وبالتزامن مع تصاعد حدة الاضطرابات، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، الخميس: "نأسف للأحداث الأخيرة في بلد صديق، ونعتبرها محاولة تخريب مستوحاه من الخارج، لتقويض أمن وسلامة كازاخستان، عبر باستخدام مجموعات مسلحة مدربة ومنظمة".

و قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، الخميس، إن موسكو ستستشير كازاخستان والحلفاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، بشأن الخطوات الممكنة لدعم "عمليات مكافحة الإرهاب" في ظل وجود اضطرابات داخل البلاد.

ويأتي ذلك تزامناً مع إعلان موسكو، إرسالها الكتيبة الأولى من قوات "حفظ السلام" التابعة لمنظمة "معاهدة الأمن الجماعي" إلى كازاخستان.

وفي وقت سابق الخميس، قال التحالف العسكري في بيان نُشر على تطبيق "تليجرام" المتحدثة باسم الدبلوماسية الروسية ماريا زاخاروفا: "تم إرسال قوة جماعية لحفظ السلام من منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى كازاخستان لفترة محدودة من أجل ضمان استقرار الوضع وتطبيعه".

وتضم منظمة معاهدة الأمن الجماعي كلاً من: روسيا، كازاخستان، وطاجيكستان، وقرغيزستان، وأرمينيا، وبيلاروسيا.

وكان الرئيس الحالي لتحالف "الأمن الجماعي"، رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، قال في بيان، الخميس، إن القوات ستتمركز في كازاخستان "لفترة زمنية محدودة"، حتى استعادة النظام في البلاد.

تحديد أسعار الوقود

وأعلنت حكومة كازاخستان، الخميس، تحديد أسعار الوقود لمدة 6 أشهر، إثر أعمال الشغب التي تشهدها البلاد.

وأوضحت أن هذا الإجراء، يهدف إلى تأمين "استقرار الوضع الاجتماعي والاقتصادي" في هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى.

بريطانيا والاتحاد الأوروبي يعلقان

حضت بريطانيا، الخميس، كازاخستان "على وفق التصعيد والسعي إلى حل سلمي"، داعية إلى إنهاء الاحتجاجات العنيفة، فيما قال الاتحاد الأوروبي إنه تم الأخذ في الاعتبار قرار توكاييف لإرسال قوات حفظ سلام إلى بلاده لفترة محدودة للمساعدة في استقرار الوضع.

وقال الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الخميس، إن بلاده تدعو إلى إنهاء الاحتجاجات العنيفة في كازاخستان، معبرة عن مخاوفها إزاء الاضطرابات الحاشدة التي أشعلتها زيادة أسعار الوقود. وأضاف: "نحضّ على وفق التصعيد ونريد حلاً سلمياً".

من ناحيتها، أفادت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بأن "الاتحاد الأوروبي أُحيط علمًا بقرار السلطات الكازاخستانية التقدم بطلب إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي للحصول على المساعدة"، بحسب ما ذكرت وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء.

وأضافت: "في هذه المرحلة، أستطيع أن أقول إننا أخذنا في الاعتبار قرار الرئيس توكاييف بطلب المساعدة من منظمة معاهدة الأمن الجماعي لإرسال قوات حفظ سلام إلى كازاخستان لفترة محدودة للمساعدة في استقرار الوضع".

"لن أغادر البلاد"

وقال رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف خلال خطاب تلفزيوني: "لن أغادر العاصمة مهما حصل، لأنه من واجبي الدستوري البقاء مع الشعب، سنتمكن من طي هذه الفترة المظلمة في تاريخ كازاخستان. سنخرج منها ونحن أقوياء"، بحسب ما أوردت وكالة "تاس" الروسية.

ووصف رئيس كازاخستان المتظاهرين بأنهم "عصابة من الإرهابيين الدوليين"، مشيراً إلى أنه سيلجأ إلى النسخة الروسية من حلف شمال الأطلسي، المسماة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، من أجل مساعدة كازاخستان على التغلب على هذا "التهديد الإرهابي".

وبدأت التظاهرات، الأحد، في غرب كازاخستان احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، وبعد أربعة أيام، مع اقتحام المباني الحكومية ومحطات التلفزيون والمطار والعديد من الشركات من قبل الآلاف من المتظاهرين المناهضين للحكومة، اتسعت لتصبح هجوماً عنيفاً على السلطة الحاكمة.

Protests erupt after fuel price rise in Almaty - REUTERS

متظاهرون في مدينة ألما آتا يضرومن النار بالسيارات - REUTERS

وأظهرت لقطات نُشرت على الإنترنت آلاف الأشخاص يقتحمون المبنى الحكومي الرئيسي في ألما آتا، أكبر مدن البلاد. وذكرت وسائل إخبارية محلية أن الفرع الإقليمي لحزب "نور أوتان" الحاكم أضرمت فيه النيران، وكذلك المقر الرئاسي السابق.

وأفادت خدمات إخبارية بتجدد الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة التي استخدمت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، كما أضرم المتظاهرون النار في مكتب المدعي العام في ألما آتا قبل التوجه إلى مقر إقامة الرئيس.

"قلق أجنبي"

وبدأت الاحتجاجات بشكل سلمي الأحد في بلدة Zhanaozen النفطية، بعد أن ضاعفت الحكومة كلفة الغاز المسال، المستخدم في وقود المركبات في كازاخستان، إلى حوالي 100 تنغي، أو 22 سنتاً للتر الواحد، وبحلول الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة، الثلاثاء، أنها ستلغي زيادة الأسعار، انتشرت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، مع مطالب أوسع لزيادة التمثيل السياسي وتحسين المزايا الاجتماعية.

وتعد كازاخستان، التي يبلغ عدد سكانها 19 مليون نسمة، إلى حد بعيد أغنى دولة في آسيا الوسطى، حيث يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 27 ألف دولار وأكثر من 35 مليار دولار من الاحتياطيات.

ويعد عدم الاستقرار مصدر قلق محتمل بين شركات النفط الأجنبية، ولا سيما في الولايات المتحدة، إذ استثمرت "إكسون موبيل" و"شيفرون" عشرات المليارات من الدولارات في غرب كازاخستان، المنطقة التي بدأت فيها الاضطرابات هذا الشهر. 

ويوجد اتحاد تقوده شركة  "شيفرون" في خضم مشروع لتوسيع الإنتاج في حقل Tengiz النفطي البري بكلفة تقديرية تبلغ 37 مليار دولار، وهو أحد أكبر استثمارات الطاقة في العالم اليوم.

واشنطن تهاجم موسكو

ودعت الولايات المتّحدة الأربعاء السلطات في كازاخستان إلى "ضبط النفس"، معربة عن أملها في أن تجري "بطريقة سلمية" التظاهرات في الجمهورية السوفيتية السابقة.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إنّه يجب أن يتمكّن المحتجّون من "التعبير عن أنفسهم سلمياً"، مناشدة السلطات "ضبط النفس".

كما ندّدت ساكي بـ"الادّعاءات المجنونة من جانب روسيا" بشأن المسؤولية المفترضة للولايات المتحدة في أعمال الشغب التي تهزّ كازاخستان، مؤكّدة أنّ هذه المزاعم "غير صحيحة على الإطلاق" وتفضح "استراتيجية التضليل الروسية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات