قالت وكالة "بلومبرغ"، إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تدرسان فرض عقوبات إضافية ضد روسيا، ربما تستهدف ديونها السيادية؛ وذلك على خلفية استخدام الأسلحة الكيميائية.
ونقلت الوكالة الأميركية، عن مصادر مطلعة، (تحدثت بشرط عدم الكشف عن هوياتهم)، أن الخيارات تتراوح بين فرض عقوبات ضد أفراد في النخبة الحاكمة الروسية، أو اتخاذ إجراء أشد صرامة باستهداف الديون السيادية للدولة.
ومن المتوقع أن تلتزم الولايات المتحدة إلى حد كبير بقانون الأسلحة الكيميائية لعام 1991، وتتابع بجولة ثانية أوسع نطاقاً من العقوبات، ما لم تستوف روسيا شروطاً معينة، تشمل تأكيدات بأنها ستمتنع عن استخدام مثل هذه الأسلحة، وتسمح بتفتيش مواقع الأسلحة الكيميائية المشتبه بها، حسب المصادر ذاتها.
ضغط على "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية"
وأفاد أحد المصادر، بأن مسؤولين بريطانيين يخططون للدفع باتجاه حث "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" من أجل مواصلة ممارسة الضغط على روسيا لتقديم إجابات بشأن استخدامها للمواد المحظورة، وسيناقشون التدابير المحتملة مع حلفاء أوروبيين رئيسيين، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، خلال الأسابيع المقبلة.
وقال مصدر آخر، إن مسؤولين بريطانيين يجرون مناقشات مع نظرائهم الأميركيين حول الإجراءات الجديدة، لافتاً إلى أن أحد العوامل وراء اتخاذ خطوات إضافية، استمرار روسيا في منع التحقيق في تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني.
وسقط نافالني (44 عاماً) مريضاً على متن رحلة جوية في سيبيريا أغسطس الماضي، وتم نقله جواً إلى ألمانيا، حيث خلص الأطباء إلى أنه تعرّض للتسمم بغاز للأعصاب. وأنكر الكرملين أي دور له في هذه الإصابة، وقال إنه لم يرَ دليلاً على أنه أصيب بالتسمم.
تسميم نافالني
وبعد علاجه في ألمانيا عاد نافالني، البالغ من العمر 44 عاماً، إلى روسيا في يناير الماضي، فتم إلقاء القبض عليه وحُكم عليه بالسجن لأكثر من عامين ونصف العام بتهمة "ارتكاب انتهاكات" وصفها نافالني بـ"الملفقة".
وفي قضية نافالني، لم يلجأ الرئيس السابق دونالد ترمب الذي انتهت ولايته في يناير الماضي إلى معاقبة روسيا. وقال خبراء حقوقيون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة، الاثنين، إن موسكو "تعد مسؤولة عن محاولة قتل نافالني، في إطار نمط من الهجمات ضد المنتقدين، بهدف سحق المعارضة".
وذكرت المصادر، أن الولايات المتحدة يمكن أن تزيد الضغط على روسيا بفرض عقوبات على أفراد النخبة الحاكمة الذين يتمتعون بسلطات بموجب "قانون ماغنتسكي"، الذي يخول للرئيس الأميركي معاقبة الأفراد على انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد.
لكن إذا ثبت أن روسيا ترتكب مجدداً انتهاكاً كبيراً للحظر الدولي على الأسلحة الكيميائية، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن سيفكر في فرض عقوبات على ديون الدولة السيادية، إذا كان من الممكن القيام بذلك بالتعاون مع أوروبا، حسبما أفاد مصدران.
تصاعد التوتر
والثلاثاء، أعلنت إدارة بايدن، أول جزاءاتها ضد روسيا، وعاقبت مسؤولين روساً، في قضية تسميم المعارض، أليكسي نافالني وسجنه، لتنضم إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، باستهداف كبار مسؤولي إنفاذ القانون الروس، حسب الوكالة.
وتمثل العقوبات بحسب الوكالة، أحدث مؤشر على تعميق التوترات بين واشنطن وموسكو، وقد تتدهور العلاقة أكثر إذا ردت روسيا أو صعدت الولايات المتحدة عقوباتها.
في المقابل، قالت الخارجية الروسية، الأربعاء، إن العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على موسكو "طعنة عدائية لروسيا" و"ضربة أخرى للعلاقات بين البلدين"، مؤكدة أنها سترد على هذه العقوبات، فيما قال الكرملين إن هذه العقوبات "تسيء بشكل كبير إلى العلاقات السيئة أساساً" بين روسيا والغرب.
ارتفاع السندات الروسية
وأشارت الوكالة إلى أن قيمة السندات الروسية شهدت ارتفاعاً لمدة أربعة أيام، ما أدى إلى رفع العائد 11 نقطة أساس إلى 6.68% اعتباراً من الساعة 1:08 ظهر الجمعة في موسكو. وبدعم من ارتفاع أسعار النفط، لم يتغير سعر تداول الروبل الروسي كثيراً وسجل 74.69 روبل مقابل الدولار بعد انخفاضه بنسبة 1% الخميس.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية في عهد الوزير السابق ستيفن منوتشين، حذرت عام 2018 من حدوث اضطراب بالأسواق المالية العالمية، حال فرض عقوبات على سوق الديون السيادية في روسيا، قائلة إن العقوبات ربما تزعزع استقرار الأسواق بسبب مدى ارتباط السوق الروسية بالمؤشرات العالمية.
في المقابل، يرى البعض أن روسيا تخلت عن إصدار ديون مقومة بالدولار تجاه اليورو، ما يعني أن التداعيات السلبية، ربما تكون أقل مما كان متوقعاً في السابق.
يُشارك هذا الرأي، داليب سينغ، مسؤول الخزانة السابق في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، الذي يشارك الآن في مجلس الأمن القومي التابع لبايدن.
في عام 2019، أيد سينغ في إفادته خلال جلسة استماع في الكونغرس بشأن روسيا، تقييد مشتريات الديون السيادية الروسية لحماية مصالح الأمن القومي الأميركي.
وقال آنذاك، إن الضرر الذي سيلحق بالأسواق العالمية نتيجة حظر مشتريات الديون الروسية لن يكون كبيراً، لأن المستثمرين العالميين قللوا من تعاملاتهم مع موسكو منذ أن بدأت إدارة أوباما معاقبة روسيا في 2014.