جسور لندن المتهالكة.. كابوس يؤرق السكان

time reading iconدقائق القراءة - 5
جسر هامرسميث التاريخي والواقع في قلب في العاصمة البريطانية لندن. - الشرق
جسر هامرسميث التاريخي والواقع في قلب في العاصمة البريطانية لندن. - الشرق
لندن-محمود حبوش

وجدت البريطانية جوليا وكينز نفسها في موضع ناطق رسمي باسم سكان حي بارنز الراقي جنوب غرب العاصمة لندن، بعد أن حول إغلاق جسر بالقرب من بيتها رحلة الذهاب إلى المدرسة لابنتيها من 15 دقيقة مشياً إلى قرابة الساعة. 

وبدأت معاناة وكينز عندما أغلقت السلطات المحلية جسر هامرسميث التاريخي أمام حركة السيارات في شهر أبريل 2019، ثم أمام المشاة قبل 6 أشهر، بعد ملاحظة شقوق في أساساته المصنوعة من الحديد المسكوب. 

إلا أن هذا الجسر مجرد واحد فقط من أكثر من 3 آلاف جسر في بريطانيا تقول مؤسسة "راك"، المعنية بسياسات الطرق والمواصلات، إنها تعاني من مشكلات تجعلها "دون المستوى"، أي أنها لا تستطيع تحمل ثقل شاحنات كبيرة.

وبحسب المؤسسة، تشكو الكثير من المجالس المحلية المسؤولة عن تلك الجسور من عدم قدرتها على إجراءات فحوص دورية للتأكد من سلامتها بسبب نقص المال. 

السكان يعانون 

وقالت وكينز في حديث لها مع "الشرق" إنها "تحاول الانتقال إلى الجهة الأخرى من النهر، حيث مدرسة ابنتيها، لكن لا أحد يود شراء أو استئجار عقاراتنا، لأنك تسكن في هذا المنطقة بسبب سهولة الوصول إلى قلب لندن وبقية الجهات."  

وتُلقي وكينز باللائمة على الحكومة ونظام ملكية الجسور في مدينة لندن الذي حولته مسؤوليته رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر من بلدية لندن الكبرى إلى مجالس الأحياء في ثمانينات القرن الماضي.   

وأشارت إلى أن "إغلاق الجسر أثر سلباً على الحالة النفسية لسكان المنطقة الذين هم في معظمهم من المسنين".

وأضافت وكينز: "قمنا بعمل استطلاع لـ250 من سكان المنطقة، و80% قالوا إن حالتهم النفسية ساءت، و65% قالوا إنهم يعانون من حالة نفسية في غاية السوء. ووصل الأمر لدى البعض إلى أن يفكروا بالانتحار بسبب فقدان الأمل."  

أعمال الصيانة 

ورداً على اتهامات بالتقصير في توفير الصيانة الكافية للجسور، قالت هيئة مواصلات لندن لـ"الشرق"، إنها تقوم بتوفير أعمال الصيانة لجسور العاصمة يومياً للتأكد من سلامتها، كما تجري أعمال صيانة كبرى للجسور كل 20 إلى 30 سنة.

 وفي ما يتعلق بجسر هامرسميث، قالت الهيئة إنها تعمل على توفير عبارة كحل مؤقت، قد يتم تشغيلها خلال الأشهر المقبلة. 

لكن هذا الحل غير واقعي بالنسبة لـ "توبي جوردون سميث"، الذي يعاني من إعاقة حركية، بسبب التباين الكبير بين المد والجزر في المنطقة.

ووجد سميث نفسه غير قادر على الذهاب إلى مكتبه في الجهة الأخرى من الجسر بالسهولة التي اعتاد عليها، إذ كان يستغرقه الأمر 10 دقائق باستخدام مقعده المتحرك. أما الآن، فإذا أراد استخدام سيارته، فسيمضي ما بين 45 دقيقة إلى 90 دقيقة في الطريق حسب شدة الزحام.

وقال سميث لـ "الشرق" بالقرب من الجسر الزيتوني اللون المغلق والمحاط بسياج ولافتات تحذيرية:ر "سبب انتقالي إلى هذه المنطقة، هو أن هامرسميث من مراكز المواصلات القليلة في لندن التي توفر أماكن لحركة مستخدمي المقاعد المتحركة، والتي تمكنني بالتالي من الذهاب إلى المحطات الشبيهة. هذا موضوع مهم بالنسبة لي، فأنا لم أنتقل إلى هنا أو اتخذ هذه القرارات بالصدفة، وقدرة هذا الجسر على ربط المنطقة التي أسكنها ومكان عملي وبقية لندن أمر مهم جداً بالنسبة لي".

ملكية الجسور 

بُني جسر هامرسميث عام 1887 في مكان جسر كان قد تم بناؤه قبل ذلك بستين عاماً. وتحتوي لندن على عدد من الجسور التاريخية، أشهرها جسر البرج الذي افتتح عام 1894 وتملكه مؤسسة لندن بريدج هاوس، التي تملك وتدير 4 جسور تاريخية أخرى في قلب المدينة التاريخي.  

وتعود ملكية جسر هامرسميث إلى مجلس محلي غير قادر على تحمل تكاليف إصلاحه والتي تقدر مؤسسة "راك" أنها قد تصل إلى 141 مليون جنيه إسترليني.

وتتوقع المؤسسة أن إجراء فحوص للتأكد من سلامة أكثر من 71 ألف جسر في المملكة المتحدة، سيكلف الحكومة حوالي 5.5 مليار جنيه إسترليني.    

وتضطر كارولين، البالغة من العمر 69 عاماً، للمشي ساعة ونصف تجنباً للمواصلات العامة لكي تصل إلى مستشفى تشارينغ كروس، على الجانب الآخر من النهر، لإجراء فحوصات دورية بسبب مضاعفات فيروس كورونا الذي أصيبت به في شهر مارس الماضي.    

وقالت بصوت مبحوح إن "هذا سيء جداً جداً، إنه كابوس للجميع"، مضيفة "عليّ الذهاب من وقت لآخر لمستشفى تشارينغ كروس، وأصل هناك في العادة خلال 15 دقيقة، لكن للوصول إلى المستشفى يستغرق الأمر ساعة ونصف مشياً".