
أعلنت منظمة العفو الدولية، الجمعة، أن جنوداً إريتريين يقاتلون عبر الحدود في منطقة تيغراي شمال إثيوبيا ارتكبوا العام الماضي "مجزرة" أودت بحياة مئات الأشخاص ويمكن أن ترقى لتكون جريمة ضد الإنسانية.
وفي تقرير جديد، جمعت المنظمة الحقوقية شهادات ناجين من هذه "المجزرة"، واستخدمت صوراً ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية، لتكوين صورة كاملة عن هذا الحدث الدامي الذي وقع في نوفمبر 2020 في بلدة أكسوم التاريخية، وفق المنظمة.
وقال مدير منظمة العفو الدولية في شرق وجنوب أفريقيا، ديبروس موشينا، إن "الأدلة مقنعة وتشير إلى نتيجة مروعة. القوات الإثيوبية والإريترية ارتكبت عدة جرائم حرب في الهجوم الذي شنته للسيطرة على أكسوم". وأضاف أن "هذا العمل الوحشي يعتبر من أسوأ ما تم توثيقه حتى الآن في هذا النزاع".
وتحوّلت تيغراي إلى ساحة حرب منذ 3 نوفمبر 2020، عندما أطلق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عملية عسكرية ضد "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" التي اتهمها بمهاجمة معسكرات الجيش الفيدرالي.
وفي نهاية الشهر نفسه، أعلن آبي أحمد النصر بعد استيلاء قواته على ميكيلي عاصمة إقليم تيغراي، على الرغم من تعهد "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" مواصلة القتال.
وبعد شهرين، حضّ ديبرتسيون جبريميكايل، زعيم تيغراي الفارّ ، المجتمع الدولي على التحقيق في "إبادة جماعية" وانتهاكات أخرى، اتهم القوات الحكومية وأخرى من إريتريا المجاورة بارتكابها في الإقليم.
ولا تزال تيغراي معزولة بسبب قطع الإنترنت عنها ويصعب دخولها منذ بداية النزاع، ما يجعل من الصعب تأكيد حصول أعمال عنف أو نفيها، لكن وجود القوات الإريترية في إثيوبيا موثق على نطاق واسع، على الرغم من نفي أديس أبابا وأسمرا.
وخاضت إريتريا حرباً حدودية دامية مع إثيوبيا بين عامي 1998 و2000 عندما كانت "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" تهيمن على التحالف الحاكم في إثيوبيا.
ويعود حصول آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام عام 2019 في جزء كبير منه إلى بدئه تقارباً مع إريتريا التي لا يزال رئيسها أسياس أفورقي العدو اللدود لـ"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي".
"مئات الضحايا"
وقالت منظمة العفو الدولية إنها تحدثت إلى 41 ناجياً أفادوا بأنه في 19 نوفمبر 2020 سيطرت القوات العسكرية الإثيوبية والإريترية على أكسوم "في هجوم واسع النطاق، وأدى إطلاق النار العشوائي والقصف إلى قتل وتشريد المدنيين".
وأضاف هؤلاء الناجون: "في الأيام التسعة التي تلت ذلك، انخرط الجيش الإريتري في عمليات نهب واسعة النطاق لممتلكات المدنيين، وعمليات إعدام خارج نطاق القضاء".
وأشار شهود عيان إلى أنه كان من السهل التعرف إلى الجنود الإريتريين من خلال مركباتهم ولغتهم والوشوم التقليدية على وجوههم، كما أنهم أعلنوا صراحة عن هويتهم.
ووفق الشهادات، وقعت أسوأ أعمال العنف عندما هاجمت مجموعة صغيرة موالية لـ"جبهة تحرير تيغراي" قاعدة للجنود في 28 نوفمبر، فردّ هؤلاء بالانتقام من البلدة التي اقتحموها وخلّفوا وراءهم الكثير من الجثث.
وقال سكان لمنظمة العفو إن العديد من الضحايا في أكسوم كانوا عزّلاً وأصيبوا بالرصاص خلال فرارهم، كما زُعم أن الجنود أطلقوا النار في اليوم التالي على من حاولوا إزالة الجثث.
وأفادت المنظمة بأنها جمعت أسماء أكثر من 240 من الضحايا، ولكنها لم تستطع التحقق بشكل مستقل من العدد الإجمالي للقتلى. ومع ذلك، فإن الشهادات والأدلة تجعل من المعقول تقدير موت المئات. وأظهرت صور الأقمار الاصناعية علامات على مقابر جماعية قرب كنيستين في البلدة.
مطالبة بتحقيق أممي
وقال موشينا: "يجب أن يكون هناك تحقيق بقيادة الأمم المتحدة في الانتهاكات الجسيمة في أكسوم، ومحاكمة هؤلاء الذين يشتبه بمسؤوليتهم عن ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية".
وأضاف: "نكرر دعوتنا للحكومة الإثيوبية بالسماح للمنظمات الإنسانية والحقوقية والإعلامية بدخول تيغراي من دون عوائق".
وكانت وكالة "أسوشييتد برس" نقلت عن شهود عيان فروا من منطقة تيغراي قولهم إن جنوداً إريتريين "ينهبون وينتقلون من منزل إلى آخر لقتل الشباب"، فيما قدّر شهود آخرون عدد الجنود الإريتريين بالآلاف.
وفي 27 يناير الماضي، قالت الخارجية الأميركية إنه ينبغي لجميع جنود إريتريا مغادرة إقليم تيغراي "فوراً"، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف في ما وصفته بـ"انتهاكات حقوق الإنسان" تورط فيها جنود إريتريون.
وفي 6 فبراير الجاري، قالت المستشارة الخاصة للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، أليس ويريمو نديريتو، إنها تلقت تقارير عن ارتكاب أطراف الصراع في تيغراي وحلفائها "انتهاكات وتجاوزات خطيرة لحقوق الإنسان، تشمل عمليات قتل خارج نطاق القانون، وعنفاً جنسياً، ونهباً للممتلكات، وإعدامات جماعية، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية".
اقرأ أيضاً: