"واشنطن بوست": الموساد يجند "نتفلكس" و"آبل تي في" لخدمته

time reading iconدقائق القراءة - 8
ملصق إعلاني لفيلم الجاسوس الذي يعرض على "نتفلكس" - Netflix
ملصق إعلاني لفيلم الجاسوس الذي يعرض على "نتفلكس" - Netflix
دبي-الشرق

لم تعد عمليات وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية "موساد"، تتسم بالطابع السري والخفي، بل إنها باتت تستغل أبرز منصات التكنولوجيا الحديثة مثل "نتفلكس"، و"آبل تي في"، و"هولو"، لخدمة مصالحها، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

ولفتت الصحيفة إلى أن تفاصيل العمليات المنسوبة لإسرائيل أصبحت تُكشف للعلن، بما في ذلك سرقة معلومات سرية من البرنامج النووي الإيراني، وتفاصيل اغتيال الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، أحمد عبدالله المصري، في أغسطس الماضي بالعاصمة الإيرانية، والعالم النووي الإيراني، محسن فخري زادة، في نوفمبر الماضي بطهران.

مسلسلات عالمية

أما على الشاشة، فتقول الصحيفة: "تم بث مسلسلات كان نجمها (موساد)، وكأنه آلة باردة وقاسية وفعّالة، وشهدت نجاحاً كبيراً، مثل "Tehran" على منصة "Apple TV Plus"، و"The Spy" على "Netflix"، و"False Flag" الذي عرض أولاً عبر القناة الإسرائيلية الثانية، ثم على منصة "Hulu".

وبحسب جواسيس سابقين، رحّبت الوكالة الإسرائيلية بهذه الخطوة، بل وباتت توظف وتجند عملاء خصيصاً لشغل وظائف في الدعاية والإعلان على المنصات التكنولوجية الشهيرة، ووسائل التواصل الاجتماعي، بما يصب في مصلحتها.

تحدٍ كبير

وبحسب التقرير، فمع التطور السريع للتكنولوجيا العسكرية، يواجه "موساد" تحدياً كبيراً. ولملء هذا الفراغ وسط ساحات القتال الإلكترونية حول العالم، تتنافس وكالة المخابرات الإسرائيلية مع قطاع التكنولوجيا المزدهر في إسرائيل، إذ إن قدامى المحاربين العسكريين الذين كرسوا حياتهم في السابق للخدمة الوطنية، باتوا الآن يعملون في الشركات الناشئة المربحة، أو لتأسيس شركاتهم الخاصة مثل "Waze" و"Wix" و"Viber".

وفي هذا الصدد، بدأ يوسي كوهين، مدير "الموساد" منذ عام 2016، والحليف المقرب لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حملة توظيف كبيرة، وضاعف العمليات الإلكترونية، كما رفع الميزانية المخصصة لها مليارات الشيكيلات، بحسب تقرير نشرته صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية.

وتشهد حملة التجنيد حضوراً متزايداً على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يقول جواسيس سابقون، إن الوكالة تحتضن بهدوء مجموعة كبيرة من البرامج التلفزيونية والأفلام التي من شأنها أن تُظهر جانباً جيداً داخل الوكالة.

فخر واعتزاز

وقال أفنير أفراهام، الذي كان ضابطاً في "موساد" لمدة 28 عاماً، ويدير الآن وكالة "Spy Legends"، وهي شركة استشارية لاستوديوهات هوليوود، إن "مهام موساد المكشوفة للجمهور تدعم إرثنا، إنها تسمح للناس بالشعور بالفخر والتفكير في الأجيال القادمة، نحن بحاجة إلى مزيد من العملاء".

وتظهر هذه الروح جلياً على موقع "موساد" الإلكتروني الجديد، الذي ساعد أفراهام في تصميمه، فعلى صفحته الرئيسية يظهر اقتباس من أحد أفلام "جيمس بوند" يقول: "فجأة، أجد نفسي أفعل أشياء ربما لا تراها إلا في الأفلام". 

وكانت سمعة الوكالة تلوح في الأفق بشكل كبير بعد عرض فيلم "ميونيخ" للمخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ، الذي كان بطل القصة فيه عميلاً للموساد تم إرساله للانتقام من الفلسطينيين الذين قتلوا 11 رياضياً إسرائيلياً في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1972. 

سياسة الصمت

ووفقاً لـ"واشنطن بوست" فعادة ما تتبع إسرائيل سياسة "عدم التعليق" على العمليات السرية التي تنفذها، ففي عملية اغتيال العالم النووي الإيراني، التي نسبت إلى إسرائيل على نطاق واسع، لم يصدر عن المسؤولين الإسرائيليين أي تعليق.

إلا أنه وفي خطوة نادرة، بعد الغارة على موقع إيراني استهدف أرشيفاً سرياً يحوي ملفات عن البرنامج النووي عام 2018، ظهر نتنياهو على التلفزيون ليُقدم تفاصيل عن الملفات النووية الإيرانية التي سرقها "موساد" من الموقع، لتعزيز الضغط الدولي ضد "طموحات إيران النووية" على حد قوله.

وفي السياق، أشار المخرج الإسرائيلي، إيتان فوكس، إلى أن الكتّاب والمنتجين في إسرائيل، يُعتبرون جزءاً من مجتمع متماسك من حيث المعارف، ما يسهل إنشاء أفلام تنقل صورة "موساد" بطريقة واقعية، مؤكداً أنه تشاور مع أصدقاء له في الوكالة بشأن مسلسله القادم الذي يحكي عن مهاجر أميركي يعمل جاسوساً في إسرائيل.

أعمال درامية

وتُعد الصورة التي تظهر على الشاشة لـ"موساد" جزءاً من نوع أوسع من الأعمال الدرامية ذات الطابع الحربي، والتي ساعدت في جعل إسرائيل مصدراً رئيسياً للأفلام والبرامج التلفزيونية، وبلغ الأمر ذروته عام 2010، عندما عرضت منصة "هولو" المسلسل الإسرائيلي "هاتوفيم" أو "أسرى الحرب"، الذي تشير أحداثه إلى عودة 3 إسرائيليين كانوا محتجزين في لبنان.

وفي عام 2016، عرضت منصة "نتفلكس" مسلسل "فوضى"، الذي يظهر عمليات وحدة مكافحة الإرهاب الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية المحتلة.

أما في عام 2019، فلعب الممثل ساشا بارون كوهين، دور البطولة في فيلم الإثارة "الجاسوس" الذي عرض على "نتفلكس"، ويدور حول عميل أسطوري لـ"موساد"، ساعد في جمع معلومات استخباراتية أدت إلى انتصار إسرائيل في حرب 1967 ثم تم كشفه، إذ عُذب وشنق في ساحة عامة بالعاصمة السورية دمشق.

وفي مارس الماضي، أعلنت الممثلة أوما ثورمان، أنها ستشارك في النسخة الأميركية الجديدة لمسلسل الإثارة الإسرائيلي "False Flag" الذي يسرد أحداث اغتيال القائد العسكري لحركة حماس محمود المبحوح  عام 2010، والتي ألقي باللوم فيها على إسرائيل.

ضجة كبيرة

أما الأكثر موضوعية وفق "واشنطن بوست"، مسلسل "طهران" الذي يُبث على منصة "Apple TV Plus"، ويتحدث عن جاسوسة إسرائيلية أرسلها "موساد" إلى العاصمة الإيرانية، ويظهر الكثير من الجوانب الثقافية والسياسية والاجتماعية في الداخل الإيراني، من عمليات التجميل المزيفة، إلى الأحزاب السرية غير الشرعية، مروراً بالتسلسل الهرمي داخل الحرس الثوري الإيراني.

وأحدث المسلسل ضجة كبرى منذ بدء عرضه، خصوصاً بعد عملية اغتيال العالم النووي محسن زاده، وعلى الرغم من ذلك يستعد طاقم العمل لتصوير الموسم الثاني وفق الصحيفة.

قلق متزايد

وذكرت "واشنطن بوست"، أن ليس كل موظفي "موساد" السابقين مرتاحين للانفتاح الجديد، إذ قالت أورنا كلاين، الجاسوسة الإسرائيلية السابقة، إنها "قلقة من أن التصوير الميلودرامي قد يجعل من الصعب على العملاء القيام بعملهم".

وعلى مدار 26 عاماً في الوكالة، قالت كلاين إنها تنام كل ليلة والأضواء مضاءة، مضيفة: "في أيامي، لم يتحدث أحد عن أي شيء، لا للصحف ولا إلى أي شخص، هذه ليست مجرد وظيفة".

أما ميشكا بن دافيد، الذي عمل في "موساد" سابقاً وكتب روايات تجسس كثيرة، استخدمت رواياته أسماء حقيقية لفرق الاغتيالات والنسخ المزورة لجوازات السفر الأوروبية الخاصة بهم، ما تسبب في حدوث موقف محرج لإسرائيل.

وذكر بن دافيد: "رؤساء موساد يعرفون اليوم أنه لا خيار أمامهم للبقاء خلف الستار، هذه حرب لا يمكنهم الانتصار فيها".