الليرة التركية تهبط لمستوى قياسي جديد

time reading iconدقائق القراءة - 6
تسير قرب شاشة تعرض أسعار العملات أمام مكتب صرافة في إسطنبول - 26 أكتوبر 2020 - AFP
تسير قرب شاشة تعرض أسعار العملات أمام مكتب صرافة في إسطنبول - 26 أكتوبر 2020 - AFP
إسطنبول– وكالات

تهاوت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد الثلاثاء، مسجلة تراجعاً بنحو 9%، بعدما دافع الرئيس رجب طيب أردوغان عن تخفيضات شديدة في أسعار الفائدة أخيراً، متعهداً بتحقيق "النصر" في "حرب استقلال اقتصادية" يخوضها، رغم انتقادات واسعة في هذا الصدد.

وأفادت وكالة "رويترز" بتراجع سعر صرف الليرة التركية إلى 12.49 في مقابل الدولار، بعدما سجّلت أرقاماً قياسية في آخر 11 جلسة متتالية. وخسرت الليرة 40% من قيمتها هذا العام، مسجّلة تراجعاً بنحو 20% منذ بداية الأسبوع الماضي.

وأشارت وكالة "بلومبرغ" إلى أن المرة الأخيرة التي شهدت فيها الليرة التركية سلسلة أطول من الخسائر، كانت في عام 2001، عندما كانت البلاد عالقة في دوامة من التضخم المفرط والديون المتزايدة، التي مكّنت حزب "العدالة والتنمية" بزعامة أردوغان من تسلّم السلطة. ولفتت إلى أن الدولار تجاوز حاجز 12 ليرة للمرة الأولى.

وخفّض المصرف المركزي التركي سعر الفائدة الخميس الماضي، 100 نقطة أساس إلى 15%، استجابة لضغوط مارسها أردوغان، وهذا أقلّ بكثير من معدل تضخم يبلغ نحو 20%، وأعلن استعداده لمزيد من الخفض.

وقلّص المصرف أسعار الفائدة بـ400 نقطة، منذ سبتمبر الماضي، في ما وصفه محللون بأنه خطأ سياسي خطر، في ضوء النتائج السلبية العميقة لهذا الخطوة، ونظراً إلى أن كل المصارف المركزية الأخرى تشدّد سياساتها المالية، أو تستعد لذلك.

ومارس أردوغان ضغوطاً على المصرف المركزي، للتحوّل إلى دورة تيسير قوية، يعتبر أنها تستهدف تعزيز الصادرات والاستثمار والوظائف، رغم ارتفاع التضخم إلى نحو 20% وتسارع انخفاض قيمة العملة، ما يؤثر بشدة في إيرادات الأتراك، بحسب "رويترز".

وقال الرئيس التركي، الاثنين، إن تركيا "ستخرج منتصرة" مما أطلق عليه "حرب الاستقلال الاقتصادي" التي تخوضها في الفترة الحالية، موضحاً في مؤتمر صحافي أنه يرى "مناورات تحاك بشأن سعر الصرف وأسعار الفائدة"، وأنه يفضل الاستثمار والنمو على سعر الفائدة المرتفع، وفق قوله. 

وأردف: "ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع سعر الصرف لا يؤثر بشكل مباشر على الاستثمار والإنتاج والتوظيف. فالتنافسية في سعر الصرف تؤدي إلى زيادة الاستثمار والإنتاج والعمالة"، مضيفاً: "إما أن نتخلى عن الاستثمار أو سنخاطر بمواجهة تاريخية من خلال الاستمرار في أولوياتنا الخاصة. ونحن كالعادة، اخترنا المواجهة". 

وشدد أن حكومته ستواصل مكافحة "الانتهازيين الذين يرفعون أسعار السلع بشكل مفرط مستخدمين ارتفاع سعر الصرف ذريعة". وتابع الرئيس التركي قائلا: "مصممون على فعل ما هو صحيح ومفيد لبلدنا من خلال التركيز على الاستثمار والإنتاج والتوظيف وسياستنا الاقتصادية الموجهة نحو التصدير، بدلاً من الحلقة المفرغة لأسعار الصرف العالية والفائدة المنخفضة".

"تجربة غير عقلانية"

إلى ذلك، دعا النائب السابق لحاكم المصرف المركزي التركي، سميح تومين، الذي أقاله أردوغان الشهر الماضي، إلى عودة فورية لسياسات تحمي قيمة الليرة. وكتب على "تويتر": "يجب التخلّي فوراً عن هذه التجربة غير العقلانية، التي ليست لديها فرصة للنجاح، وأن نعود إلى سياسات جودة تحمي قيمة الليرة التركية وازدهار الشعب التركي".

وذكرت "رويترز" أن الليرة هي الأسوأ أداءً في الأسواق الناشئة هذا العام، مضيفة أن ذلك يعود غالباً إلى ما يسمّيه محللون التيسير النقدي المتهوّر والسابق لأوانه، علماً أن الليرة سجّلت تراجعاً قياسياً مقابل اليورو، عند 13.4035.

ونقلت الوكالة عن تاجر في سوق العملات الأجنبية، قوله إن "فروق الأسعار تُظهر عدم وجود سيولة في السوق"، معتبراً أن تصريحات أردوغان هي السبب الأساسي في ذلك.

"أصول بلا قيمة"

عائد السندات القياسي لأجل 10 سنوات تجاوز 21%، للمرة الأولى منذ مطلع 2019. ومع تراجع الليرة، ارتفع مؤشر الأسهم الرئيس بنسبة 1.5%.

وأشار محللون إلى أن ثمة ضرورة قريباً، لرفع أسعار الفائدة بشكل طارئ، علماً أن تكهنات بشأن تعديل وزاري، يشمل وزير المال لطفي علوان، تؤثر في الأسواق أيضاً.

في المقابل، رأى مصرف "سوسييتيه جنرال" أن على المصرف المركزي التركي أن يرفع سعر الفائدة إلى نحو 19%، بنهاية الربع الأول من عام 2022.

ووَرَدَ في مذكرة أعدّها غيوم تريسكا، وهو محل بارز للأسواق الناشئة في شركة Generali Insurance Asset Management الإيطالية لإدارة الأصول المالية: "لا نرى قيمة في الأصول التركية حتى الآن. الاختلاف الأساسي عن فترات ضغوط السوق السابقة، يتمثل في التراجع المحدود من السلطات. ثمة إرادة واضحة لسوق ضعيفة في العملات الأجنبية".

ونبّهت "بلومبرغ" إلى أن الانخفاض السريع في قيمة العملة يؤدي إلى ارتفاع تكلفة السلع بالنسبة إلى الأتراك، ويثير أخطاراً على القطاع المصرفي. وأضافت أن قرار تركيا بخفض 4 نقاط مئوية من معدلات الاقتراض، منذ سبتمبر الماضي، هزّ الأسواق وأحبط المستثمرين الذين يشكون من أن سياستها النقدية باتت على نحو متزايد غير منتظمة ولا يمكن التكهّن بها.

وذكّرت الوكالة بأن شهاب قاوجي أوغلو هو الحاكم الرابع للمصرف المركزي التركي منذ عام 2019، بعدما أقال أردوغان أسلافه الثلاثة المباشرين، كما عزل أعضاء في لجنة السياسة النقدية في المصرف، عارضوا خفض أسعار الفائدة.

ونقلت عن بيوتر ماتيس، وهو محلل بارز لسوق العملات الأجنبية في InTouch Capital Markets، قوله: "السوق لا يثق كثيراً.. بأن الحاكم قاوجي أوغلو قادر على عكس تخفيضات أسعار الفائدة، لوقف تراجع الليرة وتجنّب عواقب أكثر خطورة".

اقرأ أيضاً: