عراقيات يقتحمن سوق العمل في حقول النفط

time reading iconدقائق القراءة - 4
زينب أمجد مهندسة بتروكيماويات تقف بالقرب من حقل نفط خارج البصرة - 18 فبراير 2021 - AP
زينب أمجد مهندسة بتروكيماويات تقف بالقرب من حقل نفط خارج البصرة - 18 فبراير 2021 - AP
دبي -الشرق

زينب أمجد، وآيات راوثان، فتاتان من بين مجموعة قليلة من الفتيات العراقيات اللائي قررن تجنب الوظائف المكتبية المملة التي عادة ما تُسلم لمهندسات البترول في العراق، واختارتا بدلاً من ذلك، أن يصبحن رائدات في صناعة النفط من خلال تولي مهمة العمل الشاق في مواقع الحفر، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

وقالت الوكالة، في تقرير نشرته، الأحد، إن زينب وآيات، اللتين تبلغان من العمر 24 عاماً، هما جزء من جيل جديد من النساء العراقيات الموهوبات اللائي يختبرن الحدود التي يفرضها مجتمعهن المحافظ، معتبرة أن إصرارهن على إيجاد وظائف في صناعة طالما هيمن عليها الرجال تاريخياً، هو مثال صارخ على أن الشباب باتوا يجدون أنفسهم اليوم على خلاف مع التقاليد القبلية المحافظة والراسخة في قلب محافظات النفط جنوب العراق.

"للرجال فقط"

وبحسب وصف الوكالة، فإن "الساعات التي تقضيها الفتاتان في حقول النفط طويلة للغاية، في ظل طقس قاسٍ أيضاً، كما أنه غالباً ما يتم سؤالهما عن سبب وجودهما في مواقع الحفر باعتبارهما من النساء".

تقول زينب، التي تقضي 6 أسابيع في كل مرة تذهب فيها إلى الموقع: "يقولون لي إن البيئة الميدانية لا يتحملها سوى الرجال، ولكن إذا استسلمت لهذا الكلام فإنني سأثبت لهم أنهم على حق".

 بوادر انتعاش

وأشارت الوكالة إلى أنه على الرغم من انخفاض أسعار النفط بسبب جائحة فيروس كورونا، والخلافات الدولية، فإن بعض بوادر الانتعاش تظهر الآن في العراق، إذ وصلت الصادرات في يناير الماضي، إلى 2.868 مليون برميل يومياً بسعر 53 دولاراً للبرميل، وفقاً لإحصاءات وزارة النفط العراقية.

وتابعت: "بالنسبة لمعظم العراقيين، فإنه يمكن تلخيص صناعة النفط في البلاد بهذه الأرقام، لكن بالنسبة لزينب وآيات لديهما نظرة أكثر دقة، إذ تمثل كل بئر مجموعة من التحديات، وتقول زينب: "كل موقع يشبه تجربة الذهاب إلى بلد جديد".

ونظراً للأهمية الكبيرة لصناعة النفط للاقتصاد العراقي، فإن برامج البتروكيماويات في كليات الهندسة بالدولة تكون مخصصة فقط للطلاب الحاصلين على أعلى الدرجات، وكانت الفتاتان من بين أعلى 5٪ من خريجي دفعة جامعة البصرة عام 2018.

انتهاز الفرصة

ومن أجل العمل في هذا المجال، كانت تدرك زينب أنه يتعين عليها الحصول على وظيفة في شركة نفط دولية، ولتحقيق ذلك فإنه كان عليها التميز، وعندما جاءت شركة أجنبية للبحث عن موظفين جدد، انتهزت الفرصة وتقدمت بالفعل، واجتازت عدة اختبارات صعبة للوصول إلى المقابلة النهائية، والتي سُئلت فيها عما إذا كانت متأكدة من قدرتها على أداء الوظيفة، فقالت: "وظفوني وسترون بأنفسكم"، وفي غضون شهرين، استبدلت قبعتها الخضراء بقبعة بيضاء لامعة، لأنها أصبحت مشرفة ولم تعد متدربة، وهو الأمر الذي تم بشكل أسرع من المعتاد، كما تعمل راوثان الآن أيضاً في الشركة نفسها التي تعمل بها زينب.

وكان الأقارب والأصدقاء وحتى المعلمون غير مشجعين للفتاتين، إذ تعرضتا لعدة أسئلة منهم، مثل: ماذا عن العمل البدني الشاق؟ وماذا عن حر البصرة الحارق؟ وماذا عن الحياة في الموقع لعدة أشهر في كل مرة؟ وماذا عن عقارب الصحراء التي تجوب الحجرات ليلاً؟

وتقول آيات: "كان أساتذتي وزملائي يضحكون ويسخرون مني في كثير من الأحيان، لأنهم كانوا يرون أنني لن أتمكن من تحقيق حلمي، لكن هذا كان يدفعني أكثر".

ولفتت الوكالة إلى أن والد آيات، القبطان الذي يقضي شهوراً في البحر، ووالدتها، المهندسة المدنية، كانا داعمين لها، ونقلت عنها قولها: "هما يفهمان أن هذا هو شغفي"، معربة عن أملها في تأسيس نقابة لجمع المهندسات العراقيات المتشابهات في التفكير.