الفاتورة الأخلاقية.. كيف تحتسب البصمة الكربونية لرحلاتك الجوية؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
لقطة تظهر باطن طائرة تجارية خلال تحليقها في الجو - dpa/picture alliance via Getty Images
لقطة تظهر باطن طائرة تجارية خلال تحليقها في الجو - dpa/picture alliance via Getty Images
القاهرة-ميّ هشام

على أعتاب قمة المناخ العالمية (كوب 26) التي ستقام بالمملكة المتحدة، يستعد المجتمع الدولي لمزيد من المحادثات حول آليات جديدة أكثر صرامة، للتحكُم في الانبعاثات الكربونية، ومناقشة التزامات كل أمة على حدة تجاه حدود احترار الأرض.

وفيما يستعد زعماء العالم للسفر جواً إلى موقع عقد القمة المناخية المرتقبة، يتجدد الحديث عن المفارقة في البصمة الكربونية لقمة المناخ ذاتها وطائرات أعضاء القمة، بوصف وقود الطيران أحد أبرز مصادر الانبعاثات الكربونية، كفاتورة مناخية باهظة لا يسع العالم تجنُبها إذا ما أراد بحث قضايا المناخ وسُبل حلها، ليصبح المواطنون حول العالم ملزمون في كل مرة يستقلون فيها طائرة للسفر إجراء حسابات الضرر والمنفعة لتلك الرحلة وبصمتها الكربونية.

المصدر الأبرز

من بين جميع مصادر الانبعاثات الكربونية، تحتل نواتج احتراق وقود الطيران مرتبة متقدمة ضمن الملوثات المناخية، ما يجعله غالباً هدفاً لآليات تقليص الانبعاثات؛ إذ يعني التحكُم فيه التخلُص من بند مؤثر وفعال من مصادر الانبعاثات.

وتتراوح تقديرات الجهات المهتمة بمقدار إسهام وقود الطيران في إجمالي الانبعاثات الكربونية السنوية، بين 2.5%  تبعاً للمجلس الدولي للنقل النظيف ICCT، و2% في تقدير مجموعة عمل النقل الجوي ATAG، وهو عبارة عن ائتلاف من خبراء صناعة الطيران يركز على قضايا التنمية المستدامة.

 ولترجمة تلك النسب على أرض الواقع، يمكن إلقاء نظرة على فاتورة ثاني أكسيد الكربون لقطاع الطيران العالمي. فقبيل قيود الطيران المرتبطة بجائحة كورونا، بالتحديد عام 2019، أنتج قطاع الطيران نحو 915 مليون طن من الكربون من مجموع الانبعاثات الكربونية لكافة مصادر الانبعاثات، والتي تقدر بدورها بـ43 مليار طن كربون في العام ذاته.

قرار معقد

من ناحية أخرى، يمثل الطيران قطاعاً استثمارياً عتيداً يصعُب التلاعب بمفرداته للتحكُم في الانبعاثات الكربونية التي يقدمها لكوكب الأرض، إذ يدر نحو 691.3 مليار دولار من الربح سنوياً، ويقدم وظائف لنحو 11 مليون مواطن حول العالم يعملون بقطاع الطيران حصراً، بخلاف العاملين بقطاع السياحة المتصل به. 

ويمثل الطيران منخفض التكلفة، أو الطيران الاقتصادي، وهي خطوط طيران تعتمد على تقليل مقدار رفاهية الرحلات والخدمات التقليدية مقابل تقليص أسعار التذاكر، معضلة أخرى تُعقِّد قرارات المسافرين إذا ما قرروا  تكبد العناء والانحياز للمناخ واستقلال القطار على سبيل المثال، بديلاً عن السفر جواً. 

وفي حين ينبعث من ركوب الطائرات، وفقاً لتقرير نشرته مجلة تايم، 6 أضعاف ثاني أكسيد الكربون لكل ميل يقطعه القطار، تستطيع خدمات مقارنة تكاليف السفر بوسائل النقل المختلفة والمتاحة بشكل مجاني مثل منصة أوميو، إظهار أن أسعار بعض تذاكر الطيران على الخطوط الاقتصادية قد تكون أقل كلفة من تذكرة قطار للوجهة ذاتها.

تجنب الطيران

هل يسهم القرار الواعي للأفراد بهجر رحلات الطيران لوسائل نقل أكثر صداقة للبيئة، أو على الأقل إدخار النقل الجوي للضرورة، في إحداث فارق مؤثر على مستوى الانبعاثات؟ في الواقع، يتجه بعض خبراء المناخ لتثمين تلك الاستراتيجية.

فوفقًا لدراسة أجرتها جامعة لوند السويدية عام 2017، يُعد تجنب السفر بالطائرة واحداً من أربعة أنماط من السلوك الفردي مرشحة بقوة للتأثير على الانبعاثات المتسببة في الاحتباس الحراري، جنباً إلى جنب مع اتباع نظام غذائي نباتي والعيش دون سيارات، وإنجاب عدد أقل من الأطفال.

وبحسب تحليل أجراه المجلس الدولي للنقل النظيف ICCT، إذا قام كل شخص من سكان العالم برحلة واحدة طويلة المدى كل عام، فإن انبعاثات الطائرات ستتجاوز بكثير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة من مصادر الانبعاثات مجتمعة.

حاسبات الانبعاثات

وتوفر العديد من الأدوات المجانية المتاحة على الإنترنت على الركاب عناء تكبُد احتساب البصمة الكربونية للرحلات الجوية التي يخططون لها، أحد تلك الأدوات مدعومة من قبل منظمة الطيران المدني الدولي ICAO.

وتعتمد حاسبة ICAO لانبعاثات الكربون على بيانات متنوّعة عن الأنواع المختلفة للطائرات، والمسار الخاص بكل رحلة، وحمولة الركاب والبضائع المنقولة، وتتطلب معلومات محدودة يسهل العثور عليها من جانب الراكب كفئة التذكرة، ومطارات المغادرة والوجهة، وما إذا كانت الرحلة ذهاباً فقط، أم ذهاباً وإياباً.

حاسبة منظمة الطيران المدني الدولي ليست الحاسبة الوحيدة، ففي عام 2007، عمل مجموعة طُلاب بجامعة ويك فورست بالولايات المتحدة على إعداد نموذج بلوسكاي لاحتساب البصمة الكربونية لرحلات الطيران، والذي يقدر متوسط الكربون عن ميل الطيران الواحد بـ53 رطلاً من ثاني أكسيد الكربون. 

متعقّب الكربون

وإلى جانب حاسبات الكربون، توفر بعض الأدوات الرقمية المجانية ميزة المفاضلة بين رحلات الطيران المختلفة من حيث بصمتها الكربونية، أشهرها أداة تعقب الكربون الجديدة التي طرحتها منصة جوجل فلايتس ضمن خدماتها المتعددة.

وتتيح أداة جوجل فلايتس التي جرى إطلاقها مطلع الشهر الجاري للعملاء، البحث عن رحلة مناسبة حسب تقديرات انبعاثات الكربون بالإضافة إلى تكلفة التذكرة ومدة السفر، والمفاضلة بين الرحلات المختلفة.

اقرأ أيضاً: