
تبدأ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأربعاء، زيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة، تلتقي خلالها عدداً من كبار المسؤولين.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية المصرية، تأتي الزيارة ضمن جولة إلى المنطقة، بدأت الاثنين، تزور خلالها رئيسة المفوضية الأوروبية 4 دول، من بينها مصر وإسرائيل.
وكانت فون دير لاين في تل أبيب، الاثنين، رفقة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، حيث التقت وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، وفي اليوم التالي رئيس الوزراء نفتالي بينيت، وركزت اللقاءات وفق بيان للمفوضية على "التعاون في مجال الطاقة بشكل رئيسي". كما التقت المسؤولة الأوروبية الثلاثاء رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية.
وبالنسبة لرئيس الوزراء الإيطالي، تعتبر هذه الزيارة الأولى لمنطقة الشرق الأوسط منذ توليه منصبه العام الماضي، ومن المتوقع أن يجري مباحثات عن الطاقة والأمن الغذائي مع القادة الإسرائيليين قبل أن يلتقي اشتية في رام الله.
وأشارت وكالة الأنباء المصرية إلى أنه من المنتظر أن تتناول اللقاءات التي تعقدها فون دير لاين في القاهرة، العلاقات المصرية الأوروبية، والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وفي شأن ذي صلة، ستزور مفوضة شؤون الطاقة في الاتحاد الأوروبي كادري سيمسون، مصر، الثلاثاء، لعقد سلسلة لقاءات مع عدد من المسؤولين، بهدف بحث تعزيز التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة.
وتأتي زيارة كل من رئيسة المفوضية الأوروبية ومفوضة الطاقة إلى مصر، قبل أيام من اجتماع مجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي، 19 يونيو الجاري، في لوكسمبورج، برئاسة الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، ووزير الخارجية المصري سامح شكري.
ومن المنتظر أن يتم خلال الاجتماع اعتماد وثيقة أولويات الشراكة الجديدة بين الاتحاد الأوروبي ومصر حتى عام 2027.
صفقة منتظرة
من جهتها، قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية دانا سبينانت: "ترقبوا الإعلانات التي سنصدرها بشأن التعاون في مجال الطاقة مع إسرائيل وشركاء آخرين في المنطقة بينهم مصر".
وأضافت سبينانت: "بعد المباحثات في إسرائيل، ستكون مصر بالطبع محطة مهمة لمباحثاتنا حول الطاقة".
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استقبل مطلع الشهر الجاري، مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار والتوسع، أوليفر فارهيلي، في لقاء تناول تطورات القضايا الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها الأزمة الروسية-الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية على المستوى العالمي، خصوصاً في مجالات الطاقة والغذاء، بحسب بيان للرئاسة المصرية.
ونقلت صحيفة الأهرام المصرية الرسمية عن فارهيلي، قوله إن "الاتحاد الأوروبي على بعد أيام فقط من توقيع اتفاقية ثلاثية مع إسرائيل ومصر لتوريد الغاز"، موصحاً أنه "بموجب الاتفاقية الجديدة سيتم نقل الغاز من إسرائيل إلى الاتحاد الأوروبي بعد تسييله في مصر".
وقد وصف المفوض الأوروبي لسياسة الجوار مصر بأنها "مورد موثوق وطويل الأمد للطاقة لأوروبا".
وتابع قائلاً: "الاتحاد الأوروبي يأمل في استيراد ما لا يقل عن 17 مليار متر مكعب من الغاز"، لافتاً إلى أنه من المأمول توقيع الاتفاقية الثلاثية في زيارة مقررة لرئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين إلى القاهرة.
ولم تعلن الحكومة المصرية ولا المفوضية الأوروبية أي تفاصيل عن الاتفاقية المزمعة حتى الآن، إلا أن وثيقة اطلعت عليها وكالة "رويترز" أفادت بأن "شحنات الغاز ستشمل استخدام البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال في مصر، إلى جانب أن الاتفاقية من المقرر أن تمتد إلى 9 سنوات".
وتُرسي مسودة الاتفاق مبادئ تعزيز التعاون بين الأطراف الثلاثة، لكنها لا تحدد كمية الغاز التي يعتزم الاتحاد استيرادها أو أي جدول زمني للتوريدات.
وتُصدّر مصر بالفعل كميات صغيرة من الغاز للاتحاد الأوروبي ومن المتوقع أن تُزيد هي وإسرائيل الإنتاج والتصدير في السنوات المقبلة.
وأثار غزو روسيا لأوكرانيا إدانةً دولية وتحركاً من قبل مشتري الغاز الروسي لتأمين إمدادات بديلة، نظراً لاستيراد الاتحاد الأوروبي نحو 40% من احتياجاته من غاز روسيا للعام الماضي، وأقر الاتحاد خلال الشهر الحالي حظراً على معظم واردات النفط الروسي، في عقوبة تعتبر الأشد صرامة منذ بدء غزو أوكرانيا في فبراير الماضي.
غاز شرق المتوسط
في يناير عام 2019، دُشّن منتدى غاز شرق المتوسط، وهو تجمع لموردي الطاقة في منطقة شرق المتوسط، يضم 8 دول، من بينهم مصر وإسرائيل، وإيطاليا واليونان وفلسطين.
وتملك مصر محطتين لتصدير الغاز الطبيعي المسال، هما محطة "إدكو" شمال دلتا النيل، وتصل قدرتها إلى نحو (8 ملايين طن متري/سنة)، عبر وحدتين لإسالة الغاز الطبيعي، أما محطة "دمياط" بمحافظة دمياط المطلة على البحر المتوسط فتبلغ طاقتها الإنتاجية نحو (5 ملايين طن متري/سنة).
وبوسع المحطتين المصريتين تسييل الغاز القادم من أي دولة من دول الجوار وتعبئته فى ناقلات النفط العملاقة، ومن ثم شحنه إلى دول أوروبا المختلفة.
ويتراوح إنتاج مصر الحالي من الغاز الطبيعي بين (6.6 و6.7 مليار قدم مكعبة يومياً)، حيث تُصدّر مليار قدم مكعبة يومياً من الغاز، ومن المتوقع أن تزيد الكميات لأكثر من (1.5 مليار قدم مكعبة) يومياً خلال العامين المقبلين، بحسب تصريحات سابقة أدلى بها وزير البترول المصري طارق الملا لـ"الشرق".
وتوقعت وكالة "بلومبرغ" أن تُصدّر مصر (8.2 مليون طن) من الغاز الطبيعي المسال هذا العام، بسبب ارتفاع أسعاره الفورية في أوروبا، معتبرة أن ذلك قد يكون أعلى مستوى تصدير لمصر منذ عام 2009، بناءً على بيانات من المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية لشركة "بريتش بتروليوم".
ويقول مسؤولون بقطاع الغاز إن إسرائيل في طريقها خلال الأعوام القليلة المقبلة لزيادة إنتاجها من الغاز إلى مثليه ليبلغ نحو (40 مليار متر مكعب) عن طريق توسعة مشروعات وبدء الإنتاج من حقول جديدة.
وعبّرت إسرائيل عن أملها في التوصل إلى اتفاق لتوريد الغاز إلى أوروبا، وتدرس كذلك مد خط أنابيب لتصدير المزيد من الغاز لمصر.