3 ملفات تهيمن على زيارة ماكرون المرتقبة للجزائر

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - AFP
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - AFP
الجزائر-أمين حمداوي

يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة إلى الجزائر، الخميس المقبل، في خطوة تهدف لبعث العلاقات الفرنسية الجزائرية، بعد شهور من التوتر.

وتحيط بالزيارة ملفات الذاكرة الخاصة بالحقبة الاستعمارية والقيود على التأشيرات للجزائريين، إضافة إلى مسألة زيادة إمدادات الغاز نحو فرنسا، وسط حالة من الترقب لما ستحمله الزيارة من نتائج تخص مستقبل علاقات البلدين.

وأعلن قصر الإليزيه، السبت، أن ماكرون سيزور الجزائر من 25 حتى 27 أغسطس الجاري "بهدف إعادة إحياء الشراكة بين البلدين".

وجاء في بيان للرئاسة الفرنسية، صدر بعد اتصال هاتفي بين ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبّون، أن "هذه الزيارة ستسهم في تعميق العلاقات الثنائية مستقبلاً وتعزيز التعاون الفرنسي الجزائري في مواجهة التحديات الإقليمية ومواصلة العمل على ذاكرة" فترة الاستعمار.

وتأتي الزيارة المرتقبة تلبية لدعوة من الرئيس تبون لنظيره الفرنسي لزيارة الجزائر في أبريل الماضي، بمناسبة إعادة انتخابه لولاية ثانية.

صفحة جديدة

ويرى عبد الوهاب يعقوبي عضو البرلمان الجزائري عن الجالية الجزائرية بفرنسا، أنه بحكم الروابط التاريخية والإنسانية التي تربط الجزائر وفرنسا، فإنه من مصلحة البلدين بناء علاقات ثنائية متوازنة وقائمة على علاقات الربح للطرفين.

وقال يعقوبي لـ"الشرق"، إنه لا بد من طي صفحة الخلافات الناتجة عن تصريحات الرئيس الفرنسي المسيئة للأمة والذاكرة الجزائرية حسب تعبيره، مشيراً إلى أن تحقيق ذلك مشروط بأن تكون فرنسا "قد تعلمت الدرس".

وفي أكتوبر 2021 استدعت الجزائر سفيرها في باريس للتشاور، كما حظرت على الطائرات العسكرية الفرنسية الناشطة في منطقة الساحل الإفريقي التحليق في مجالها الجوي؛ على خلفية تصريحات لماكرون قال فيها إنه لم تكن هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي عام 1830.

وبعد نحو 3 أشهر من استدعاء سفيرها محمد عنتر داود، قررت الجزائر إعادة سفيرها لفرنسا، بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان للجزائر في ديسمبر 2021، والتي دعا خلالها لإنهاء الأزمة الدبلوماسية الحادة بين البلدين وإطلاق حوار فعلي بينهما.

كما أصدر الإليزيه بيانات أكد فيها احترام ماكرون للأمة الجزائرية وتاريخها بعد تصريحاته التي اعتبرتها الجزائر "مسيئة ".

ورقة الذاكرة

ومن بين الملفات التي سيتم طرحها خلال زيارة ماكرون للجزائر، ملف الذاكرة الذي توليه الجزائر أهمية بالغة.

وقال رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير سيد أحمد تمامري لـ"الشرق"، إن الجزائر تترقب ما ستحمله هذه الزيارة من إجراءات يبادر بها الطرف الفرنسي لتسوية ملف الذاكرة، و"بعث جو من الثقة بين البلدين لبناء علاقات تراعى فيها مصالح الشعبين وتقوم على أساس احترام السيادة الجزائرية" وفق قوله.

وفي يوليو 2020، قررت الجزائر وفرنسا إنشاء لجنة مشتركة يترأسها عن الجانب الفرنسي بنجامين ستورا، بينما اختارت الجزائر المؤرخ عبد المجيد شيخي مستشاراً لحل قضايا الذاكرة العالقة.

وبناءً على هذا الاتفاق قدم المؤرخ بنجامين ستورا في يناير 2021 مقترحات تتضمن خطوات لتسوية ملف الذاكرة، دون تقديم أي اعتذار للجزائر وهو ما أثار ردود فعل متشائمة وغاضبة في أوساط الجزائريين.

واستعادت الجزائر رفات 24 من أبطال المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، بعدما كانت  حبيسة  "متحف الإنسان" بباريس لمدة تزيد على 170 عاماُ.

كما رفعت فرنسا السرية عن أرشيف التحقيقات القضائية الخاص بالثورة الجزائرية (1954 - 1962) قبل 15 عاماً من الموعد المقرر سابقاً

وفي المقابل، تتمسك الجزائر لتسوية ملف الذاكرة باعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية وتطالب باسترجاع كل رفات المقاومين "قدماء المحاربين ضد الاستعمار الفرنسي" واسترجاع الأرشيف الجزائري.

كما تطالب بتسوية ملف المفقودين، بالإضافة لمعالجة ملف التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية باستعادة خرائط أماكن نفايات التفجيرات النووية لتطهيرها، مع مطالب بتعويض المتضررين من التفجيرات النووية.

التأشيرات 

ومن بين أبرز الملفات الخلافية بين البلدين "ملف التأشيرات"، ففي سبتمبر 2021 قررت فرنسا خفض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى النصف، بحجة رفض الجزائر التعاون في ترحيل نحو 7 آلاف  مهاجر غير شرعي من فرنسا نحو أراضيها.

لكن الجزائر تنفي مبررات قرار فرنسا بخفض التأشيرات، فبحسب تصريح سابق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون فإن القائمة التي وردت الجزائر عام 2020، والقوائم الثلاث عام 2021، كانت تتضمن 94 حالة، تم قبول 21 منهم ورفض 16 حالة لأنهم على ارتباط بالإرهاب وهناك منهم حاملو جنسيتين ليس لديهم عائلة في الجزائر.

ويؤكد يعقوبي أنه "من المهم جداً طرح هذا الملف خلال هذه الزيارة لمعالجته بجدية بحكم العلاقات الإنسانية التي تجمع البلدين".

وتابع النائب عن الجالية الجزائرية بفرنسا قائلاً: "العلاقات الجزائرية الفرنسية لها خصوصيتها التاريخية التي ترجمتها اتفاقية إيفيان واتفاقية 1968 التي منحت الجزائريين امتيازات للتنقل والإقامة بين البلدين، لكن الواقع الذي نعيشه اليوم يشير إلى عكس ذلك".

إمدادات الغاز   

وفي ظل مساعي أوروبا لخفض اعتمادها على الغاز الروسي، يتصدر ملف الطاقة وإمكانية زيادة إمدادات الغاز نحو فرنسا أجندة زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر، وفق مراقبين.

وقال خلدون النبواني أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة السوربون لـ"الشرق"، إن فرنسا تنظر للجزائر كأحد أهم مصادر الطاقة القريبة من أوروبا لتعويض مخزون الغاز الروسي.

بدوره، اعتبر علاء بونجار الكاتب الصحافي المختص بالشأن الفرنسي، أنه يمكن لباريس أن تتفاهم مع الجزائر على القيام باستثمارات جديدة، لاكتشاف حقول جديدة من الغاز لزيادة إمداداتها وإمدادات الاتحاد الأوروبي، مضيفاً لـ"الشرق"، أن هذا التوجه مرتبط بتحسن العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين.

وفي السياق ذاته، تحدثت تقارير إعلامية عن مساعٍ أوروبية لإحياء مشروع خط أنابيب غاز ميدكات، الرابط بين فرنسا وإسبانيا، والذي تم إطلاقه في عام 2013، وجرى التخلي عنه في 2019 بسبب الخلافات  بين مدريد وباريس على  تمويله وكان يهدف لنقل الغاز من الجزائر إلى وسط أوروبا عبر إسبانيا  .

وأشارت تقارير إعلامية إسبانية إلى أن "مفتاح ازدهار مشروع ميدكات هو نجاح الوساطة الفرنسية لتسوية الخلافات الدبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا والمغرب، وهو ما يعزز إمكانية زيادة إمدادات الغاز نحو أوروبا.

تصنيفات