
يتفوق عيد العُزاب، عطلة التسوق الأشهر بالصين، على مواسم التسوق الإلكتروني الأكبر والأكثر شعبية في العالم مثل الجمعة السوداء، واثنين الإنترنت، وغيرها.
وبالرغم من حلوله هذا العام عبر مرحلتين (أو نافذتي تخفيضات للدقة)، تتداخل عوامل جديدة في الحسبة؛ فالاستدامة والتسوق المستدام، مفردات جديدة على مهرجان التسوق الإلكتروني الذي يشبع هوس الاستهلاك والإنفاق لدى الصينيين.
كما أن المناسبة السنوية تُعد فرصة جيدة للاحتفاء بالعلاقات والفخر بالعزوبية أيضاً، فهل تتسب المفردات الجديدة في تراجع عيد العزاب عن عرش المبيعات هذا العام؟
عطلة القلوب الوحيدة
في تسعينات القرن الماضي، دشن مجموعة من طلاب الجامعات بالصين تقليد الاحتفال بيوم العزاب. اختار الطلاب الحادي عشر من نوفمبر (11-11) لتلك المُناسبة، إمعاناً في التأكيد على الفخر بالوحدة والعزوبية، كمقابل منطقي للاحتفال بعيد الحُب.
وبحسب صحيفة "ذي جارديان" البريطانية، بدءًا من عام 2009، أصبح التسوق ملازماً لتلك العطلة غير الرسمية بدخول موقع "علي بابا" للتسوق عبر الإنترنت على الخط، واللعب على اتجاهات الشراء لدى الشباب الذين يحتفون بذلك اليوم.
بمرور الوقت، تبوأ يوم العزاب مكانته على عرش التسوق، ليحقق مبيعات خرافية عاماً بعد عام، وتبلغ مبيعاته في كافة المنصات التي تحتفي به أربعة وخمسة أضعاف مبيعات الجمعة السوداء.
ووفقًا لوكالة "بلومبرغ"، تجاوزت المبيعات العام الماضي ما مقداره 78 مليار دولار من المبيعات العالمية، بينما وصلت للعام الذي سبقه إلى 38 مليار دولار، كنتيجة منطقية لزيادة أيام التخفيضات، والصفقات المشجعة على الشراء.
يوم العزاب الأخضر
وبديلاً عن استكمال مسيرة الأرقام القياسية لمبيعات عيد العُزاب التي تسجل كل عام، تسعى "علي بابا"، ومنصات التسوق التابعة لها، لما قد يبدو هدفاً ثانوياً لعملاق التسوق، وهو نسخة أكثر اخضراراً من حدث التسوق الكبير.
ووفقًا لوكالة "رويترز" للأنباء، فإن السعي لأكبر عدد من صفقات البيع خلال هذا العام لا يبدو هدفاً هامشياً أيضاً؛ إذ ستقدم 290 ألف علامة تجارية حوالي 14 مليون صفقة لأكثر من 900 مليون باحث عن الصفقات.
وتُعد الاستدامة أحد الكلمات المفتاحية للتسوق في يوم العزاب هذا العام، وفقاً لمجلة "فوربس"، لاسيما داخل أروقة علي بابا والمنصات التابعة لها.
50 ألف منتج أخضر
وبحسب الإفادات الخبرية لمنصة ALIZILA، المدونة الإعلامية لشركة علي بابا، فإن النمو المستدام يُعد الأولوية هذه المرة، بديلاً عن تحقيق نمو حُر في المبيعات دون ضوابط بيئية.
أحد أشكال الانحياز الجديد يتمثل في قسائم التسوق المستدامة التي تستثمر فيها علي بابا بقيمة نحو 15.6 دولار؛ لتحفيز قرارات التسوق التي تساهم في نمط حياة صديق للبيئة.
كمتسوق عبر منصة Tmall التابعة لعلي بابا، يمكنك أن تقتفي أثر مشترياتك الخضراء التي تتنوع بشكل كبير؛ إذ يتوفر على المنصة أكثر من 50 ألف منتج حاصل على شهادة "منتج الأخضر".
ومن أمثلة تلك المنتجات المراحيض الموفرة للماء، والأجهزة المنزلية الموفرة للطاقة، وبالتالي الصديقة للبيئة والتي يمكن تعقُب أثرها البيئي عن طريق نقاط تضاف إليك عبر تطبيق Alipay Ant Forest الذي يمكن مستخدميه من زراعة أشجار افتراضية كلما اتخذوا خيارات شرائية تخدم أسلوب حياة منخفض الكربون.
كذلك، تعوّل الشركة هذا العام على إلقاء الضوء على استراتيجية إعادة التدوير لديها وتوسيع قاعدتها، عن طريق التوسع في الطرود المعاد تدويرها، والتوسع في التزامها في هذا السياق.
كارثة على البيئة
وكانت منظمة غرينبيس قد تعهدت حدث التسوق الكبير بمراقبة حثيثة على مدار الأعوام الماضية لتبعات السلوك الاستهلاكي الذي يحفزه يوم العزّاب على البيئة.
ووفقاً لتقرير صادر عن غرينبيس عام 2017، فقد اعتبرت المنظمة البيئية ذائع الصيت أن الحدث "كارثة على البيئة" ليس فقط بسبب حجم النفايات الهائل، وإنما أيضاً بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن التصنيع والتعبئة والشحن.
وخلال التقرير ذاته، قدّرت غرينبيس، أن الحدث عام 2016 مسؤول عن إطلاق 258 ألف طن من الانبعاثات الكربونية غير المرغوبة، إلي جانب أضرار أخرى.
الازدهار المشترك
وتقرأ العديد من التقارير الاتجاه العام المستحدث ليوم العُزاب هذا العام في ضوء عام ضيّق شهدته مؤسسة علي بابا بكافة أذرعها من قبل الحكومة الصينية، ما جعل المؤسسة مجبرة على الإذعان للحكومة الصينية، والتماهي في التزاماتها البيئية.
وفي حين يظل تجاوب المستهلكين مع الاتجاه الجديد موضع اختبار، فإن تقريراً لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، ألقى الضوء على استطلاع رأي يشير إلى أن 52% من المستهلكين مستعدون لدفع المزيد خلال عطلة عيد العزاب هذا العام بوجهها القديم.
خلال العام، خضعت مؤسسة علي بابا لتدقيق في سياستها الاحتكارية، أعقبته فرض غرامة قدرها 2.8 مليار دولار من قبل الحكومة الصينية، وذلك في سياق مبادرة الحكومة الصينية "الرخاء المشترك"؛ وهي مبادرة تستهدف دفع القطاع الخاص في الصين لدعم سياسات المساواة الاقتصادية، وتضييق فجوة الثروة. أما عن السياسات البيئية، فتلتزم الحكومة الصينية بالوصول للحياد الكربوني في 2060.
ويواجه خيار شركة علي بابا بالاتجاه نحو النمو المستدام شكوكاً في مدى ربحيته وقدرته على تحقيق الأرقام القياسية المعتادة في يوم العزاب، خصوصاً وأن المستهلك الصيني لا يبدو مهتماً بالقدر الكافي بالتسوق الأخضر، ما يجعل استمرارية المتاجر المستدامة صعباً ويجبرها على الإغلاق، كما حدث مع متجر إيفرلين الأميركي أخيراً، وفق تقرير لمجلة "فوج".