حذر يفجيني بريجوجين، رئيس مجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية الخاصة، من أن روسيا قد تواجه ثورة مماثلة لثورة 1917 البلشفية، وتخسر الحرب في أوكرانيا، ما لم تتعامل النخبة بجدية مع الحرب.
وأشعل الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، أحد أكثر الصراعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وأكبر مواجهة بين موسكو والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962.
وقال بريجوجين إن أوكرانيا "تعد لهجوم مضاد يهدف إلى دحر القوات الروسية إلى حدود ما قبل 2014"، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم. وأضاف أن أوكرانيا "ستحاول محاصرة باخموت، وشن هجوم في القرم"، وفق ما نقلت "رويترز".
وكانت مجموعة فاجنر أعلنت السيطرة على مدينة باخموت بالكامل، والتي تركزت فيها أعنف المعارك بين الروس والأوكرانيين في الأشهر الأخيرة.
وهنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، مجموعة "فاجنر" على ما وصفه بأنه "تحرير" مدينة باخموت، والتي تطلق عليها روسيا اسم أرتيوموفسك الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية.
"النخبة الروسية تحمي أولادها من الحرب"
وأضاف بريجوجين في مقابلة نشرت عبر قناته على تيليجرام: "على الأرجح لن يكون هذا السيناريو في صالح روسيا، لذلك نحن بحاجة للاستعداد لحرب شاقة".
وتابع قائلاً: "نحن في وضع يمكن أن نخسر فيه روسيا.. هذه هي المشكلة الرئيسية.. نحن بحاجة إلى فرض أحكام عرفية".
وأشار إلى أن "النخبة الروسية تحمي أبناءها من المشاركة في الحرب، بينما يهلك أبناء عموم الشعب على الجبهة"، وهو وضع قال إنه "يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في روسيا".
وأكد أنه إذا "استمر المواطنون العاديون في استلام جثامين أبنائهم، بينما يستمتع أبناء النخبة بأشعة الشمس في رحلات بالخارج، فإن روسيا ستواجه اضطرابات على غرار ثورة 1917، التي أشعلت حرباً أهلية".
وسبق لبريجوجين أن هاجم كبار القادة في الجيش الروسي. ونشر في مطلع مايو الجاري، مقطعاً مصوراً يظهر فيه واقفاً في ميدان تتناثر فيه الجثث ويكيل السباب، متهماً بشكل شخصي كبار قادة الدفاع بالمسؤولية عن الخسائر التي تكبدها مقاتلو مجموعته في أوكرانيا، والذين قدرهم بـ"عشرات آلاف الضحايا والجرحى".
وصاح قائلاً إن المسؤولين عن نقص الذخيرة لقواته "سيذهبون إلى الجحيم"، قبل أن يقول إن خسائر فاجنر كانت لتكون أقل بخمس مرات لو كان يتم تزويدها بما يكفي من الذخيرة.
وبدأ بريجوجين عداوة علنية مع قادة الدفاع في العام الماضي متهماً إياهم بالافتقار إلى الكفاءة وبحرمان فاجنر من الذخيرة عمداً بدافع عدائهم الشخصي نحوه.
وفي فبراير الماضي، علقت وزارة الدفاع الروسية على انتقادات بريجوجين من دون أن تسمه، إذ ردت على ما أسمته بـ"مزاعم" منع توريد الذخيرة "لمتطوعين من مجموعة الهجوم الذين يقومون بمهام قتالية لتحرير مدينة أرتيموفسك (باخموت) في جمهورية دونيتسك الشعبية".
وقالت الوزارة في بيان، إن قيادة القوات المسلحة تهتم بتزويد "المتطوعين والعسكريين للوحدات الهجومية بكل ما يلزم"، مشيرة إلى أن قوات المدفعية تقدم الدعم الناري لقوات المتطوعين (فاجنر) في باخموت، كما يتم تنفيذ طلعات جوية لدعم هجوم المجموعة العسكرية.
وأوضحت الوزارة أن "جميع البيانات المزعومة التي تم الإدلاء بها نيابة عن الوحدات الهجومية حول نقص الذخيرة غير صحيحة على الإطلاق". وذكرت أنه بين 18 و20 فبراير الماضي تلقى مقاتلو فاجنر 1660 صاروخاً لمنصات إطلاق صواريخ متعددة، و10171 ذخيرة لمدفع مدفعي وقذائف هاون من العيار الثقيل، بالإضافة إلى 980 دبابة ذخيرة.
انتقادات داخلية لفاجنر
وهاجم عسكريون متقاعدون فاجنر في وقت سابق، إذ انتقد اللواء فيكتور سوبوليف عضو لجنة الدفاع بمجلس الدوما، الشركة قائلاً إنها "ليست مؤثرة في العمليات العسكرية كي تملي شروطها".
وقال سوبوليف إن العسكريين الروس الذين يختارون الانضمام إلى فاجنر "يواجهون خطر السجن لمدة تصل إلى 15 عاماً"، داعياً لوضع الشركة العسكرية الخاصة "تحت قيادة وزارة الدفاع".
ويرى الكولونيل المتقاعد فيكتور ليتوفكين، أن تصريحات بريجوجين تضر بالقوات المسلحة الروسية و"تقوض صورة العملية العسكرية الخاصة".
وقال الخبير العسكري الروسي لـ"الشرق"، إن "هناك دائماً اختلافات وتناقضات بين القادة العسكريين، لكنهم يتناقشون في المجلس العسكري، ويتخذ القرار والجميع ينفذه".
وأضاف أن "العملية العسكرية الخاصة" لن تتأثر بانتقادات أي شخص، ولا أحد يجبر بريجوجين على المشاركة، مضيفاً أن "الذي ذهب إلى أوكرانيا بناء على طلبه ليكسب المال".
وأشار إىل أن انتقاد بريجوجين لوزارة الدفاع "ناجم عن بعض الأسباب الشخصية لكنه لن يقوض الحملة العسكرية نفسها".
بدوره، قال المحلل السياسي أندري أونتيكوف لـ"الشرق"، إنه رغم التصريحات المتعددة فإن "فاجنر" تتلقى ذخيرة وأسلحة من الجيش الروسي. ويعتقد أن أحد مبررات ما يحدث هو "تضليل الجانب الأوكراني والولايات المتحدة".