
أفاد محققون في الأمم المتحدة باعتقادهم أن الحكومة الإثيوبية "تقف وراء جرائم ضد الإنسانية ترتكب في تيجراي"، وحذّروا من أن تجدد القتال في الإقليم يزيد خطر وقوع "مزيد من الجرائم الوحشية".
ووصفت رئيسة اللجنة كاري بيتي مورونجي الأزمة الإنسانية في تيجراي بأنها "صادمة، سواء من حيث حجمها أو مدتها".
وفي تقريرها الأول ذكرت "لجنة خبراء حقوق الإنسان"، المعنية بإثيوبيا، أنها عثرت على أدلة تفيد بوقوع "انتهاكات في البلاد ارتكبها جميع الأطراف"، منذ اندلاع القتال في إقليم تيجراي في نوفمبر 2020.
وقالت اللجنة التي شكّلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة العام الماضي، وتضم 3 خبراء حقوقيين مستقلين، إن لديها "أسساً منطقية للاعتقاد بأنه في عدة مناسبات ترقى هذه الانتهاكات إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وعدّد الخبراء قائمة طويلة من "الانتهاكات" التي شملت "إعدامات تعسفية وعمليات اغتصاب وعنف جنسي ارتكبت على نطاق مروع، فضلاً عن التجويع المتعمد".
وأشار الخبراء على وجه الخصوص إلى الوضع في تيجراي، حيث اتهموا الحكومة وحلفاءها بحرمان نحو 6 ملايين شخص من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الإنترنت والخدمات المصرفية على مدى عام، وحيث تركت القيود المشددة على وصول الإغاثة نحو 90% من السكان في حاجة ماسة للمساعدات.
معاناة واسعة النطاق
ولفت التقرير إلى وجود "مبررات منطقية للاعتقاد بأن الحكومة الفيدرالية وحكومات الأقاليم المتحالفة معها ارتكبت وتواصل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، تتمثل بالاضطهاد على أسس عرقية، وغير ذلك من الأفعال غير الإنسانية".
وقال التقرير إن تلك الأطراف "تتسبب عمداً بمعاناة كبيرة أو بجروح جسدية خطيرة أو بأذى للصحة النفسية والبدنية بسبب مواصلتها منع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى تيجراي".
وأكدت مورونجي أن "المنع الواسع النطاق وعرقلة القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية والغذاء والرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية، يتركان تداعيات مدمرة على السكان المدنيين، ولدينا مبررات منطقية للاعتقاد بأن الأمر يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية".
وأضافت: "لدينا أسس منطقية أيضاً للاعتقاد بأن الحكومة الفيدرالية تستخدم التجويع وسيلة في الحرب"، داعية الحكومة إلى "إعادة الخدمات الأساسية فوراً، وضمان الوصول الإنساني الكامل وغير المقيّد".
كما طالبت مورونجي "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" بـ"ضمان تمكن الوكالات الإنسانية من العمل من دون أي عوائق".
ومنذ اندلاع الحرب في نوفمبر 2020، لقي الآلاف حتفهم، واضطر عدد أكبر للفرار من منازلهم، بينما اتسعت رقعة النزاع من تيجراي لتشمل إقليمي أمهرة وعفر المجاورين.
وأدى تجدد القتال الشهر الماضي إلى انهيار هدنة تم التوصل إليها في مارس، وقضى على أي آمال بإمكان حل النزاع سلمياً.
وحذّرت مورونجي من أنه "مع استئناف الأعمال العدائية في شمال إثيوبيا، هناك خطر حقيقي جداً من تسبب الأمر بمزيد من المعاناة للمدنيين ووقوع المزيد من الجرائم الوحشية".
وقبل استئناف القتال، قال الخبراء إنهم عثروا على أدلة تفيد بأن عمليات الاغتصاب والعنف الجنسي ارتُكبت "على نطاق مروع" منذ اندلاع النزاع، واستهدفت خصوصاً النساء والفتيات المتحدرات من تيجراي.
وخلص تحقيق سابق مشترك بين مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان الإثيوبية، إلى أن "جرائم حرب محتملة وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت من قبل الأطراف كافة".
ترحيب الجبهة
ورحّبت سلطات تيجراي بالتقرير، وقال الناطق باسم الجبهة جيتاتشيو ريدا، إن السلطات لطالما أكدت"أن الحكومة الإثيوبية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في الإقليم".
ولكن تقرير الاثنين توصل إلى مبررات منطقية أيضاً تدفع للاعتقاد بأن قوات تيجراي ارتكبت بدورها "جرائم حرب" شملت "عمليات قتل واسعة النطاق استهدفت مدنيين في أمهرة، فضلاً عن الاغتصاب والعنف الجنسي".
وأعرب الخبراء عن قلقهم حيال استنتاجاتهم التي قالوا إنها "تعكس استقطاباً عميقاً وكراهية على أسس عرقية في إثيوبيا".
وحذّر التقرير من أن "ذلك أدى إلى دوامة عنف شديد وانتقام مثيرة للقلق، وترفع درجة التهديد الوشيك من جرائم وحشية إضافية وأكثر وضوحاً".
وخرج التقرير الذي سيرفع إلى مجلس حقوق الإنسان، في 22 سبتمبر، بعدد من التوصيات تشمل دعوة جميع أطراف النزاع إلى "التوقف فوراً عن جميع الأعمال العدائية والانتهاكات.. بما في ذلك تلك التي قد ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية".
كما دعا مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى ضمان "رقابة كاملة" للوضع في إثيوبيا، بينما حض الحكومة الإثيوبية وحليفتها إريتريا وسلطات تيجراي، على "إجراء تحقيقات وجلب جميع مرتكبي الانتهاكات إلى العدالة".
قلق أميركي
يوم الخميس، أبدت الولايات المتحدة "قلقاً متزايداً" من المعارك الدائرة في شمال إثيوبيا، مناشدة المتحاربين مواصلة التزامهم إجراء محادثات للسلام لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو سنتين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: "نشعر بقلق متزايد من النشاط العسكري المتعاظم في شمال إثيوبيا. ندين بشدة استئناف الأعمال العدائية".
وأضاف أن "هذه الأعمال لا تتماشى مع الرغبة المعلنة من جانب كل من الحكومة الإثيوبية وسلطات إقليم تيجراي" المتمرد في إجراء محادثات سلام.
وذكّر برايس بأن المبعوث الأميركي إلى القرن الإفريقي مايك هامر قام بزيارة إلى المنطقة استمرّت أسبوعين، والتقى خلالها ممثلين عن الحكومة الإثيوبية ومتمردي تيجراي إلى جانب دبلوماسيين من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
وأضاف أن المبعوث الأميركي دعا خلال الزيارة إلى "وقف فوري للهجمات العسكرية واستكمال محادثات" السلام التي يقود جهودها الاتحاد الإفريقي.
اقرأ أيضاً: