حذرت الأمم المتحدة من أن مسلحي حركة "طالبان" يحشدون في أفغانستان، استعداداً لاستيلاء محتمل على البلاد بالقوة، مع خروج القوات الأميركية ووحدات حلف شمال الأطلسي، بحلول الـ11 من سبتمبر المقبل.
ووَرَدَ في تقرير أعدّته المنظمة الدولية أن المسلحين ما زالوا "متحالفين بشكل وثيق" مع تنظيم "القاعدة"، ويحشدون "قواتهم حول عواصم المحافظات الرئيسة ومراكز المقاطعات، ما يمكّنهم من البقاء مستعدين لشنّ هجمات".
وأضاف التقرير: "يبدو أن طالبان تستهدف مواصلة تعزيز مواقعها العسكرية، كوسيلة ضغط. وتعتقد بأنها تستطيع تحقيق كل أهدافها، من خلال التفاوض، أو بالقوة إذا لزم الأمر".
وأفادت وكالة "بلومبرغ"، بأن "طالبان" تعهدت للولايات المتحدة، في إطار اتفاق سلام أبرمتاه في الـ29 من فبراير 2020، بقطع علاقاتها مع "القاعدة" ومنع أي تنظيم "إرهابي" من استخدام الأراضي الأفغانية، ملاذاً آمناً.
ولفتت الوكالة إلى أن سعي الحركة إلى السلطة قد يشعل حرباً أهلية في دولة تشهد عنفاً منذ عقدين، وهذه نتيجة أعرب الرئيس الأفغاني أشرف غني مرات عن مخاوفه من حدوثها، فيما تستعد الولايات المتحدة لاستكمال سحب قواتها، بعد 20 عاماً على هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 التي نفذتها "القاعدة"، ودفعت واشنطن إلى غزو أفغانستان.
"حلّ عسكري"
واعتبرت الوكالة أن محاولات واشنطن للتوصّل إلى تسوية سلمية بين الجماعات المتحاربة في أفغانستان، كانت غير مجدية حتى الآن.
وذكّرت بأن محادثات أجرتها "طالبان" في الدوحة مع حكومة أشرف غني، منذ سبتمبر 2020، لم تحقق اختراقاً.
وكثفت "طالبان"، التي تسيطر على 50٪ إلى 70٪ من الأراضي الأفغانية، أو تقاتل لكسبها، هجماتها في كل أنحاء البلاد، متوسّلة العنف لدفع غني إلى قبول شروطها.
وأفاد التقرير بأن "دولاً أعضاء" في الأمم المتحدة نبّهت إلى أن اثنين على الأقلّ من قياديّي الحركة "يعارضان محادثات السلام ويفضّلان حلاّ عسكرياً".
ولفت التقرير إلى أن العام الماضي كان الأكثر عنفاً في سجلات الأمم المتحدة، إذ شهدت أفغانستان أكثر من 25 ألف حادث، بزيادة 10٪ عن عام 2019.
وارتفعت الحوادث الأمنية أكثر من 60٪، خلال الربع الأول من عام 2021، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
كذلك زادت عمليات القتل المستهدف لمسؤولين حكوميين، وناشطين مدافعين عن حقوق الإنسان، وصحافيين ونساء وزعماء دينيين، وفق "بلومبرغ".
وأعلنت الأمم المتحدة أن عمليات التجنيد في "طالبان" بقيت ثابتة، إذ تراوح عدد مسلحيها بين 58 و100 ألف.
وفي المقابل، استمرّ عدد عناصر القوات الأفغانية في التراجع، إذ تضمّ نحو 308 آلاف فرد الآن، وهذا أقلّ بكثير من الرقم المستهدف، البالغ 352 ألفاً.
واشنطن تسرّع انسحابها
ونُشر تقرير المنظمة الدولية، بعد إعلان وزارة الدفاع الأميركية الثلاثاء، أن انسحاب قواتها من أفغانستان نُفذ بشكل كبير الأسبوع الماضي، ليبلغ ما بين 30 و44% من مجمل العملية، التي بدأت رسمياً في الأول من مايو الماضي.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأسبوع الماضي، أن انسحاب قوات بلاده من أفغانستان يجري بوتيرة "أسرع بقليل" من الجدول الزمني المحدد لها.
وقال أوستن أمام مجلس النواب: "موازنتنا ستسهم في تنمية القدرات الجوية التي نحتاج إليها، لضمان عدم انطلاق أي هجمات إرهابية ضد بلادنا من هذا البلد. وسنرتقي بالعلاقات الثنائية مع شركائنا الأفغان إلى مستوى جديد".
وأشار إلى علاقات "ستساعد (الأفغان) باستمرار على أداء واجباتهم إزاء مواطنيهم، لكنها لن تتطلّب وجوداً عسكرياً أميركياً، إلا بالمقدار الكافي لحماية دبلوماسيّينا".
وجاءت تصريحات أوستن بعد يوم على تحذير "طالبان" الدول المجاورة لأفغانستان، من تشييد الولايات المتحدة قواعد على أراضيها، مشددة على أن مسلحيها سيُفشِلون "هذا الخطأ التاريخي".