
أكدت السعودية ومصر، الثلاثاء، رفضهما أي محاولات من أطراف إقليمية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، أو تهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها، وجددتا التأكيد على خطورة "السلوك الإيراني العدائي" تجاه دول المنطقة.
وأعلنت الدولتان، في بيان مشترك بمناسبة زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى المملكة، إدانتهما "محاولات المساس بأمن وسلامة الملاحة في الخليج العربي ومضيق باب المندب والبحر الأحمر"، مع التأكيد على أهمية "ضمان حرية الملاحة بتلك الممرات البحرية المحورية، وضرورة التصدي لأي تهديدات لها باعتبارها تشكل تهديداً للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استقبل الرئيس المصري في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، واصطحبه للقاء الملك سلمان، حيث جرت مراسم الاستقبال الرسمية في الديوان الملكي.
وعُقدت جلسة مباحثات رسمية بين ولي العهد السعودي والرئيس المصري، جرى خلالها استعراض العلاقات التاريخية الراسخة بين البلدين، والإشادة بمستوى التعاون والتنسيق، بحسب الوكالة، فضلاً عن بحث سبل تطوير وتنمية العلاقات في كافة المجالات، والتأكيد على وحدة الموقف والمصير المشترك تجاه مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وجاء في البيان، الذي بثته الوكالة، أن الأمير محمد بن سلمان والرئيس عبد الفتاح السيسي أكّدا العمل على تنسيق مواقفهما بما يخدم مصالحهما ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
كما أكدا على أهمية العمل العربي المشترك ودور جامعة الدول العربية، مشددين على مواصلة دعمهما لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأهمية التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لحل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
الاتفاق النووي الإيراني
وأكد الطرفان "خطورة السلوك الإيراني العدائي تجاه دول المنطقة"، وخطر امتلاك النظام لأسلحة الدمار الشامل على المنطقة والعالم، مطالبين بأن "أي اتفاق دولي بهذا الخصوص لا بد أن يتم بمشاركة دول المنطقة".
كما شددا على أهمية التعامل بشكل جدّي وفعّال مع الملف النووي والصاروخي لإيران بجميع مكوناته وتداعياته، بما يُسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتأكيد مبادئ حُسن الجوار واحترام القرارات الأممية والشرعية الدولية، وتجنيب المنطقة كافة الأنشطة المزعزعة للاستقرار.
وأكد الجانبان على أن الأمن العربي كلٌّ لا يتجزأ، وعلى أهمية العمل العربي المشترك والتضامن العربي الكامل للحفاظ على الأمن القومي العربي، بما لدى دوله من قدرات وإمكانات تؤهلها للاضطلاع بهذه المسؤولية.
وشددا على "رفض أي محاولات لأطراف إقليمية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، أو تهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها، سواء كان ذلك عبر أدوات التحريض العرقي والمذهبي، أو أدوات الإرهاب والجماعات الإرهابية، أو عبر تصورات توسعية لا تحترم سيادة الدول ومبادئ احترام حسن الجوار، واتفقا على مواصلة محاربة التنظيمات الإرهابية في المنطقة بكافة أشكالها".
وعبّرا عن ارتياحهما للجهود المبذولة في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، وجهودهما المشتركة في إطار عمل المركز الدولي لاستهداف تمويل الإرهاب.
اليمن والحوثي
كما أعربت السعودية ومصر عن "رفضهما لاستمرار الميليشيات الحوثية الإرهابية في تهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر"، وشددا على أنه "لا يمكن التغاضي عن امتلاك هذه الميليشيات الحوثية الإرهابية لقدرات عسكرية نوعية، لكونه تهديداً مباشراً لأمن المملكة العربية السعودية ودول المنطقة"، وأكد الجانبان حرصهما على تعزيز التعاون بين البلدين، خصوصاً في المجال العسكري وتعزيز العلاقات والشراكات الاستراتيجية.
وأشاد الجانبان بتوافق وجهات نظرهما حول مواصلة الجهود لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، يقوم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216).
وعبر الجانب المصري عن تضامنه الكامل مع المملكة في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها القومي، كما أكد رفضه أي اعتداءات على أراضي المملكة، مشدداً على أن أمن المملكة ومنطقة الخليج العربي يعد "جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري".
ونوه الجانب المصري بمبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني، ورحب الجانبان بإصدار مجلس الأمن الدولي القرار (2624) لعام 2022، الذي صنف فيه جماعة الحوثي "إرهابية"، إضافة إلى توسيع الحظر على إيصال الأسلحة إلى اليمن، ليشمل جميع أفراد جماعة الحوثي، كما أشاد الجانبان بدور مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في رفع "المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني".
سد النهضة
وأكد الجانب السعودي دعمه الكامل للأمن المائي المصري باعتباره "جزءاً لا يتجزأ من الأمن المائي العربي"، وحث إثيوبيا على التخلي عن سياستها، التي وصفها بـ"الأحادية"، اتصالاً بالأنهار الدولية، والالتزام بتعهداتها بمقتضى القانون الدولي بما في ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 2015، بما من شأنه عدم اتخاذ أي إجراءات أحادية في ما يخص ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وضرورة التعاون بحسن نية مع مصر والسودان للتوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل، اتساقاً مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر 2021.
ليبيا ومجلس النواب
أكد الطرفان على أهمية دعم دور مؤسسات الدولة الليبية واضطلاعها بمسؤولياتها، وثمنا إجراءات مجلس النواب، الذي وصفاه بأنه "الجهة التشريعية المنتخبة، والمعبرة عن الشعب الليبي الشقيق، والمنوط بها سن القوانين، ومنح الشرعية للسلطة التنفيذية، وممارسة الدور الرقابي عليها".
كما أكدا "ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا في مدى زمني محدد تنفيذاً لقرار مجلس الأمن رقم 2570 والمخرجات الصادرة عن قمة باريس ومؤتمر برلين 2 وآلية دول جوار ليبيا وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي".
وشددا على ضرورة استمرار لجنة 5+5 العسكرية المشتركة في عملها والتزام كافة الأطراف بوقف الأعمال العسكرية حفاظاً على أمن واستقرار ليبيا ومقدرات شعبها.
قضايا عربية
وأعرب الجانبان عن تمنياتهما بتشكيل حكومة عراقية تستمر في مواصلة العمل من أجل أمن واستقرار العراق وتنميته، والقضاء على الإرهاب ووقف التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية.
كما أكدا استمرار دعمهما لإنجاح المرحلة الانتقالية في السودان وأهمية الحوار بين الأطراف، وحماية وحدة الصف بين جميع مكوناته.
وجددا حرصهما على أمن واستقرار ووحدة الأراضي اللبنانية، وأكدا على أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى الحفاظ على عروبة لبنان وأمنه واستقراره، ودعم دور مؤسسات الدولة اللبنانية، وإجراء الإصلاحات اللازمة بما يضمن تجاوز لبنان لأزمته، "وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة وألا يكون مصدراً أو معبراً لتهريب المخدرات".
وفي الشأن السوري، أكد الجانبان أهمية الوصول إلى حل سياسي للأزمة في سوريا يحقق تطلعات الشعب، ويحافظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وأكدا ضرورة الحد من التدخلات الإقليمية في الشأن السوري.
إكسبو الرياض و"مناخ مصر"
كما أعرب الجانب المصري عن دعمه لترشيح السعودية لاستضافة الرياض لمعرض إكسبو الدولي 2030، ورحب بإطلاق المملكة مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، وأعربت عن دعمها لجهود المملكة في مجال التغير المناخي من خلال تطبيق منهج الاقتصاد الدائري للكربون.
في المقابل، رحبت السعودية باستضافة مصر للدورة الـ27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، وأعربت عن ثقتها في نجاحها باستضافة هذه المناسبة، وأكدت على أهمية التعاون المستمر للوصول لحلول شاملة وأجندة تدعم مصالح الدول النامية، وتعزيز سبل التعاون حول سياسات المناخ الدولية.
وعبر الجانبان عن تطلعهما لتعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك بما فيها الطاقة النظيفة وخفض انبعاثات الكربون من قطاع البترول والغاز، بما في ذلك من خلال تكنولوجيا التقاط الكربون وتخزينه واستخدامه وبناء الخبرات.
القطاع الخاص والهيدروجين
واتفق الجانبان على "تعزيز الشراكة الاقتصادية استثمارياً وتجارياً بين البلدين ونقلها إلى آفاق أوسع لترقى لمتانة العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين البلدين ومن خلال تحقيق التكامل بين الفرص المتاحة من خلال رؤية المملكة العربية السعودية 2030 ورؤية جمهورية مصر العربية 2030، بحسب البيان المشترك.
وأكد الجانبان عزمهما على مواصلة العمل لتمكين الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين وتشجيع الاستثمارات المتبادلة وتعزيزها في العديد من القطاعات المستهدفة بما في ذلك السياحة والطاقة والرعاية الصحية والنقل والخدمات اللوجستية والاتصالات وتقنية المعلومات والتطوير العقاري والزراعة.
ورحب الجانبان ببحث سبل التعاون في مجال الهيدروجين، وتطوير تقنيات نقله وتخزينه، فضلاً عن التأكيد على أهمية تعزيز التعاون في مجالات كفاءة الطاقة، والطاقة المتجددة، والابتكار والتقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، وتطوير التقنيات النظيفة لاستخدام الموارد الهيدروكربونية في تطبيقات متنوعة في المجال الصناعي والإنشائي، وتطوير المحتوى المحلي بالمساهمة في تحديد المنتجات والخدمات ذات الأولوية في مجال مكونات قطاعات الطاقة والعمل على توطينها لرفع الناتج المحلي، إضافة إلى تطوير رأس المال البشري، وكذلك بحث فرص التعاون في مجال التدريب وتنمية المهارات وتبادل الخبرات للمختصين في كافة أنشطة الصناعة البترولية.
وأكد الجانبان حرصهما على تعزيز التعاون وتطويره في الشأن الصحي والعلمي والتعليمي والبحث والابتكار والرياضي والسياحي والاجتماعي والثقافي، إضافة إلى الاتفاق على أولوية موضوعات التكيف وتعزيز القدرة على التعامل مع الآثار السلبية لتغير المناخ.