للتحرّر من "أسر" بريطانيا.. اسكتلندا تحدد موعد الاستفتاء على الاستقلال

time reading iconدقائق القراءة - 7
رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن تتحدث أمام البرلمان الاسكتلندي في إدنبرة - 28 يونيو 2022 - REUTERS
رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن تتحدث أمام البرلمان الاسكتلندي في إدنبرة - 28 يونيو 2022 - REUTERS
إدنبرة - الشرق

صعّدت رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجن خلافاً مع لندن، بإعلانها خططاً لتنظيم استفتاء ثانٍ بشأن استقلال اسكتلندا، العام المقبل، في تطوّر يجازف بإثارة اضطراب دستوري في المملكة المتحدة، إذ تعهدت باتخاذ إجراءات قانونية لضمان إجراء التصويت، إذا حاولت الحكومة البريطانية منعه.

تمثّل هذه الخطوة مجازفة كبرى في خلاف مديد، بين الحكومة المؤيّدة للاستقلال في إدنبرة، وحكومة بوريس جونسون في لندن، بشأن حق اسكتلندا في تنظيم استفتاء ثانٍ على الانفصال، بعد أكثر من ثلاثة قرون على تشكيل المملكة المتحدة، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وتعارض حكومة جونسون تنظيم استفتاء ثانٍ، وأعلنت مرات أن المسألة سُوّيت في تصويت أول نُظم في عام 2014. ولن يكون أي تصويت على الاستقلال في اسكتلندا ملزماً قانوناً، من دون أن تسمح به حكومة جونسون، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

واعتبر ناطق باسم جونسون أن الوقت ليس مناسباً للحديث عن استفتاء على استقلال اسكتلندا، مستدركاً أن الحكومة في لندن ستدرس بعناية اقتراح ستورجن. وقال: "موقفنا لم يتغيّر: أولوية (الحكومة البريطانية) والحكومة الاسكتلندية يجب أن تكون العمل سوياً، مع تركيز مستمر على الملفات التي نعلم أنها تهمّ الناس في كل أنحاء البلاد". وأضاف: "اتخذ الوزير الأول (ستورجن) قراراً، لذلك سندرس تفاصيل الاقتراح بعناية، وستنظر المحكمة العليا الآن في ما إذا كانت ستقبل" ذلك.

ورفض جونسون في السابق إصدار أمر "البند 30"، الذي يمنح البرلمان الاسكتلندي سلطة تنظيم استفتاء. واستبق رئيس الوزراء البريطاني تصريحات ستورجن، قائلاً إنه سيستمع إلى ما تقوله، ومستدركاً: "نعتقد بأن خطتنا لاقتصاد أقوى تعمل بشكل أفضل عندما تكون المملكة متحدة"، بحسب وكالة "فرانس برس".

"أسيرة لبوريس جونسون"

وأبلغت ستورجن البرلمان الاسكتلندي في إدنبرة الثلاثاء، أن أبرز المسؤولين القانونيين في الإقليم، المعروف باسم "اللورد أدفوكيت"، وتتولّى المنصب الآن دوروثي بين، أحالت مشروع قانون الاستفتاء، الذي ينصّ على تنظيم التصويت في 19 أكتوبر 2023، إلى المحكمة العليا في المملكة المتحدة، لتقرر ما إذا كان البرلمان الاسكتلندي يتمتع بسلطة التشريع لتنظيم استفتاء استشاري بشأن الاستقلال.

وقالت إنها ستطلب أولاً إذناً من حكومة المملكة المتحدة، لتنظيم التصويت عبر ما يُسمّى بأمر "البند 30"، رغم رفض جونسون، الذي يعتبر أن ذلك لا يمكن أن يحدث سوى "مرة واحدة في كل جيل".

وأضافت ستورجن أن الخطوة التالية تتمثل في "إثبات الشرعية بالواقع وليس بالرأي"، مشيرة إلى أنها ستكتب إلى جونسون لإبلاغه بخططها، وتوضيح أنها مستعدة وراغبة في التفاوض بشأن شروط كيفية تمتع الحكومة الاسكتلندية بالصلاحية لتنظيم استفتاء قانوني. وأضافت: "لكي تصبح اسكتلندا مستقلة بعد التصويت بنعم، يجب تمرير التشريع في برلمانَي المملكة المتحدة واسكتلندا".

وتابعت: "إذا تبيّن أنه لا توجد طريقة قانونية لهذا البرلمان لمنح شعب اسكتلندا خيار الاستقلال في استفتاء، وإذا واصلت حكومة المملكة المتحدة رفض أمر (البند 30)، فإن حزبي سيقاتل في الانتخابات العامة البريطانية (متسلّحاً ببرنامج يستند إلى) هذا السؤال الأوحد: "هل ينبغي أن تكون اسكتلندا دولة مستقلة"، بحسب "بلومبرغ".

هذا السؤال سيكون هو ذاته ذاك الذي طُرح في أول استفتاء نُظم في عام 2014، علماً أن الناخبين الاسكتلنديين رفضوا الاستقلال آنذاك، إذ أيّد 55% البقاء جزءاً من المملكة المتحدة. لكن حكومة اسكتلندا تعتبر أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، الذي عارضه معظم الاسكتلنديين، يعني وجوب طرح السؤال لتصويت ثانٍ.

وقالت ستورجن للنواب: "ما لست مستعدة لفعله، ما لن أفعله أبداً، هو السماح للديمقراطية الاسكتلندية بأن تكون أسيرة لبوريس جونسون أو أي رئيس وزراء" في لندن.

"شراكة حقيقية"

وتعتبر ستورجن أن نجاح "الحزب القومي الاسكتلندي" الذي تتزعمه، في الانتخابات المحلية العام الماضي، يمنحها تفويضاً بتنظيم استفتاء ثانٍ. وفي حين أن الحزب الاسكتلندي لم يفرض سيطرة شاملة على البرلمان الاسكتلندي، فإن انتخاب عدد قياسي من نواب حزب الخضر الاسكتلنديين، يعني وجود أغلبية للتصويت الجديد على الاستقلال، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

وقالت ستورجن قبل خطابها أمام البرلمان الاسكتلندي، في إشارة إلى لندن: "لا يمكن أن يستند حكم وستمنستر في اسكتلندا، على أي شيء آخر سوى الشراكة الطوعية المتفق عليها". وأضافت: "حان الوقت لمنح الناس الخيار الديمقراطي الذي صوّتوا له، ثم بالاستقلال لبناء دولة أكثر ازدهاراً وإنصافاً، في شراكة حقيقية بين اسكتلندا وأصدقائنا في بقية المملكة المتحدة".

"استفتاء مزعوم"

وتظهر استطلاعات الرأي أن ثمة شبه انقسام في اسكتلندا بشأن مسألة الاستقلال، لكن ناشطين في حزب ستورجن يدفعون في اتجاه تنظيم تصويت، بصرف النظر عمّا إذا كانت لندن توافق على ذلك.

وتسعى ستورجن (51 عاماً) وحلفاؤها إلى استقلال كامل عن المملكة المتحدة، من أجل السيطرة على الاقتصاد والسياسة الخارجية، والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ونشرت الحكومة الاسكتلندية هذا الشهر، أول ورقة في سلسلة من الأوراق بشأن الشكل الذي قد تبدو عليه اسكتلندا المستقلة، بما في ذلك اقتصادها وعلاقاتها الدولية وشؤونها المالية وعملتها، في تحديث لبيان صدر في عام 2014، من أجل إطلاق حملة جديدة قبل التصويت على استفتاء ثانٍ.

وأعلن حزب المحافظين الذي يتزعمه جونسون، وهو أكبر حزب معارض في البرلمان الاسكتلندي، أنه سيقاطع أي استفتاء يُدعى إليه من جانب واحد، علماً أن تصويت 2014 تم بعد نيل إذن قانوني من الحكومة المركزية في لندن.

واتهم زعيم حزب المحافظين الاسكتلندي، دوغلاس روس، ستورجن بأنها تفتقر إلى الجدية، لافتاً إلى أنه لن يشارك في "استفتاء مزعوم"، بحسب "بلومبرغ".

وانتقدت أحزاب المعارضة ستورجن، بسبب "هوسها" بتنظيم استفتاء ثانٍ على الاستقلال، معتبرة أن عليها التركيز، بدلاً من ذلك، على مسائل أكثر عملية، مثل معالجة ارتفاع تكاليف المعيشة.

لدى اسكتلندا، مثل ويلز وإيرلندا الشمالية، برلمانها الخاص وحكومتها المفوّضة، وتضع سياساتها الخاصة في الصحة العامة والتعليم ومسائل أخرى. لكن الحكومة البريطانية في لندن تسيطر على مسائل جوهرية، مثل الدفاع والسياسة المالية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات