
عزز قرار مجلس القضاء الأعلى في لبنان، بتعيين محقق عدلي رديف في ملف انفجار مرفأ بيروت، الانقسام القضائي والسياسي بشأن هذه القضية، بالتزامن مع أجواء تفيد بأن المحقق العدلي الأصيل القاضي طارق بيطار، لن يعترف بالقاضي الرديف، ولن يسلّمه أي ورقة من الملف.
وكشف مصدر قضائي مطلع لـ"الشرق"، أن "بيطار بدأ يدرس الخيارات القانونية التي تمكنه من استئناف التحقيق، متجاوزاً الدعاوى المقدمة ضدّه، والتي أدت إلى كفّ يده من أشهر طويلة".
وأضاف المصدر: "لا شيء يلزم المحقق الأصيل أو يجبره على تسليم الملفّ لشخص آخر، وكل الخيارات باتت مفتوحة أمامه".
والثلاثاء، قال مرجع قضائي لبناني لـ"الشرق"، إن مجلس القضاء الأعلى وافق على اقتراح وزير العدل هنري خوري، بتعيين محقق عدلي رديف في ملف انفجار مرفأ بيروت. وأضاف المرجع القضائي، أن الموافقة جاءت خلال انعقاد المجلس، الثلاثاء، برئاسة القاضي سهيل عبود على تعيين محقق عدلي رديف، إلى حين تمكُّن القاضي طارق بيطار من العودة إلى ممارسة دوره.
كما أكدت مصادر مقربة من بيطار، لـ"الشرق"، أن القرار "يشكل سابقة خطيرة"، وأنه "لن يعترف بأي قاضٍ يعين في هذا الملف، وسيتخذ الإجراء المناسب قريباً".
"إجراء مؤقت"
في المقابل قلّلت مصادر مقربة من مجلس القضاء الأعلى من احتمال حصول أزمة داخل السلطة القضائية.
وأكدت هذه المصادر لـ"الشرق"، أن "تعيين محقق إضافي هو إجراء مؤقت ليس موجهاً ضدّ بيطار بأي حال من الأحوال"، مضيفاً أن "القاضي الذي سيعين لن يجري أي تحقيق بالملف بل سيتقيّد بمهمّة البت بإخلاء سبيل الموقوفين، وببعض الأمور الإنسانية إلى حين زوال الأسباب التي جمّدت عمل بيطار أي إلى ما بعد البتّ بالدعاوى المقدمة ضده، وإلى حين تمكنه من استئناف عمله بشكل طبيعي".
ولفتت المصادر إلى أن "تعيين المحقق الجديد، كان بمثابة أبغض الحلال، وحصل بعد إقفال كلّ الطرق التي يجب أن تفضي إلى تحريك عجلة التحقيقات، والنظر بإخلاء سبيل الموقوفين".
وتحقيق القاضي اللبناني طارق بيطار في انفجار عام 2020، الذي سوّى أجزاء من المدينة بالأرض عندما انفجرت مئات الأطنان من نترات الأمونيوم المخزنة في المرفأ، لا يزال عالقاً منذ أواخر عام 2021، بسبب دعاوى رفعها سياسيون كبار سعى إلى استجوابهم.
وأدى ذلك إلى عدم قدرته على استدعاء المشتبه بهم أو توجيه اتهامات إليهم، كما أن الأفراد الذين احتُجزوا بعد الانفجار ثم برئت ساحتهم ما زالوا قيد الاحتجاز.
وطلب وزير العدل هنري خوري في الرسالة المؤرخة، الاثنين، من مجلس القضاء الأعلى في البلاد مناقشة تكليف محقق قضائي لـ"مباشرة الأمور العاجلة والضرورية في قضية انفجار مرفأ بيروت".
وغالباً ما يخضع القضاة لتأثير النخبة الحاكمة في لبنان حيث أدى تقسيم السلطة على أسس طائفية إلى إغراق البلاد في أزمة سياسية واقتصادية، وفقاً لـ"رويترز".
وشجبت مجموعة من المشرعين المستقلين الخطوة مشيرة إلى "انتهاكات جسيمة" للعملية القضائية، وقالت إن الهدف منها توجيه "ضربة قاضية" لدور بيطار، وفقاً لما جاء في بيان، أوردته وكالة "رويترز".
ودعا نائبان في البرلمان 0من التيار الوطني الحر، وهو حزب مسيحي بارز أسسه الرئيس ميشال عون، الثلاثاء، علانية إلى الإفراج عن المعتقلين الذين لم يعودوا يعتبرون أطرافاً في الانفجار.
وأشارت الرسالة إلى أن الدافع وراء طلب خوري هو تدهور صحة بعض المحتجزين.