انتخابات ألمانيا.. نتائج متقاربة تؤجل حسم حكومة ما بعد ميركل

time reading iconدقائق القراءة - 9
متابعة الانتخابات الألمانية من داخل مقر حزب المستشارة أنجيلا ميركل الاتحاد الديمقراطي المسيحي في برلين - 26 سبتمبر 2021 - Bloomberg
متابعة الانتخابات الألمانية من داخل مقر حزب المستشارة أنجيلا ميركل الاتحاد الديمقراطي المسيحي في برلين - 26 سبتمبر 2021 - Bloomberg
برلين/ دبي -وكالاتالشرق

أظهرت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية الألمانية الأحد، تقدم الاشتراكيين الديمقراطيين بفارق ضئيل على الأحزاب المنافسة، في وقت طالب زعيم الاشتراكيين أولاف شولتز بـ"تفويض واضح" لقيادة حكومة لأول مرة منذ عام 2005، وإنهاء 16 عاماً من الحكم الذي قاده المحافظون بقيادة أنجيلا ميركل.

وبحسب وكالة رويترز، فإنه في ظل إخفاق الكتل الرئيسية في الحصول على الأغلبية البرلمانية، إلى جانب تردد الاشتراكيين والمحافظين في تكرار "تحالفهما الكبير المحرج" في السنوات الأربع الماضية، فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي تشكيل تحالف ثلاثي يقوده أحد الفريقين.

وقد يستغرق الاتفاق على ائتلاف جديد شهوراً، ومن المرجح أن يشمل الخضر والديمقراطيين الأحرار الليبراليين.

وكانت استطلاعات سابقة أظهرت أن مرشح الاشتراكيين الديمقراطيين أولاف شولتز هو المفضل لمنصب المستشار بنسبة 45% من الناخبين، بينما كان مرشح المحافظين أرمين لاشيت مفضلاً بنسبة 20% فقط.

وبعد إعلان النتائج الأولية، قال كل من شولتز ولاشيت بشكل منفصل، إنهما يسعيان للتوصل إلى اتفاق ائتلافي قبل عيد الميلاد، دون الإشارة إلى إمكانية اتفاق كتلتيهما على تشكيل حكومة مشتركة.

ردود أفعال المرشحين

وفي ردود الأفعال الأولى بعد الإعلان عن النتائج الأولية، قال مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي أولاف شولتز (63 عاماً) "ستكون هذه أمسية انتخابات طويلة، لكن من المؤكد أيضاً أن الكثيرين وضعوا علامتهم بجانب حزبنا، لأنهم يريدونني أن أكون المستشار القادم لألمانيا".

وأضاف "نحن متقدمون في جميع الاستطلاعات الآن. إنها رسالة مشجعة وتفويض واضح. وأنا متأكد من أننا سنحصل على حكومة جيدة وعملية لألمانيا".

من جانبه قال مرشح المحافظين أرمين لاشيت (60 عاماً) "سنبذل قصارى جهدنا لتشكيل حكومة يقودها المحافظون، لأن ألمانيا بحاجة إلى تحالف موجه نحو المستقبل".

وأضاف "لا يتعلق الأمر بالحصول على أغلبية حسابية، بل جمع المواقف السياسية المختلفة لتشكيل ائتلاف. أنا مستعد لذلك. أريد (ائتلافاً) يكون فيه كل شريك مرئياً".

"حكومة يسارية خالصة"

وتُشير إحصاءات أوردتها وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ"، إلى أن أصوات الفئات الأصغر عمراً (الشباب) ذهبت إلى الليبراليين والخضر (22% ممن هم تحت الـ 30 صوتوا للخضر، و20% لليبراليين)، وفي المقابل ذهبت أصوات كبار السن للحزبين الكبيرين (35% ممن هم فوق الـ 60 صوتوا للاشتراكيين، و34% للديمقراطي المسيحي).

واعتبرت الوكالة أن هذه الإحصاءات قد تُعقد مفاوضات تشكيل الحكومة، حيث بات من الضروري "إقناع الأطفال بالعمل مع الأجداد".

أما من ناحية المستوى التعليمي، فقد ذهبت أصوات الحاصلين على تعليم أقل إلى الحزبين الكبيرين يميناً ويساراً، في حين ذهبت أصوات ذوي التعليم الأفضل والعالي للخضر والليبراليين.

وفي الولايات الشرقية (ألمانيا الشرقية سابقاً) حلّ حزب البديل اليميني المتطرف في المركز الثاني خلف الاشتراكيين، متفوقاً على الديمقراطي المسيحي بفارق كبير.

وأضافت الوكالة الألمانية، أنه وفقاً للنتائج الأولية الأحدث، فإن الحكومة المقبلة قد تكون يسارية خالصة، مؤلفة من الاشتراكي والخضر وحزب اليسار، لافتةً إلى أنه في حال فشل الأخير في تحقيق المطلوب في ظل تراجع نتائجه مقارنة بالانتخابات السابقة، فإن الحديث سيكون عن مدى قدرة الاشتراكيين (شولتز) أو الديمقراطيين (لاشيت)، على إقناع الخضر والليبراليين بالتحالف مع أحدهما، ليقود الحكومة ويقدم لألمانيا مستشارها الجديد، وذلك على الرغم  من صعوبة التوفيق بينها.

الأحمر يغطّي برلين!

وتمكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي من تجاوز الخضر بالنتائج الأولية لانتخابات برلين المحلية الأحد، فبعد أن مالت كفت الخضر خلال الساعات الأولى لفرز الأصوات، حصد الاشتراكي نحو 21.8% من أصوات الناخبين بالولاية، فيما كانت حصة الخضر 19.7%، أما حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فبلغت حصته 18.3%، واليسار 14%.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن 7.9% من الناخبين البرلينيين صوّتوا لحزب البديل من أجل ألمانيا، بينما صوّت 6.8% للحزب الديمقراطي الحر، في حين حصلت الأحزاب الأخرى مجتمعة على 11.5% من الأصوات، وقد تُمهد هذه النتائج الطريق أمام فرانسيسكا جيفي، لتصبح عمدة برلين، وثاني حاكمة بتاريخ الولاية والحزب بعد لويز شرودر سنة 1948.

محادثات استطلاعية

وأدلى الألمان بأصواتهم، الأحد، في أول انتخابات تغيب عنها أنجيلا ميركل منذ أكثر من عقد.

وبعد سنوات من ائتلافات مكونة من حزبين، يُحتمل أن تكون هناك حاجة إلى 3 أحزاب هذه المرة لتحقيق الأغلبية، وهو أمر شائع في البرلمانات الإقليمية في ألمانيا، لكنه ليس كذلك على المستوى الوطني منذ الخمسينيات من القرن الماضي.

وفي معظم الأنظمة البرلمانية، يرشح رئيس البلاد حزباً لتشكيل الحكومة، عادة ما يكون الحزب الذي فاز بأكبر نسبة من الأصوات، لكن في ألمانيا، يمكن لجميع الأطراف المشاركة في ما يعرف باسم "المحادثات الاستطلاعية".

وفي هذه المرحلة الأولية غير المحددة بمهلة، ليس هناك ما يمنع الأطراف من إجراء محادثات ائتلافية بشكل موازٍ، رغم أن التقاليد تنص على أن يقوم أكبر حزب بدعوة أصغر الأحزاب إلى المناقشات.

ودعا حزب الخضر إلى عقد مؤتمر حزبي، في 2 أكتوبر المقبل، ليقرر خلاله مع من سيجري محادثات استطلاعية.

وفي وقت سابق الأسبوع الماضي، قال أرمين لاشيت، من تحالف ميركل المحافظ، المؤلف من حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد الاجتماعي المسيحي، إن "الشخص الذي سيحصل على الأغلبية في البوندستاج سيصبح مستشاراً"، لافتاً إلى أن الطرف الذي يحتل المركز الثاني يمكنه أيضاً بدء المفاوضات.

اجتماعات حزبية

وعادة ما تبدأ المناقشات لتشكيل الحكومة الألمانية بمجرد ظهور النتائج، مع تطلّع كل من الطرفين إلى اكتشاف الخطوط الحمراء لدى الطرف الآخر، وتحديد ما إذا كان بإمكانهما العمل معاً.

وفي اليوم التالي للانتخابات، الاثنين، ستعقد الأحزاب اجتماعات قيادية، وسيعقد النواب المنتخبون حديثاً من كل حزب اجتماعاتهم الأولى الأسبوع المقبل، مع استعداد الحزب الديمقراطي الاجتماعي، والاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد الاجتماعي المسيحي للاجتماع الثلاثاء.

ويفترض أن يعقد البرلمان المنتخب حديثاً جلسته الافتتاحية في موعد لا يتجاوز 30 يوماً من عقد الانتخابات، ما يعني أنه سيكون قبل 26 أكتوبر المقبل.

مناقشة التفاصيل

وإذا اتفق حزبان أو ثلاثة من حيث المبدأ على الرغبة في تشكيل تحالف، ينبغي بعد ذلك بدء مفاوضات ائتلاف رسمية مع اجتماعات لمجموعات عمل مختلفة، لمناقشة القضايا المتعلقة بالسياسة.

وفي نهاية هذه المفاوضات، تُقرر الأحزاب من سيكون المسؤول عن أي وزارة وتوقع عقد ائتلاف، وهو وثيقة تحدد شروط الاتفاق.

وهذه المرحلة ليست محددة بمهلة زمنية أيضاً، وبذلك ستبقى الحكومة المنتهية ولايتها في مكانها حتى تشكيل الحكومة الجديدة.

ثُم تسمي هذه الأحزاب مرشحيها لمنصب المستشار، قبل التصويت الرسمي في "البوندستاج".

وعلى سبيل المثال، بعد الانتخابات الألمانية الأخيرة في ألمانيا في 24 سبتمبر 2017، جرى تأكيد تعيين ميركل رسمياً مستشارة، نتيجة ائتلاف بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد الاجتماعي المسيحي، والحزب الديمقراطي الاجتماعي في 14 مارس 2018.

أسوأ احتمال

وفقاً للمادة 63 من الدستور الألماني، على رئيس البلاد أن يقترح مستشاراً محتملاً على "البوندستاج"، فإذا لم يظهر تحالف بين الأحزاب، فقد يرشّح الرئيس فرانك- فالتر شتاينماير، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمنصب المستشارية، حيث يكون المرشح على الأرجح من الحزب الذي فاز بأكبر نسبة من الأصوات.

وبعدها يُصوت البرلمان في اقتراع سري، مع حاجة المرشح إلى الأغلبية المطلقة.

وإذا لم يحقّق ذلك، يُنظم تصويت ثانٍ بعد أسبوعين. وإذا لم تتحقق الأغلبية المطلقة أيضاً، يُجرى تصويت ثالث فوري تكفي فيه الأغلبية النسبية.

ثم يقرر الرئيس، ما إذا كان سيُعين المستشار رئيساً لحكومة أقلية، أو حل "البوندستاج" والدعوة إلى انتخابات جديدة.

وتم تجنب هذا السيناريو الأسوأ عام 2017، فبعد مواجهة طريق مسدود في المفاوضات، حثّ شتاينماير الأطراف على الاجتماع مجدداً، مع الضغط من أجل تجديد ما يسمى الائتلاف الكبير.

اقرأ أيضاً: