الحراك المناهض لغزو أوكرانيا يزداد زخماً في روسيا

time reading iconدقائق القراءة - 8
فردان من الشرطة الروسية يعتقلان امرأة خلال المظاهرات المناهضة لغزو أوكرانيا في سان بطرسبرج. 25 فبراير 2022 - AP
فردان من الشرطة الروسية يعتقلان امرأة خلال المظاهرات المناهضة لغزو أوكرانيا في سان بطرسبرج. 25 فبراير 2022 - AP
دبي - الشرق

مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، واقتراب قوات موسكو من العاصمة الأوكرانية كييف، يجهر مزيد من المواطنين الروس بمعارضتهم للحرب، رغم إبداء مسؤولين تشدداً في هذا الصدد، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".

وأشارت الوكالة إلى استئناف الاحتجاجات في شوارع موسكو، وإن كانت محدودة، وفي سان بطرسبرج، ثاني أكبر مدينة بالبلاد، وفي مدن روسية أخرى، لليوم الثالث على التوالي، إذ تجمّع أفراد رغم الاعتقالات الجماعية التي شهدتها روسيا يومَي الخميس والجمعة.

وأعلنت "أو في دي-إينفو"، وهي منظمة تدافع عن حقوق الإنسان وترصد الاعتقالات السياسية، توقيف ما لا يقلّ عن 460 شخصاً في 34 مدينة، نتيجة الاحتجاجات المناهضة للحرب السبت، بما في ذلك أكثر من 200 في موسكو.

رسائل مفتوحة

ونُشرت رسائل مفتوحة تدين الغزو الروسي لأوكرانيا، إحداها وقّعها أكثر من 6 آلاف عامل طبي السبت، وثانية بواسطة أكثر من 3400 مهندس، كما وقّع 500 مدرس على ثالثة. كذلك نُشرت رسائل مشابهة منذ بدء الغزو الخميس، أعدّها صحافيون وأعضاء مجالس بلدية وشخصيات ثقافية ومجموعات مهنية أخرى.

وأعلن متحف "جاراج" البارز للفن المعاصر في موسكو، توقيف أعماله في المعارض وتأجيلها "إلى أن تتوقف المأساة الإنسانية والسياسية التي تتجلّى في أوكرانيا". وأضاف: "لا يمكننا دعم وهم الحياة الطبيعية، لدى حدوث أحداث مشابهة. نرى أنفسنا بوصفنا جزءاً من عالم أوسع لا تقسمه الحرب".

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن عريضة نُشرت على الإنترنت لوقف الهجوم على أوكرانيا، بعد وقت وجيز على بدئه صباح الخميس، جمعت أكثر من 780 ألف توقيع بحلول مساء السبت، ما يجعلها واحدة من أكثر العرائض التي نالت دعماً على الإنترنت في روسيا بالسنوات الأخيرة.

"تنديد نائبين"

كذلك ندد نواب روس بالغزو، بعدما صوّتوا قبل أسبوع على الاعتراف باستقلال منطقتَي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين في إقليم دونباس شرق أوكرانيا، في خطوة سبقت الهجوم الروسي.

وأعرب نائبان من الحزب الشيوعي عن معارضتهما الغزو، عبر مواقع التواصل، علماً بأن الحزب يلتزم عادة السياسات التي ينتهجها الكرملين.

وقال النائب أوليج سمولين إنه "صُدم" عندما بدأ الهجوم، مضيفاً أنه "كان مقتنعاً بوجوب استخدام القوة العسكرية في السياسة، بوصفها ملاذاً أخيراً".

أما النائب ميخائيل ماتفييف، فشدد على "وجوب وقف الحرب فوراً"، لافتاً إلى أنه صوّت لمصلحة "أن تصبح روسيا درعاً يمنع قصف دونباس، لا لقصف كييف".

في المقابل، اتخذت سلطات موسكو موقفاً أكثر صرامة إزاء منتقدي الغزو، سواء في الداخل أو في الخارج. وقال ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الذي يقوده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن موسكو قد تردّ على العقوبات الغربية من خلال الانسحاب من آخر معاهدة للحدّ من الانتشار النووي مع الولايات المتحدة، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع دول غربية وتجميد أصولها المالية في روسيا.

استئناف عقوبة الإعدام؟

كذلك حذر ميدفيديف من أن روسيا قد تطبّق مجدداً عقوبة الإعدام، بعد إقصائها من "مجلس أوروبا"، أبرز هيئة مدافعة عن حقوق الإنسان في القارة، في تصريحات صدمت ناشطين مدافعين عن حقوق الإنسان، في بلد جمّد عقوبة الإعدام منذ أغسطس 1996.

وشجبت إيفا ميركاتشيفا، وهي عضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للكرملين، احتمال استئناف العمل بعقوبة الإعدام، ووصفته بأنه "كارثة" و"عودة إلى العصور الوسطى".

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن العقوبات الغربية فرضت قيوداً مشددة جديدة على العمليات المالية الروسية، وحظراً صارماً على صادرات التكنولوجيا إلى روسيا، كما جمّدت الأصول المالية لبوتين ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وكذلك عضوية روسيا في "مجلس أوروبا".

وتلوّح واشنطن وحلفاؤها بعقوبات أكثر صرامة، بما في ذلك طرد روسيا من نظام "سويفت" للتحويلات المالية في العالم.

معاهدة "ستارت الجديدة"

كان ميدفيديف رئيساً لروسيا بين عامَي 2008 و2012، عندما اضطُر بوتين إلى تولّي رئاسة الحكومة نتيجة قيود على ولاياته الرئاسية. ثم استعاد بوتين الرئاسة، وشغل ميدفيديف منصب رئيس الوزراء لثماني سنوات.

وخلال رئاسته، كان ميدفيديف يُعتبر أكثر ليبرالية مقارنة ببوتين، لكنه وجّه تهديدات السبت امتنعت حتى أكثر الشخصيات تشدداً في الكرملين عن ترديدها حتى الآن.

ورأى ميدفيديف أن العقوبات تقدم للكرملين ذريعة لإجراء مراجعة كاملة لعلاقاته مع الغرب، ملمّحاً إلى أن موسكو يمكن أن تنسحب من معاهدة "ستارت الجديدة" للحدّ من الأسلحة النووية، التي تفرض قيوداً على الترسانتين النوويتين للولايات المتحدة وروسيا.

المعاهدة التي وقّعها ميدفيديف مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في عام 2010، تتيح لكل دولة الاحتفاظ بما لا يزيد على 1550 رأساً نووياً و700 صاروخ وقاذفات قنابل، وتتضمّن عمليات تفتيش واسعة للتحقق من امتثال الجانبين.

وإذا انسحبت موسكو من المعاهدة، فستزيل أي ضوابط على القوات النووية الأميركية والروسية، وتثير تهديدات جديدة للأمن العالمي، بحسب "أسوشيتد برس".

وأثار ميدفيديف أيضاً احتمال قطع العلاقات الدبلوماسية مع دول غربية، معتبراً أن "لا حاجة خاصة للحفاظ على العلاقات الدبلوماسية". وأشار إلى تهديدات غربية بتجميد أصول مالية لشركات وأفراد روس، محذراً من أن موسكو لن تتردد في فعل الأمر ذاته.

قيود على الإعلام المستقل

وذكرت "أسوشيتد برس" أن السلطات الروسية أقدمت، في إطار قمعها منتقدي الحرب في الداخل، على مطالبة منافذ إخبارية مستقلة بارزة بحذف أخبار عن القتال في أوكرانيا، لم تلتزم بسياسات الحكومة.

ولفتت هيئة "روسكومنادزور" الحكومية الروسية لمراقبة الاتصالات، إلى تقارير أفادت بـ"إطلاق القوات المسلحة الروسية النار على مدن أوكرانية، وسقوط مدنيين في أوكرانيا نتيجة سلوك الجيش الروسي"، إضافة إلى وصف العملية العسكرية بأنها "هجوم" أو "غزو" أو "إعلان حرب"، مشددة على أن ذلك غير صحيح، وطالبت المنافذ بحذفها أو مواجهة غرامات وقيود باهظة.

وأعلنت الهيئة الجمعة أيضاً فرض "قيود جزئية" على الوصول إلى "فيسبوك"، بعدما قيّد الموقع حسابات وسائل إعلام مدعومة من الكرملين.

وأشار مستخدمون روس للإنترنت، السبت، إلى مشكلات في الوصول إلى فيسبوك وتويتر، علماً بأن الموقعين أديا دوراً أساسياً في إبراز تحرّكات المعارضة في روسيا بالسنوات الأخيرة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات