إلغاء إدانة الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا ينذر بمعركة انتخابية مبكرة في البرازيل

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس البرازيلي الأسبق لولا دا سيلفا - NurPhoto via Getty Images
الرئيس البرازيلي الأسبق لولا دا سيلفا - NurPhoto via Getty Images
برازيليا - وكالات

أثار إلغاء قاضٍ إدانتين جنائيتين بالفساد ضد الرئيس البرازيلي السابق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، تكهنات بأن البلاد دخلت مبكراً معركة انتخابات الرئاسة، المرتقبة العام المقبل، وبتأجيج استقطاب مع معسكر الرئيس اليميني جايير بولسونارو.

لكن عودة لولا دا سيلفا إلى المشهد السياسي في البرازيل فاقمت قلقاً في الأسواق المالية، دفع مستثمرين للتخلّي عن أصول في البلاد.

ويعد الرئيس البرازيلي الأسبق لولا دا سيلفا أيقونة لليسار في أميركا اللاتينية، وتمتع بشعبية ضخمة خلال ولايته التي امتدت من 2003 إلى 2010، بعدما انتشل الملايين من مواطنيه من براثن الفقر، وفقاً لما نقلته وكالة "بلومبرغ".

ولدى تنحيه عن منصبه بلغت شعبية دا سيلفا أكثر من 80%، لكن نجمه خبا في السنوات الأخيرة، إذ اعتبره كثيرون رمزاً للفساد وسوء الإدارة الاقتصادية. وانتهت الحكومات الأربع المتتالية لحزب العمال، الذي ينتمي إليه، بشكل مفاجئ في عام 2016 بإقالة خليفة لولا، ديلما روسيف.

ومع ذلك، كان دا سيلفا متقدماً في استطلاعات الرأي، في انتخابات الرئاسة التي نُظمت في عام 2018، قبل أن تقصيه إدانته الأولية من السباق. ومكّن ذلك بولسونارو من الفوز في الاقتراع، بوصفه مكافحاً للفساد، وفق وكالة "أسوشيتد برس".

أسباب إجرائية

وأشارت الوكالة إلى أن قاضي المحكمة العليا، لويز إدسون فاشين، ألغى الإدانتين لأسباب إجرائية، بحجة أن المحكمة الفيدرالية في مدينة كوريتيبا جنوب البلاد، تفتقر إلى الاختصاص لدرس القضيتين.

ويعني ذلك أن الحكم قد لا يمسّ إدانات أخرى كثيرة، لرجال أعمال وساسة نافذين، ضمن تحقيقات عُرفت باسم "غسيل السيارات"، وهي الأضخم لمكافحة الفساد في البلاد، وتركّز على نشاط شركة النفط العملاقة "بتروبراس"، المملوكة للدولة، منذ عام 2014.

ورأى فاشين وجوب مراجعة القضيتين المرفوعتين ضد لولا دا سيلفا، أمام محكمة في العاصمة برازيليا. لكن المدعي العام السابق دلتان دالاغنول كتب على تويتر، أن الأوان قد يكون فات، لأن قانون التقادم لمقاضاة الرئيس البرازيلي الأسبق البالغ من العمر 75 عاماً، قد يكون انتهى.

ويمكن للحكومة استئناف الحكم الذي أصدره فاشين، كما أن الرئيس السابق لا يزال يواجه محاكمات أخرى في برازيليا وساو باولو، وفق "بلومبرغ".

ونفى رئيس البرازيل الأسبق في مرات عدة ارتكابه مخالفات، معتبراً أنه ضحية اضطهاد سياسي، إثر حُكم بسجنه 12 عاماً و7 أشهر، بعد إدانته بالحصول على شقة، تبلغ قيمتها نحو مليون دولار، كرشوة من شركة المقاولات OAS. وينفى لولا دا سيلفا ملكيته للشقة، فيما تتعلّق إدانة أخرى بملكيته المزعومة لمزرعة في أتيبايا، خارج ساو باولو.

"تحيز القاضي"

ووَرَدَ في بيان أصدره محاميا دا سيلفا، كريستيانو زانين مارتينز وفاليسكا تيكسيرا زانين مارتينز، أن قرار القاضي يتسق مع الحجج التي قدّمها الدفاع في السنوات الخمس الماضية. وأضاف البيان: "سُجن الرئيس السابق لولا ظلماً، وسُلبت حقوقه السياسية من دون مبرر، وحُجزت ممتلكاته"، علماً بأن الرئيس السابق أُطلق من السجن في نوفمبر 2019، بعد قرار أصدرته المحكمة العليا، يقضي بعدم جواز سجن أي شخص إلا بعد استنفاده كل الاستئنافات.

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن قرار فاشين يمسّ أيضاً سمعة القاضي الفيدرالي السابق سيرجيو مورو، الذي أصدر الحكم على لولا في القضية الأولى، وشارك في القضية الثانية، وترك منصبه ليصبح وزيراً للعدل في حكومة بولسونارو. لكنه استقال في أبريل 2020، بعد خلاف مع الرئيس.

وأراد الفريق القانوني للرئيس البرازيلي الأسبق لولا دا سيلفا، أن تعتبر المحكمة العليا أن مورو كان متحيّزاً، بعدما أظهرت تسريبات لرسائل نصية، نشرها موقع The Intercept Brasil، تنسيقاً واضحاً بين القاضي آنذاك والمدعين العامين في ملف "غسيل السيارات"، لسجن الرئيس اليساري.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن غوستافو بادارو، وهو أستاذ للقانون في جامعة ساو باولو، ترجيحه أن تستهدف قرارات فاشين، الحفاظ على محاكمات أخرى في ملف "غسيل السيارات"، وشهادات أُخذت خلال القضايا المتعلّقة بلولا دا سيلفا. ولو أقرت المحكمة العليا، تحيز مورو، لسعت شخصيات بارزة، حُكم بسجنها في الملف، لإلغاء قضاياها الخاصة. وقال بادارو: "يدرك فاشين أن قراره يعني في الأساس أن لولا لن يُعاقب، لكنه يريد إنقاذ ما تبقّى من (ملف) غسيل السيارات".

"حكومة كارثية"

وانتقد بولسونارو الحكم، معتبراً أن للقاضي علاقات وثيقة مع حزب العمال، علماً بأن روسيف عيّنت فاشين في المحكمة العليا. وقال: "لا يريد البرازيليون مرشّحاً مثل هذا في عام 2022، ناهيك عن التفكير في انتخابه المحتمل. كانت حكومة (لولا) كارثية".

وأفادت "بلومبرغ" بأن مستثمرين قد يرون في عودة انتخابية للولا دا سيلفا ضربة للإصلاحات المؤيّدة للسوق، ما يدفع بولسونارو إلى الاقتراب أكثر من برنامج شعبوي.

ونقلت عن توماس ترومان، وهو مستشار اتصالات قدّم المشورة لرؤساء ووزراء سابقين، قوله: "انتخابات البرازيل 2022 بدأت اليوم. لولا اليوم لن يكون لولا 2002، (موجّهاً) رسالة سلام ومحبة ودية للسوق. سيسعى إلى الانتقام، وسيحمّل الأسواق ووسائل الإعلام وأبرز رجال الأعمال مسؤولية سقوط حزب العمال".

وأشارت الوكالة إلى احتمال تكرار استقطاب، شهدته انتخابات 2018، عندما واجه بولسونارو فرناندو حداد، مرشح لولا، منبّهة إلى أن ذلك سيفاقم بداية صاخبة للأسواق البرازيلية هذا العام، علماً بأن أضخم اقتصاد في أميركا اللاتينية يواجه صعوبات جمّة في كبح فيروس كورونا المستجد.

وقال بريندان ماكينا، وهو محلل استراتيجي في مؤسسة Wells Fargo & Co بنيويورك: "إذا كان لولا قادراً على الترشح مرة أخرى، فيُرجّح ألا يُطرح برنامج الإصلاح على الطاولة وستتدهور آفاق الانضباط المالي. تعوّل الأسواق على التقشف المالي، عندما يتعلّق الأمر بالبرازيل".

"استقطاب انتخابي"

أما كريومار دي سوزا، الرئيس التنفيذي لشركة "دارما" للاستشارات والأخطار السياسية (مقرّها برازيليا)، فاعتبر أن سباقاً بين بولسونارو ولولا سيُحدث "استقطاباً في الانتخابات، يقرره الذين لا يحبون لولا أو بولسونارو بدرجة أقلّ".

لكن الرئيس السابق لا يزال قوة سياسية لا يُستهان بها، إذ أظهر استطلاع للرأي أعدّته مؤسسة Ipec، أن 50% من المشاركين قالوا إنهم قد يصوتون للولا في انتخابات 2022، إذا ترشح للمنصب، في مقابل 38% لبولسونارو. كذلك أظهر لولا معدل رفض أدنى لدى الرأي العام، مقارنة ببولسونارو، مسجلاً 44%، في مقابل 56% لخصمه اليميني.

ونقلت "بلومبرغ" عن السيناتور أومبيرتو كوستا، وهو حليف للزعيم اليساري، قوله إن على لولا أن يدرك أنه "المنافس الرئيس لبولسونارو، وأن يوحّد القوى لمواجهة حكومة كارثية".

اقرأ أيضاً: